أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن حلف الناتو، قبل أيام، غضبًا أمريكا وتركيا وألمانيا، مما تسبب في نشوب أزمة دبلوماسية قامت فرنسا على إثرها باستدعاءالسفير التركي، على خلفية تصريحات الرئيس التركي عن ماكرون، والتي اعتبرها قصر الإليزيه بمثابة "إهانات"، وسط توقعات بأن تُلقى هذه الأزمة بظلالها على قمة حلف شمال الأطلسى، التى تنعقد غدًا.
ماهي تصريحات ماكرون التي أثارت غضب الجميع؟
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال، في مقابلة نشرتها مجلة "ذي إيكونوميست" إن الحلف في حالة "موت دماغي"، وانتقد ماكرون قلة التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا والسلوك الأحادي الذي اعتمدته تركيا، الحليفة الأطلسية، في سوريا.
وقال معلقا على العملية العسكرية التركية في شمال سوريا: "نشهد عدوانا من شريك آخر في الحلف، تركيا، في منطقة مصالحنا فيها على المحك، من دون تنسيق"، وتساءل بصورة خاصة حول مصير المادة الخامسة من معاهدة الحلف التي تنص على تضامن عسكري بين أعضاء التحالف في حال تعرض أحدهم لهجوم.
وقال ماكرون: "ماذا سيحلّ بالمادة الخامسة غدا؟ إذا قرر نظام بشار الأسد الرد على تركيا، هل سنتدخل؟ هذا سؤال حقيقي"، وأضاف: "الحلف الأطلسي كنظام لا يضبط أعضاءه.. وانطلاقا من اللحظة التي يشعر فيها أحد الأعضاء أن من حقه المضي في طريقه، فهو يقوم بذلك. وهذا ما حصل"، ووصف ماكرون تعليقه بأنه "دعوة للتحالف للاستيقاظ".
تصريحات ماكرون تثير غضب برلين وواشنطن
انتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هذا الحكم "الراديكالي"، وقالت في مؤتمر صحفي مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج "لا أعتقد أن هذا الحكم غير المناسب ضروري، حتى لو كانت لدينا مشاكل، حتى لو كان علينا أن نتعافى".
كما ذكرت بوابة الأخبار الأمريكية "أكسيوس" نقلًا عن مسؤولين كبار أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب غير راض عن التصريحات التي أدلى بها نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حول "موت الدماغ" لحلف الناتو، في الوقت نفسه، يعتقد مسؤول آخر أن تصريحات ماكرون قد تجعل ترامب يتخذ موقفًا أكثر إيجابية تجاه الحلف لإثارة زميله.
وكان ترامب ينتقد زملائه من حلفاء الناتو لفشلهم في تحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي، حيث تخصص الولايات المتحدة حاليًا أعلى نسبة من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، وهدد ترامب بالانسحاب من التحالف إذا لم تحذو الدول الأخرى حذوها.
حرب كلامية بين ماكرون وأردوغان
هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية انتقاده التدخل العسكري التركي في سوريا، واعتبر أردوغان أن "سيد الإليزيه في حالة موت دماغي"، موظفًا بذلك نفس العبارة التي استخدمها ماكرون مؤخرًا لوصف حلف شمال الأطلسي، مستغلًا خطابًا متلفزًا لرفع سقف انتقاداته لماكرون قبل أيام فقط من قمة للناتو تستضيفها بريطانيا تزامنا مع الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس الحلف.
وقال أردوغان: "أتوجه إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسأكرر ذلك له في قمة حلف الأطلسي.. عليك قبل أي شيء أن تفحص موتك الدماغي أنت نفسك. لا تناسب تصريحات من هذا النوع إلا أمثالك الذين في حالة موت دماغي"، وفقًا لما ذكرته شبكة "فرانس 24".
وفي رد فعلها على تصريحات أردوغان، أعلنت باريس أنها استدعت السفير التركي إلى وزارة الخارجية لمناقشة المسألة، في ثاني استدعاء للسفير خلال شهرين، معتبرة أن "هذا ليس تصريحًا، إنها إهانات" مضيفة "سيتم استدعاء السفير إلى الوزارة لكي يفسر ذلك".
"موسكو".. المرحّب الوحيد بتصريحات ماكرون
موسكو، من جانبها، رحبت بتصريحات ماكرون على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا التي كتبت على صفحتها في موقع فيسبوك، "إنّها كلمات من ذهب، صادقة وتعكس الجوهر، إنه تعريف دقيق للواقع الحالي لحلف شمال الأطلسي".
التوترات تخيم على قمة حلف الناتو قبل انعقادها
وتتجه أنظار العالم غدًا الثلاثاء، إلى لندن حيث تعقد قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لمدة يومين، بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء والبالغ عددهم 29، وتتزامن القمة مع الاحتفال بمرور 70 عامًا على تأسيس الحلف.
وتخيم التوترات على الساحة الدولية، والتي جاءت متزامنة مع قرب انعقاد القمة، حيث تصاعدت التوترات بين أعضاء حلف الناتو على مختلف الأصعدة، فمن ناحية تصاعد التوتر بين تركيا وأردوغان بسبب تصريحات ماكرون، ومن ناحية أخرى أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن أثينا ستطلب الدعم من حلف شمال الأطلسي خلال قمته المقررة هذا الأسبوع في لندن بعد توقيع أنقرة اتفاقًا عسكريًا مع حكومة الوفاق الليبية، وقال إن الحلف لا يمكنه أن يبقى غير مبال عندما ينتهك أحد أعضائه القانون الدول ويسعى إلى "إلحاق الضرر" بعضو آخر".
اقرأ أيضًا.. هجوم أوروبي على "ماكرون" عقب تصريحاته بشأن "موت الناتو"
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وقّع في إسطنبول اتفاقًا عسكريًا مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، محوره "تعاون عسكري وأمني" لتعزيز "الاتفاق الإطار للتعاون العسكري الموجود أصلا" و"العلاقات بين جيشي" البلدين، بحسب أنقرة.
ومن المنتظر أن يناقش الزعماء خلال القمة، عددا من القضايا الهامة من أبرزها إنجازات الحلف لاسيما في مجالات الدفاع والردع، التهديد الروسي والصعود الصيني، وكيفية تعزيز الإجراءات التي يتخذها الناتو للرد على الأحداث الواقعة على حدود الدول أعضاء الحلف، إلى جانب تناول التهديدات التي يواجهها الحلف، ومناقشة عمليات تدريب الجيوش الوطنية في كل من العراق وأفغانستان، وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط.