"أنتم شهداء الله بالأرض".. هل دخول الإنسان الجنة أو النار بيد الناس؟

أرشيفية
أرشيفية
كتب :

توجد العديد من الأحاديث النبوية التي وردت في الصحيحين يثير تفسيرها اللبس على بعض المسلمين لما تتعدد قراءاتها وتأويلاتها بدلالات تعكس فهما مغلوطًا، منها على سبيل المثال ما قاله أَنسٍ: "مروا بجنازة فأَثنوا عليها خيرا، فقال النبي: وجبت، ثم مروا بِأُخرى فأَثنوا عليها شرا، فقال النبي: وجبت، فقال عمر بن الخطاب: ما وجبت؟ قال: هذا أَثنيتم علَيه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أَثنيتم عليه شرا فوجبت له النَّار، أنتم شهداء اللَّه في الأرض" متفق عليه.

اقرأ أيضًا.. إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ .. كيف تكون الزوجات والأولاد أعداء للذين آمنوا

فهل بيد الناس مصير الإنسان ودخوله الجنة أم النار؟ وهل يؤخذ الإنسان على ما يظهر عليه أمام الناس وليس ما يبطنه؟ وهل يعد هذا نفاقا من الشخص؟ ومن هم شهداء الله في الأرض؟ نجد أنه روي عن أَبي الأَسود قال: قدمت المدينة، فجلست إِلى عمر بنِ الخطّاب، فمرتْ بهِمْ جنازة، فأُثني على صاحبِها خيرا، فقال عمر: وجبت، ثم مر بأُخرى، فأُثني على صاحها خيرا، فقَال عمر: وجبت، ثمّ مرَّ بِالثالثةِ، فأُثنِي على صاحبِها شرا، فَقَال عمر: وجبت، قال أَبو الأَسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المُؤمِنينَ؟ قَالَ: قلت كما قَال النّبي: أَيما مسْلمٍ شهِد له أَربعة بِخيرٍ أَدْخَلَه اللَّهُ الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنانِ؟ قال: واثنانِ، ثم لم نسأَلهُ عن الواحد. وهذا الحديث أيضا الوارد في باب ثناء الناس على الميت نجد أنه زاد عن سابقه بأنه حدد عدد من يشهد للإنسان بالخير أو الشر فيدخل الإنسان على إثر هذه الشهادة الجنة أو النار.

وفي هذا الصدد، قال الإمام ابن باز في هذا إن الحديثين صحيحان وأنهما وردا لحث المؤمن على أن يجتهد في البعد عن الشر والتحلي بالأخلاق الكريمة حتى يشهد له الناس بالخير، وأن يبعد عن الأخلاق الرذيلة والصفات الذميمة

أضاف الإمام ابن باز: "تحريض على الاستقامة على طاعة الله، وإظهار الخير، والحذر من الشر، وأن الناس ليس لهم إلا الظاهر، وهم شهداء الله في أرضه، فمَن شُهِدَ له بالخير فهو عدل مرضي عند الله وعند الناس -عند أهل الإيمان- في شهادته، وفي أحكامه، ومَن أُثني عليه شرًّا فهو عند الله وعند الناس شرٌّ، إذا أثنى عليه أهلُ الخير شرًّا، فهم شُهداء الله في الأرض.

واستطرد: "وفيه الدلالة على قبول التزكية من اثنين، ومن ثلاثة، ومن أكثر إذا كانوا عدولا، وأن المزكى تقبل شهادته، فإذا أثنى عليه أهل الخير -وأقلهم اثنان- خيرا فإنه تقبل شهادته، وإذا أثنى عليه أهل الخير شرا فيكون معتبرًا من أهل الشر، لا تقبل شهادته، ويعامل معاملة أهل الشر".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً