لا أنكر إعجابي الشديد بشخصية وفكر وأداء الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، ولكن في السطور التالية سأتناول مثال صارخ علي ما تعاني منه غالبية المؤسسات في مصر وكيفية إدارة الأزمة التي عادة ما تكون متأخرة.
العام الدراسي الجديد، بدأ في 11 سبتمبر الماضي لطلاب مرحلة رياض الأطفال والصفين الأول والثاني الابتدائي، بينما بدأت باقي الصفوف الدراسية في 21 سبتمبر مع المرحلة الحامعية، وأنا أكتب هذه السطور اليوم الثلاثاء الموافق 8 أكتوبر، أي بعد مرور 28 يوما علي بداية العام الدراسي الجديد.
المثير والغريب في الأمر وهو ما جعلني أكتب هذا المقال، هو المؤتمر الصحفي الذي عقده الدكتور طارق شوق وقيادات وزارة التعليم، أمس الإثنين، وبعد مرور 28 يوما علي بدء العام الدراسي الجديد، للإعلان عن إطلاق أكبر بوابة للتوظيف بالوزارة، والبحث عن 120 ألف معلم للتعاقد لمدة عام، وأن البوابة الإلكترونية مفتوحة لأي شخص يرغب في العمل التطوعي في مجالات التعليم!، وأن الأفضلية للمعلمين المؤقتين الذين تم قبولهم في مسابقة العام الماضي وهم غير مطالبين بتقديم أوراق مرة أخري.
والسؤال الذي أطرحه ويطرحه الكثيرين: هل تفاجأ الوزير وقيادات الوزارة بأن المدارس تعاني من عجز شديد في المعلمين بعد مرور 28 يوم علي بداية الدراسة؟. وأين كانت الوزارة خلال الثلاث شهور التي سبقت الدراسة وهي إجازة الصيف؟، حتي لا أظلم وألقي بالمسئولية علي وزير التعليم وحده، أعلم تماما أن الأمر فوق سلطاته وفي يد مجلس الوزراء ومجلس النواب أيضا مسئول مسئولية كاملة، وللأسف الشديد ما حدث ويحدث في أزمة نقص المعلمين يؤكد أن مجلس الوزراء لا يضع التعليم علي أولي أجنداته، وذلك لأنه لو كانت علي أولي أجنداته كان سيوفر الميزانية الكافية لسد عجز المعلمين في المدارس.
وفكرة أن تعلن الوزارة فتح باب التطوع لمن يرغب في العمل في مجالات التعليم، هذا أمر مثير للدهشة، ويعتبر تقليل واستهانة بالأزمات الحقيقية التي تواجه المدارس والتي علي رأسها عجز المعلمين، وغير منطقي أن تواجه مؤسسة حكومية أزمة نقص المعلمين بهذه الطريقة!، ولاحظت اليومين الماضيين أولياء أمور أعلنوا استعدادهم للتطوع وبعضهم بدأ بالفعل، فهل وصل بنا الأمر لهذه الطريقة؟!.
الوزارة العام الماضي أعلنت عن مسابقة للمعلمين والاستعانة بهم خلال كل فصل دراسي فقط، ثم تم الاستغناء عنهم، بحجة عدم وجود ميزانيات وموارد، بطريقة توصف بـ"نظام الفهلوة". إذا كانت الدولة جادة في الإهتمام بالتعليم، فيجب عليها توفير الميزانيات الكافية لحل الأزمات التي تواجه المدارس وعلي رأسها أزمة عجز المعلمين، وأعلم أن الدولة تعاني من أزمات إقتصادية، ولكن "إذا أردنا الحل سنستطيع".