"قناة السويس"، ذلك المجرى الملاحي الذي يصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر ليصبح أهم مجرى ملاحي تمر منه التجارة العالمية، وفي هذا الشهر يكون قد مر على افتتاحها 150 عاما جعلت مصر مطمعًا للدول الأجنبية لما تمثله من موقع استراتيجي وهمزة وصل بين دول العالم.
اقرأ أيضًا.. محافظ بورسعيد: انتهاء 90% من إنشاء الكورنيش الجديد على قناة الاتصال
وفي هذا السياق، يقول المهندس محمد بيوض، المؤرخ البورسعيدي، إن غد الجمعة يوافق مرور 150 سنة على حفل قناة السويس؛ ففي 25 أبريل من العام 1859 ضُرب أول معول في شق قناة السويس بواسطة فرديناند ديليسبس، ومكانه أمام المول المعروف باسم "سيمون أرزت" والموجود أمام الممشى السياحي بحى الشرق فى بورسعيد.
وأضاف "بيوض"، أن ديلسيبس حينها قال خطبة عصماء في الخديوى سعيد الذي كان صديقه، وقال خلالها للمصريين "هنا سيتم حفر تاريخ جديد للعالم كله"، وبالفعل بعد حفر قناة السويس تغيرت جغرافيا العالم، لوجود طريق جديد يصل بين شرق آسيا وأوروبا، ومن سنة 1860 إلى 1862 تم إنجاز جزء كبير من الحفر، وإنشاء ميناء بورسعيد وكانت المدينة حينها أرضًا جرداء.
وأوضح المؤرخ البورسعيدي، أن الحفر في البداية كان يدويًا واستخدم "ديليسبس" السُخرة في حفرها، ومن عام 1863 وحتى 1864 كان هناك بُطء في الحفر لوضع انجلترا بعض العراقيل نظرا لإستخدام السخرة، وحينها مات الخديوي سعيد، وتولى الخديوى إسماعيل، استكمل مشوار جده محمد على، وتوقفت السخرة لاستمرار الحفر وبدء الحفر الميكانيكي عن طريق الآلات والمعدات.
وأشار إلى أن أول سفينة عبرت من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر مرورا بالقناة البحرية من بورسعيد إلى الإسماعيلية ثم عادت إلى قناة المياه العذبة، كانت تسمى السفينة "بريمو"، ومنها اتجهت رأسا إلى السويس، في فبراير 1867، حيث قامت بالعديد من رحلات الذهاب والعودة ليتم تحميلها بالكبريت وأينما حلت كان تستقبل أحسن استقبال كونه حدث جلل لعبور سفينة قبل الافتتاح الرسمي للقناة، وكانت حمولتها 90 طنًا.
اقرأ أيضًا.. "بالفكر نحارب الفكر".. قبطي يوزع حلوى المولد على المارة ببورسعيد
وأمر الخديوي إسماعيل، بإنشاء يخت "المحروسة" والذي استغرق عامين في تشييده، وأقله اليخت إلى أوروبا لدعوة أمراء وملوك وزعماء العالم لحفل افتتاح قناة السويس واستهدف الدول التي لها مصالح عُليا في العبور من قناة السويس، وكانت مصر حينها صاحبة عدد من الأسهم في القناة.
وأضاف "بيوض"، أنه في 16 نوفمبر 1869، تم وضع 3 منصات مكان حديقة فريال حاليًا، وكان يوم ممطر فتم تخطيط مدق لمرور أمراء وزعماء العالم، بحضور كل الطوائف فكانت المنصة الرئيسية للزعماء والملوك والأمراء، واليمنى للشيوخ وعلماء المسلمين، واليسرى للقساوسة والرهبان، وذلك ليثبت الخديوى إسماعيل أن مصر نسيج واحد.
اقرأ أيضًا.. الذكرى الـ 11 لرحيل عميد رؤساء الأندية المصرية.. السيد متولي محب البورسعيدية
واصطفت أساطيل الدول في مرفق بورسعيد ومن ضمنها الأسطول المصري وقد انتشرت على ضفاف القناة قوات الجيش المصري للحفاظ على نظام الاحتفال، وانطلقت طلقات المدافع مدوية احتفالًا بوصول الضيوف واحدًا تلو الآخر، وكان من بين الضيوف الإمبراطورة أوجيني، وكانت في الصف الأول وإلى يمينها إمبراطور النمسا والخديوي إسماعيل.
وفي القرن الماضي، زادت مطامع العديد من الدول الغربية بقناة السويس كونها أحد أهم مجرى ملاحي بالعالم، ولذلك بعد ثورة 23 يوليو 1952، التي كانت على رأس أهدافها جلاء الأجانب من مصر والذين احتلوها منذ عام 1882، وبالفعل انتصر المصريين في معركة كسر احتكار الأسلحة وحصل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على التسليح؛ ليخرج بعد ذلك ويفاجئ العالم بتأميم قناة السويس وكانت هذه هي القشة التي قسمت ظهر البعير ليبدأ العدوان الثلاثي على مصر.
اقرأ أيضًا.. بقيادات شبابية.. طفرة صناعية جنوب بورسعيد.. بروتوكولات لتدريب وتشغيل طلبة وطالبات المدارس الفنية
https:www.ahlmasrnews.com923183
وأضاف "بيوض" أنه كان لدول العالم ردود أفعال حول قرار التأميم واعترضت إنجلترا وفرنسا على فكرة التأميم وذلك لعدم خضوع قناة السويس لدولة واحدة مع العلم أنها كانت قبل ذلك خاضعة لهما قبل قرار التأميم، وعلى غرار السندات التي تمت لحفر القناة الجديدة كان قد جمع الخديوي حينها صكوك في حفر قناة السويس، وقام ببيعها وضاع حق المصريين في القناة؛ على عكس ما حدث بالقناة الجديدة التي تم صرف فوائد شهادات قناة السويس، ولذلك كان تأميم القناة حدث جلل أسفر عنه وردود افعال أبرزها تجميد الحسابات المصرية في أوروبا، وأرسلت فرنسا إنذار لمصر بالرجوع عن قرار التأميم، والتي باءت بالفشل حينها وحررت مصر نفسها من سطو العدوان.
وعن الخلفية التاريخية لقناة السويس ومكان احتفال افتتاحها قال الكابتن طيار أحمد العيسوي، مدير متحف قناة السويس ببورسعيد، إن المنصات الثلاثة الخاصة برؤساء دول العالم في حفل الافتتاح كانوا مكان حديقة "فريال" الحالية بحي الشرق، وأطلق عليها اسم "فريال" على اسم أخت الملك فاروق، موضحًا أنه كان الفارق كبير بين حفر القناة وحفر الجديدة؛ فكانت الأولى بالسخرة ومات خلال الحفر حوالي 120 ألف مصري؛ أما القناة الجديدة كانت بسواعد الشباب المصري وبنقود سندات المصريين الذين أذهلوا العالم بجمع حوالي 64 مليار جنيه خلال 6 أيام فقط.