"معركة الإمام".. الشعراوي بين "تطرف المنتقدين" و"مغالاة المقدسين".. كريمة: منتقدو إمام الدعاة "أقزام".. وعمرو فاروق: كل يؤخذ منه ويرد ومن حقنا مراجعة أفكاره

الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية

معركة قديمة حديثة، لا يكاد أوراها يخبو حينًا من الوقت، حتى تتصاعد ألسنة نيرانها لتشتعل من جديد مثيرة العديد من القضايا الجدلية. إنها معركة انتقاد الشيخ محمد متولي الشعراوي - أو "إمام الدعاة" كما يلقبه محبوه - من جانب، والدفاع عنه واتهام منتقديه بأشد الأوصاف من جانب آخر، وما يهمنا في هذا الجانب - بعيدًا عن أسماء المنتقدين أو المدافعين: لماذا استهداف الشعراوي دومًا؟ وهل الشيخ الراحل رمز مقدس لذا لا يُقبل توجيه نقد لأفكاره أو مناقشتها؟ والسؤال الأهم: متى تنتهي "معركة الإمام"؟

اقرأ أيضًا.. إعلامية شهيرة تواصل هجومها على الشعراوي: ليس له توصيف لائق غير "متطرف"

لن يضروا الشيخ

البداية من عند الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، والذي استنكر توالي الهجمات ضد الشيخ الشعراوي، رافضًا وصفه بـ"المتطرف"، قائلًا: الحكمة تقول لحوم العلماء مسمومة، ومولانا الإمام الشعراوي يدخل فيمن قال الله فيهم "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ"، كذلك يدخل تحت قوله تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ".

ووصف كريمة، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، من يهاجمون الشيخ الشعراوي بـ"الأقزام، ولن يضروه شيئًا، لأن الله تعالى يقول: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ"، مضيفًا: "الشعراوي ليس مقدسًا أو فوق النقد، وإذا كانت هناك أمورًا علمية نسبت إلى الإمام الراحل يجب أن تقدم للمناقشة بشكل علمي دقيق من العلماء؛ لأن القاعدة تقول لا ينقد العالم إلا عالم مثله، أما العوام وأشباه المتعلمين فهذا ليس اختصاصهم، لأن العلماء ليسوا ملطشة لكل من هب ودب".

اقرأ أيضًا.. حسن يوسف لـ"منتقدي الشعراوي".. متطرف ازاي وهو صديق البابا شنودة

وأوضح أستاذ الفقه المقارن، أن النقد العلمي له آدابه ومقاصده والتي تتمركز في قاعات البحث العلمي، ويجب توخي الموضوعية والواقعية، والبعد عن السير الذاتية للأشخاص، وعدم تلمس العثرات وإحسان الظن بالآخر، وهذا هو منهج الأزهر في النقد، أما مايقوم به "الأوباش الرعاع" من شتائم أو تكفير ليس من مناهج البحث العلمي ولا تمت إلى العلم بأي صلة، مشيرًا إلى أن العلمانيين والليبراليين هم من يقودون مثل هذه الحروب على العلماء، إضافة إلى القوى المتربصة التي تريد إشعال الفتنة بين أبناء الوطن وإشعال أفراده عن القضايا المهمة في المجتمع.

فكر الشعراوي.. والتطرف

وفي ذات السياق، قال عمرو فاروق، الباحث في شئون الحركات الإسلامية: إن هناك فارق بين تقديس الناس وبين احترام العلماء، والشيخ الشعراوي له باع كبير جدًا في نشر الفكر الإسلامي، ولكن هناك بعض من القضايا التي تناولها كانت تُرسخ أفكار تيارات سياسية وثقافية في ذلك الوقت، والجماعات المتطرفة أتخذت جزءًا من تراثه منهجًا لها، مشيرًا إلى أن الشيخ الراحل رجل دين يحسب على التيار الصوفي، فهو ضد التيار السلفي والوهابي، وينتمي للطريقة الأحمدية.

اقرأ أيضًا.. إعلامية شهيرة تهاجم الشيخ الشعراوي:"ما بحبوش من صغري"

وأضاف فاروق، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الشعراوي اجتهد في تناول القضايا مثله مثل باقي العلماء، وكل يؤخذ منه ويرد عليه، لذلك يجب أن نفصل بين شخصه وفكره، ومن حقنا أن نراجع ما طرحه الشيخ الراحل من أفكار، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من القضايا الفقهية حمالة أوجه، واختلف فيها العلماء، والاختلاف نعمة من الله سبحانه وتعالى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب على الصحابة بإجابات متعددة في المسألة الواحدة، وهذا يعني أن هناك متسع ومساحة من الاجتهاد في الدين الإسلامي.

وأوضح الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن الفتوى تختلف من باختلاف الزمان والمكان، وأحوال البلاد، وظروفها، وأعرافها، والاختلاف في بعض المسائل مع الشيخ الشعراوي، مثل تحريمه لـ"نقل الأعضاء"، لا يعني الطعن في شخصه. مؤكدًا على أنه لا ينقد العالم إلا عالم مثله، فقد اختلف معه بعض العلماء في كثير من المسائل، وهم على قدر عالٍ من العلم، وواقفون على الأرضية ذاتها.

اقرأ أيضًا.. فاروق الباز: الشيخ الشعراوي كان تلميذا لوالدي وعلاقتي به أخوية

وأكد فاروق، أن هناك ضوابط للنقد، ولكن في الآونة الأخيرة شُنت الكثير من الحملات الشرسة على مواقع التواصل الإجتماعي، ضد العلماء دون الفصل بين الشخص وفكره، وطعنوا في ذاتهم، وأشاعوا أنهم السبب الرئيسي في نشر الإرهاب وغيرها، والحقيقة أن من يحق له أن يوجه نقدًا للشيخ الشعراوي، لابد أن يكون على الأقل دارسًا لعلم الفقه واللغة، فهناك كثير من الهواة والعلمانيين ينتقدون العلماء لمجرد أن أقوالهم لا تتفق مع أهوائهم الشخصية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً