يقول المولى سبحانه وتعالي في سورة فصلت من كتابه الكريم : " وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ . حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ . وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ " ولكن من هم أعداء الله؟ هل نطلق وصف أعداء الله على كل من يخالفنا في العقيدة أو الرأى؟ وهل الله سبحانه وتعالى خلق أناسا ليكون هؤلاء أعداء لله ؟ ما معنى هذه الآية وفي أى مناسبة نزلت؟ وهل من حق أى إنسان أن يصف شخصا آخر بأنه عدو لله ؟
اقرأ ايضا .. هل شك الصحابة في ذات الله وماذا قال لهم النبى وكيف يكون الشك دليلا على صريح الإيمان ؟
لم يتفق جمهور المفسرين على سبب لنزول هذه الآية، ويذهب كثير من علماء التفسير للقول بأنه لا يعرف سبب على وجه اليقين لهذه الآية ، ولكن روى الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت مستتراً بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر: قرشي وختناه ثقفيان، أو ثقفي وختناه قرشيان، كثير شحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع كلامنا هنا؟ فقال الآخر: إن سمع منه شيئاً سمعه كله، قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ. وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ . وعدم وجود سبب يعلمه جمهور المفسرين لنزول قوله تعالى : وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ فهو ما يجعل من المستحيل على أى مفسر للقرآن الكريم أو أى داعية أو حتى مسلم أن يطلق صفة عدو الله على غيره من الناس حتي لو كان هذا الشخص الآخر يخالفه في العقيدة أو في الرأى أو حتى في الدين .