يقول عباس العقاد "فهل العدل هو المساواة؟ وهل المساواة مرادفة للعدل في معناها؟ بعض المساواة عدل لاشك فيه، وبعضها ظلم لا شك فيه، لأن مساواة من يستحق بمن لايستحق هي الظلم بعينه، والمساواة بين جميع الأشياء هي العدم المطلق."
من المهم التفريق بين معنى "العدل" ومعنى "المساواة" فلا يصح الخلط بينهما، فالعدل يعبر عن الإنصاف ومعاملة الناس بشكل متساوٍ، وعدم الإنحياز لفريق دون الآخر، أو تعريضه للظلم أو التعامل معه بعنصرية، وذلك من خلال سن القوانين الإجتماعية والسياسية والجنائية، والتي من شأنها تحقيق الإنصاف بين أفراد المجتمع في مختلف المجالات، وذلك بغض النظر عن أجناسهم وأعرافهم، والقضاة يحكمون بالعدل لرد الحقوق لأصحابها وإنصاف المظلوم وإنزال العقوبة على المسئ، فالعدل من اسمى معاني البشرية وهو طاعة ربانية يجازي الله بها عباده.
أما المساواة فهي التوزيع لشئ ما أو لحق ما بالتساوي، والمساواة يمكن إعتبارها من المفاهيم المكمّلة لمفهوم العدل ظاهرياََ، فهي مشروطة بوقوع العدل، إن تحققت في المجتمع ضمنت توزيع الحقوق لجميع أفراد المجتمع بشكلٍ متساوٍ في الحقوق السياسية والثقافية والإقتصادية دون التمييز بين الأفراد، وهي من أهم المبادئ التي يمارسها الإنسان في بيئته ومجتمعه.
ولكن لابد من معرفة أن المساواة ليست عدلاََ في أغلب الحالات، فالمعلم الذي يعطي لجميع طلابه درجة واحدة في الإمتحان ليس عادلاََ، فهنا قد يكون حقق المساواة، لكنه كان ظالماََ للطلاب المتفوقين، كذلك الطبيب لو وصف دواءََ واحداََ لجميع مرضاه وبمقدار متساوي لجميع المرضى، فهذه المساواة بين المرضى هي ظلم قطعاََ بالنسبة لبعض المرضى.
وأخيراََ أياََ كانت معايير الإختلاف بين المصطلحين، فالأكيد هو أنهما ضروريان لتحقيق الإستقرار والطمأنينة في نفوس البشر، وهو ما لخص معناه العقاد في مقولته "لا عذاب للنفس أنكأ من شعورها بالنقص، ولا نعيم لها أنعم من شعورها بالرضوان."