قالت المحكمة العليا الأمريكية ليلة أمس الجمعة إن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تشرع في خطتها لاستخدام 2.5 مليار دولار من أموال وزارة الدفاع "البنتاجون" لإنجاز جزء من مشروع الرئيس ترامب الخاص ببناء جدار على طول الحدود الجنوبية مع الجارة المكسيك.
وذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية" نشرته على موقعها الإلكتروني، أنه بذلك قد وضع المحافظون في المحكمة العليا، حكم المحكمة الابتدائية لنادي سييرا كلوب وائتلاف المجتمعات الحدودية جانباً، ذلك الحكم الذي قضى بأن إعادة تخصيص أموال وزارة الدفاع ستنتهك القانون الفيدرالي.
جاء هذا القرار غير الموقّع استجابةً لتقديم طارئ من الإدارة الأمريكية خلال العطلة الصيفية للمحكمة. وقضت المحكمة العليا بأن الحكومة "قدمت في هذه المرحلة" ما يكفي من الحجج بما لا يترك مجالا للجهات المدعية للطعن في تحويل الأموال، ويسمح للرئيس باستخدام المبالغ فور انتهاء الإجراءات القضائية.
ووفقاً لتقرير الصحيفة الأمريكية، فإن الإجراء الذي اتخذته المحكمة العليا هو وقف للأمر الزجري الصادر عن محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة التاسعة، ولا تزال الدعوى مستمرة. تريد الإدارة الأمريكية الانتهاء من عقود العمل قبل انتهاء السنة المالية في 30 سبتمبر المقبل.
اقرأ أيضاً: بابا الفاتيكان: جدار واشنطن مع المكسيك من الكبائر
وصوت كلاً من رئيس القضاة "جون جي روبرتس جونيور" والقضاة "كلارينس توماس"، "صموئيل أليتو جونيور"، "نيل جورسش" و"بريت إم كافانو"، لرفع أمر الدائرة التاسعة. وصوت ثلاثة قضاة، هم "روث بدر جينسبرج"، "سونيا سوتومايور" وإيلينا كاجان"، لصالح حكم محكمة الاستئناف.
واقترح القاضي "ستيفن براير" حلاً وسطا لم يوقع عليه أحد، وهو السماح للحكومة بوضع اللمسات الأخيرة على العقود الخاصة بالمشروع دون البدء في البناء.
اقرأ أيضاً: "البنتاجون" يرضخ لترامب ويقر تحويل 1.5 مليار دولار لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك
وفي تغريدة بعد إعلان المحكمة العليا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هذا القرار يعد "فوزا كبيرا لأمن الحدود وسيادة القانون".
فيما أكدت المجموعات المعارضة لبناء الجدار على أن الدعوى لا تزال مستمرة.
وقال "درور لادن" المحامي في مشروع الأمن القومي لاتحاد الحريات المدنية في بيان: "هذا لم ينته بعد، سنطلب من محكمة الاستئناف الفيدرالية الإسراع في استئنافات جارية لوقف الأضرار الوشيكة التي لا رجعة فيها من جراء بناء الجدار الحدودي لترامب".
وأضاف لادن: "إن مبدأ الفصل بين السلطات في دستورنا سيتضرر بشكل دائم إذا ما تهرب ترامب من الأموال العسكرية التي نهبها من أجل بناء جدار حدودي هو في الأصل بمثابة كره للأجانب، فضلاً عن رفض الكونجرس له".
اقرأ أيضاً: "الشيوخ الأمريكى" يجدد رفضه لتمويل الجدار الحدودى مع المكسيك وترامب يهدد
كما انتقدت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، قرار ليلة أمس الجمعة، قائلة: "منذ أشهر، سعى الرئيس إلى تقويض استعدادنا العسكري والسرقة من رجالنا ونسائنا العسكريين لإهدار المليارات على جدار ليس له جدوى ورفض الكونجرس تمويله بشكل متكرر. وأضافت في بيان: "قرار المحكمة العليا بالسماح للرئيس ترامب بتحدي إرادة الكونجرس من الحزبين والمضي قدماً في عقود لإنفاق مليارات الدولارات على حائطه، يقوض الدستور والقانون".
وفي قرار صدر في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت لجنة الدائرة التاسعة أن الجمود بين الكونجرس وترامب بشأن هذه القضية دفع إلى أطول إغلاق حكومي في التاريخ. وقال القضاة إن الكونجرس أوضح نواياه من خلال تخصيص حوالي 1.4 مليار دولار فقط لتعزيز حماية الحدود.
وبعد قرار الكونجرس هذا العام، أعلن ترامب عن خطط لاستخدام أكثر من 6 مليارات دولار مخصصة في الأصل لأغراض أخرى لتمويل الجدار، هذا الوعد الذي قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية.
رفع المدافعون عن البيئة وائتلاف مجتمعات الحدود الجنوبية دعوى على الفور لمنع تحويل الأموال في سبيل بناء الجدار. وقدم الديمقراطيون في مجلس النواب مذكرة موجزة تدعمهم.
أخبر المدعي العام الأمريكي "نويل فرانسيسكو" المحكمة العليا أن قرار الدائرة التاسعة كان خطأ. وكتب فرانسيسكو: "الأساس الوحيد للأمر الزجري الخاص بمحكمة الاستئناف يعتمد على قراءة خاطئة للنص القانوني".
وقال فرانسيسكو إن الجهات الخاصة قد لا تتحدى عملية التحويل. وأضاف أنه حتى إذا أمكنهم ذلك، فإن "مصالحهم في السير لمسافات طويلة ومشاهدة الطيور والصيد في ممرات مخصصة لتهريب المخدرات لا تفوق الضرر الذي يلحق بالشعب الأمريكي من جراء وقف جهود الحكومة لبناء حواجز لمنع تدفق المخدرات غير المشروعة عبر الحدود الجنوبية".
وقال "أليكسي وولتورنيست"، المتحدث باسم وزارة العدل، أمس الجمعة: "نحن سعداء لأن المحكمة العليا اعترفت بأنه لا ينبغي للمحاكم الدنيا أن توقف بناء الجدران".
وعلى الرغم من أن المحكمة العليا قد تناثرت بسبب العطلة الصيفية، إلا أن المحكمة تواصل النظر في طلبات الطوارئ وتتخذ القرارات على أساس موجزات. كان دليل الأغلبية ناقصاً في الحكم القصير الذي أصدرته، لكن يبدو أنها اتفقت مع فرانسيسكو على القانون الذي يحكم تحويل الأموال داخل الحكومة.
وأضاف "وولتورنيست"، في سياق تسويغه موافقة المحكمة العليا على طلب إدارة ترامب: "من بين الأسباب أن الحكومة قدمت عرضاً كافياً في هذه المرحلة بأن المدعين ليس لديهم سبب لاتخاذ إجراء للطعن في تحويل الأموال".
ستحول وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" مبلغ 1.5 مليار دولار إضافي للمساعدة في تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك الذي اقترح ترامب إنشائه.
وتم تحويل الاعتمادات من أموال موظفي وزارة الدفاع استجابة لطلب من وزارة الأمن الداخلي. يسمح القانون الفيدرالي بمثل هذه التحويلات لأسباب "غير متوقعة" وللنفقات التي لم "يرفضها الكونجرس من قبل".
وتزعم الإدارة الأمريكية أن الكونجرس لم يرفض النفقات المحددة محل النقاش، والتي ستمول مشاريع في ولايات كاليفورنيا ونيو مكسيكو وأريزونا.
أخبر المعارضون للقرار المحكمة العليا أن الكونجرس كان واضحًا في نيته بشأن رفضه للمشروع.
وقال المحامون في اتحاد الحريات المدنية الأمريكي: "لقد نظر الكونجرس مؤخرًا في نفس الحجة التي طرحها المدعى عليهم (الحكومة) هنا، ورفضها، وهي أن هناك حاجة ماسة إلى جدار حدودي لمكافحة المخدرات".
وأضافوا: "إذا سُمح للمدعى عليهم مع ذلك بتحويل أموال دافعي الضرائب وبدء البناء، فسيتم تغيير الوضع الراهن بشكل جذري ولا رجعة فيه". ووافق موجز مجلس النواب الأمريكي على ذلك.
وقال براير، القاضي الوحيد الذي يكتب بالتفصيل حول هذه القضية، إن القضية "تثير أسئلة جديدة ومهمة حول قدرة الجهات الخاصة على فرض سلطة الكونجرس على الاعتمادات. ولا أود الآن التعبير عن رأي آخر بشأن الأسس الموضوعية لهذه الأسئلة".
لكنه أضاف أن قرار أغلبية أعضاء المحكمة العليا قد يسمح للحكومة "بالبدء في بناء حاجز حدودي من شأنه أن يتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه للبيئة" وللمعارضين للقرار.
وتابع: "إن رد الحكومة الوحيد على ادعاء وجود ضرر لا يمكن إصلاحه، هو أنه إذا ساد رأي المعارضين للقرار في النهاية، فقد يتم إزالة الجدار الحدودي. لكن هذا يحمل فقط القليل من الراحة؛ لأن الأمر لا يتعلق فقط بفكرة وجود حاجز، ولكن عملية البناء نفسها (التي من المفترض أن يتم تدميرها لاحقًا) هي التي تساهم في إصابة المعارضين".
بعد قرار الدائرة التاسعة الصادر في 3 يوليو الجاري، تحرك فرانسيسكو بسرعة لمطالبة المحكمة العليا بحل أمر المحكمة الأدنى. وطلب من القضاة أن يحكموا بحلول يوم الجمعة، حتى يتوفر لوزارة الدفاع الوقت لوضع اللمسات الأخيرة على عقود البناء قبل نهاية السنة المالية. وقال: "وإلا فإن الأموال المتبقية غير الملتزم بها ستصبح غير متوفرة". فيما أكد المعارضون أن الأموال لم تكن متوفرة بالفعل.
وأفاد الموجز المقدم من مجلس النواب الأمريكي بإن الأموال لن تضيع، ولكنها ستعود ببساطة إلى الخزانة، وستكون الإدارة الأمريكية لها كامل الحرية في تقديم طلبها مرة أخرى إلى الكونجرس.
وأضاف الموجز أنه لم يكن هناك اندفاع، حيث "يبدو أن الإدارة أكملت فقط 1.7 من 95 ميلا من السياج الحدودي الذي وافق عليه الكونجرس وخصص له الأموال في السنة المالية 2018".
واختتم التقرير أن "القضية كلها تتمثل في صراع قائم بين ترامب ومحكمة الاستئناف، وآخرون".