ماذا تريد "طالبان"؟.. تتفاوض للسلام مع أمريكا في قطر وتهاجم "قندوز" بأفغانستان.. و"بي بي سي": العدوان يحمل رسائل عدة

في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة سعيها لإبرام اتفاق مع حركة طالبان الأفغانية بشأن إنهاء أطول حرب تخوضها أمريكا، شنت الحركة هجوماً واسع النطاق على مدينة استراتيجية شمال أفغانستان.

وقالت الحكومة الأفغانية، اليوم السبت، إن الحركة المتمردة شنت هجومًا جديدًا على واحدة من أكبر مدن أفغانستان، وهي مدينة قندوز، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه الجماعة المتمردة مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لإنهاء أطول حرب أمريكية.

وبحسب صحيفة "الجارديان"البريطانية، فإن المتشددين، الذين طالبوا جميع القوات الأجنبية بمغادرة البلاد، يسيطرون على ما يقرب من نصف أفغانستان وهم في أقوى حالاتهم منذ هزيمتهم عام 2001 بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.

لا يزال هناك حوالي 20 ألف من قوات الولايات المتحدة وحلف الناتو في أفغانستان بعد إنهاء دورهم القتالي رسميًا في عام 2014؛ حيث يواصلون تدريب ودعم القوات الأفغانية التي تقاتل حركة طالبان وفرع محلي لتنظيم داعش الإرهابي.

وقال المتحدث باسم الرئاسة، صديق صديقي، إن قوات الأمن الأفغانية صدت الهجوم في بعض أجزاء المدينة، والتي هي معبر استراتيجي يسهّل الوصول إلى جزء كبير من شمال أفغانستان وكذلك العاصمة كابول التي تبعدها بحوالي 335 كيلومتراً.

وأضاف "صديقي" على تويتر: "كما هو الحال دائمًا، اتخذت طالبان مواقع في المناطق المدنية".

اقرأ أيضاً: أفغانستان تصفّي 15 مسلحا من "طالبان"

من جانبه، قال عضو مجلس المدينة غلام رباني رباني لوكالة "أسوشيتيد برس"، إن طالبان كانت تسيطر على مستشفى المدينة، وأصيب أفراد من كلا الجانبين خلال القتال المستمر. فيما لم يستطع "رباني" إعطاء رقم دقيق.

إلى ذلك، قال سيد سرور الحسيني، المتحدث باسم قائد شرطة المدينة، إن حركة طالبان شنت "الهجوم الضخم" من عدة نقاط مختلفة في جميع أنحاء المدينة خلال الليل. مضيفاً: "يمكنني أن أؤكد أن معارك عنيفة بالأسلحة تدور حول المدينة، لكن طالبان لم تكن قادرة على تجاوز أي نقطة تفتيش أمنية".

وأكد الحسيني أن التعزيزات وصلت إلى المدينة وكانت القوات الجوية الأفغانية تدعم القوات البرية.

ونقلت وسائل إعلام عن "خال الدين"، أحد سكان المدينة الذي يحمل اسمًا أفغانيًا، قوله: "المدينة خالية تمامًا، والمحلات مغلقة، والناس لا يتحركون، ويمكن سماع دوي أسلحة ثقيلة في عدة أجزاء من المدينة".

بدوره، وصف المتحدث باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، في تغريدة له على مواقع "تويتر"، الهجوم بأنه "واسع النطاق".

اقرأ أيضاً: "ترامب" يؤكد على إبقاء قوات أمريكية في أفغانستان حتى بعد التوصل لاتفاق مع "طالبان"

ولاحقاً، قال فؤاد أمان، نائب المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، وفقاً لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن المواجهات المسلحة بين المتمردين والقوات الأفغانية خلفت عشرات القتلى في صفوف طالبان، مضيفاً أن القوات الجوية الأفغانية ردت بضربات جوية، مؤكداً أن تلك القوات طهرت قندوز من مقاتلي طالبان بحلول مساء اليوم السبت، على الرغم من استمرار القتال في ضواحي المدينة.

وأوضح "أمان" أن 36 من مقاتلي طالبان قتلوا وأصيب 10 آخرون فيما استسلم 32. ولكنه نفى أن يكون لديه تفاصيل حول الخسائر البشرية بين المدنيين.

ومن جانبها، أكدت فاطمة عزيز، النائبة بالبرلمان الأفغاني عن ولاية قندوز، لـ"سي إن إن"، إن القتال العنيف مستمر في أجزاء مختلفة من المدينة منذ الساعة 1:30 بالتوقيت المحلي. وقالت إن الكهرباء والمياه وأنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية تعطلت في المدينة، وإن الكثير من الناس محاصرون. لكنها أضافت أن عددا صغيرا من المدنيين تمكنوا من الفرار من المدينة إلى المناطق المجاورة. وأفادت بأن هناك تقارير عن خسائر في صفوف المدنيين، لكنها لم تكن تعرف عدد الضحايا.

اقرأ أيضاً: مندوبي واشنطن وطالبان ينتهون من صياغة اتفاق السلام

من جانبها، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية الـ"بي بي سي"، بأن هذا الهجوم يحمل إشارات كثيرة، فبالنسبة لمقاتلي طالبان، إنها لحظة لإظهار براعتهم العسكرية وهم يتحدثون عن السلام مع الولايات المتحدة ويستعدون للمفاوضات الأفغانية الحساسة.

وبالنسبة للحكومة الأفغانية، التي حشدت قوات النخبة بسرعة، تبرز هذه المواجهة قدرتها على الرد، والتي من المتوقع أن تسود في نهاية المطاف.

وترى الـ"بي بي سي" أنه وفي خضم المعركة، فإن صورة الوزراء الأفغان رفقة الجنرال بالجيش الأمريكي أوستن ميلر، قائد بعثة حلف الناتو والولايات المتحدة في أفغانستان، تؤكد على التزام واشنطن المستمر بعلاقتها بكابول حتى أثناء التفاوض على اتفاق تاريخي مع "طالبان" يعزز مكانة هذه الحركة.

ولكن بالنسبة للعديد من الأفغان، وخاصة السكان القلقين في قندوز المحاصرة، فإن هذه المواجهة هي لحظة مؤلمة أخرى تزيد من المخاوف من أن السلام لا يزال بعيد المنال. فصفقة الولايات المتحدة وطالبان، والتي يقال إنها وشيكة للغاية، والتي لن تشمل وقف إطلاق النار- هي واحدة من العديد من القضايا المتعلقة بمحادثات أكثر صعوبة بين الأفغان في الداخل.

اقرأ أيضاً: ضرها أكبر من نفعها.. محادثات أمريكا مع "طالبان" قد تنهي الاحتلال لكنها تنذر بحرب أهلية جديدة في أفغانستان.. و"التايمز": داعش هو المستفيد

إن استمرار "طالبان" في شن هجمات دامية على المدنيين وقوات الأمن يأتي بشكل متزامن مع اجتماع قادتهم بمبعوث سلام أمريكي في دولة قطر؛ للتفاوض على إنهاء حرب استمرت قرابة 18 عامًا. 

وكان من المتوقع أن تستمر المحادثات اليوم السبت، بعد أن أشار كلا الجانبين خلال الأيام الأخيرة إلى أنهما على وشك التوصل إلى صفقة.

تسعى الولايات المتحدة، من جانبها، للحصول على ضمانات من "طالبان" بأن أفغانستان لن تكون منصة إطلاق للهجمات الإرهابية مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة من قبل تنظيم القاعدة. حيث كانت حكومة طالبان تؤوي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

اقرأ أيضاً: صحيفة تكشف عن انشقاقات داخل "طالبان" بسبب مفاوضاتها مع أمريكا

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن العديد من الأفغان يشعرون بالقلق من أن الرحيل المفاجئ للقوات الأجنبية سيجعل القوات الأفغانية عرضة للخطر ويزيد من قوة حركة طالبان، التي تصور بالفعل أي انسحاب أمريكي على أنه انتصارا لها.

كانت حركة طالبان استولت على قندوز، الواقعة في قلب منطقة زراعية كبيرة بالقرب من دولة طاجيكستان، لمدة أسبوعين تقريباً عام 2015 قبل أن تنسحب إثر هجوم أفغاني مدعوم من حلف شمال الأطلسي "الناتو". ولكن المتمردين اندفعوا إلى وسط المدينة بعد ذلك بعام، ورفعوا علمهم لفترة وجيزة قبل طردهم تدريجياً مرة أخرى.

هذا ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية في أفغانستان أواخر سبتمبر المقبل، والتي أصر الرئيس أشرف غني، الذي سيتولى فترة رئاسية ثانية، على أنها ستُجرى في موعدها، على الرغم من أن أكبر منافسيه، كبير الإداريين التنفيذيين في أفغانستان، عبد الله عبد الله، قال في اجتماع حاشد هذا الأسبوع إنه سيكون على استعداد "للانسحاب من الانتخابات_ التي تم تأجيلها مرتين_ في سبيل تحقيق السلام".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً