عند الدخول إلي قرية الأشمونين التابعة لمركز ملوى جنوب محافظة المنيا، تجد أصوات الطرق علي الحديد تعلو في إحدي الشوارع، وعندما تحاول البحث عن مصدر هذه الأصوات وتعتقد أن هناك مصانع تعمل، تجد هذه الأصوات صادرة من داخل ورشة صغيرة من قديم الزمان تعمل في مهنة على وشك الانتهاء والانقراض وهى تصنيع المانقير والفئوس الزراعية التى يستخدمها المزراعين في حقولهم الزراعية.
ورغم ظهور الآلات الحديثة إلا أن الفئوس تحاول الاحتفاظ بكيانها الذي أصبح ينخفض بشدة في كل سنة.
"أهل مصر" عاشت ساعات داخل هذه الورشة الصغيرة لتعرف كل ما يدور فيها بداية من شراء الحديد إلي تصنيعه إلي فئوس يستخدمها المزراعين في عملهم بالأرض الزراعية.
يقول محمد علي شادلي، صاحب أقدم ورشة تصنيع داخل قرية الأشمونين، إن هذه المهنة وراثة أبا عن جد منذ أكثر من 80 عاما، فهى مهنة العائلة ولا نعرف أي مهنة أخرى رغم المشقة فيها طوال اليوم، إضافة إلى الإصابات التى نتعرض لها أثناء العمل، ونسبة الخطر الكبير الذي نشاهده بشكل مستمر، حيث إننا نعمل بالآلات وعددها بسيط عكس الورش الحديثة التى يكون متوفر فيها معدات تساعد صاحب الورشة في تشكيل الحديد والمعادن.
نفاسة هواء ومطرقطين هم معدات الورشة
هذه المعدات الثلاثة كل ما تملكه ورشة الأسطي محمد لجلب المال الكافي الذي يقتسمه مع الشابان خالد ومحمود المساعدين الأساسين داخل الورشة، حيث تكون لكل شخص مهمة أثناء سن أو صناعة فأس، فيقوم محمد بوضع قطعة الحديد المراد تصنيعها داخل الفحم المشتعل عن طريق نفاسة الهواء حتى تصل إلي درجة الاحمرار، ثم استخراجها لتبدأ مهمة خالد ومحمود بالطرق على قطعة الحديد بالجواكيش الثقيلة بضربات متبادلة بينهما لا تتغير حتى لا يصاب أحد منهم عن طريق الخط،أ ثم يأخدها محمد بإحدى أدواته البسيطة ويضعها داخل الفحم مرة أخرى لاستكمالها وتعديلها مرة أخرى حتى تصبح فأس أو منقرة جاهزة للاستخدام ليتراوح سعر المنقرة من بين 70 إلي 100 جنيها حسب حالة الحجم المطلوب من الفلاحين أما عن التصليح فيكون سعر الفأس 40 جنيها.
الزبائن في مكان الانتظاريأتى الفلاحون إلى الورشة من كافة القرى المجاورة لشراء أو سن الفئوس والمناقير التى تعتبر مصدرهم في كسب لقمة العيش، حيث تجدهم من الساعة الواحدة ظهرا يستقلون طريقهم إلى الورشة بعد عودتهم من العمل في الأرض الزراعية لشراء فأس أو تصليح منقرة، وبعد الاتفاق مع صاحب الورشة على طلباتهم لا يجدون سوى الافتراش علي الأرض أمام الورشة لانتظار عمل الورشة من الانتهاء من الفأس الخاص بهم.
ويقول محمد علي، ان الورشة من أقدم الورش المخصصة لتصنيع الفأس والمنقرة وكل الفلاحين يعرفونها ولكن انخفضت نسبة الزبائن علي الورشة نظرا لوجود الجرارت الزراعية التى ساعدت في تخفيف الأعباء عن الفلاحين.
الزبائن من كبار السن
واختتم محمد علي حديثه قائلا، "إن أغلب الزبائن من كبار السن نتيجة ذهاب الشباب إلي القاهرة للعمل في مجالات أخرى غير الزراعة وأن مهنة تصنيع الفأس أصبحت في تراجع مستمر مع أنها من أقدم المهن في مساعدة الفلاحين لكن كل وقت وليه ظروفه"، مشيرا إلى أن نسبة الحركة مختلفة في موسم الشتاء عن الصيف، ففي الشتاء تنخفض الزبائن فتجد أصحاب الورش الأخرى يذهبون إلى القرى المجاورة بحثا عن الرزق والانتقال بأدوات الورشة حتى يسهل علي كبار السن الأمر.