يأتي موسم الحج وتجد هناك أناس كثر يودون تكرار زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا شئ لا أحد يستطيع أن ينكره بل جميع النفوس تتوق إلى ذلك.
ولكن الإسلام فيه ما يعرف بفقه الأولويات وهو ما يغفل عنه كثير من الناس في حياتهم فلا يصح مثلا أن تذهب إلى تكرار العمرة وهناك محتاج يسألك مالك فلا تعطيه، لذلك حملت وزارة الأوقاف على عاتقها هذه الأيام التذكير بهذه المعاني من خلال ندوات وخطب ولقاءات عدة حتى يتعلم الناس فقه الأولويات.
في هذا السياق أكد أحمد عبد السعيد أبو طالب، رئيس قسم الإرشاد الديني بمديرية أوقاف الجيزة، أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة تصرفت في النصوص بما يخدم مصالحها وأفكارها ، فقدمت الفرع على الأصل ، والمستحب على الواجب ، كل ذلك لتصل إلى أهدافها وغاياتها ، مبينًا أن مراعاة النظام وترتيب الأولويات هو من باب الفهم الكامل لجوهر الإسلام وعظيم مبادئه ، وقد أمر الله (عز وجل) به عباده الصالحين والمصلحين في كل زمان ومكان .
اقرأ أيضًا..ارتفاع في أسعار اللحوم قبل عيد الأضحى.. ومحمد وهبة: إقبال المواطنين السبب
وأضاف، أن من يريد الحج لأول مرة ينبغي أن يكون مستطيعًا فليس عليه أن يتكلف فوق طاقته ، وأنه إذا تعارض الحج مع أمر ضروري آخر كتزويج شاب يخشى على نفسه الوقوع في الحرام ، فعليه أن يقدم الزواج على الحج من باب ترتيب الأوليات ، فمن حج الفريضة يكون الحج من باب الرغائب والنوافل ، مبينًا أن حج النافلة له أجر وثواب ولكن هناك أعمال أعلى منه قدرًا ، وأعظم أجرًا عند الله |(تعالى) ، مثل : قضاء حوائج الناس ، وإطعام الجائع ، وكساء العاري ، وعلاج المريض ، وبناء المستشفيات والمدارس ، و قضاء دين الغارمين ، وتزويج اليتيمات ، وغير ذلك من وجوه الخير ، لذا ينبغي أن يقدم الإنسان العمل الأكثر نفعًا والأعظم أثرًا في المجتمع ، وأن يتنازل عن حظ نفسه طالما أنه يبتغي الثواب والأجر من الله( تعالى) ، وأن يقدم المصلحة العامة على مصلحته الخاصة ، وأن يعظم ما عظم الله (عز وجل).
وقال الشيخ محسن عبد الظاهر أحمد، مدير إدارة شمال الجيزة، أن الحج لأول مرة من أفضل العبادات حيث سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “إِيمَانٌ بِالله وَرَسُولِهِ ” قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ” جِهَادٌ فِي سَبِيلِ الله” قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “حَجٌّ مَبْرُورٌ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم ):” منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ”، أما حج النافلة فإن فقه الأولويات يقتضي تقديم فروض الكفاية على جميع النوافل بما فيها حج النافلة ، أو تكرار الحج والعمرة ، يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):” أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً ، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا ، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا”،
وشدد على أن قضاء الحوائج متسع ومتعدد ، وقد يكون صدقة جارية في إصلاح طريق، أو بناء جسر ، أو مشفى ، أو مدرسة ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ” إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ : مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” ، فقد فقال بشر بن الحارث عن رجل غني كثر صومه وصلاته مع شحه وبخله إنه لمسكين ، لقد ترك حاله ودخل في حال غيره ، إن واجبه إطعام الطعام وبناء الخيام ، فهذا أفضل من تجويعه لنفسه ، ومن جمعه للدنيا ومنعه للفقراء .
وتابع أن الأعمال التي يتسع نفعها ويعم خيرها على الآخرين لها فضل عظيم ، ولهذا هناك تفكير رشيد في الفكر الإسلامي ينظر إلى الموازنة بين العبادات وخيرها لاستخرج درجتها في الحكم والأداء .