"أنا جاى فى الطريق يا بابا متقلقش"، كلمات أخيرة صدت فى أذن الأب لتكون بمثابة رسالة الوداع للابن الوحيد، الذى علق أبويه آمالهما عليه فى أن يصبح مهندسًا يتباهون به أمام نظرائه.
لن ينسى الأبوين ذلك اليوم، 26 ديسمبر 2019، حيث استيقظ الابن أحمد عزازى، طالب كلية الهندسة بأكاديمية النيل بالمنصورة، فى تمام الساعة الثامنة صباحًا، من أجل الذهاب إلى الجامعة، للتجهز لامتحانات نصف العام الدراسى.
طالب هندسة المتوفي صعقا بالكهرباء في الدقهلية
كان الأب الذى قرر أن يصرف كل ما يملك على ابنه الوحيد من أجل أن يصبح مهندسا كبيرًا كما يحلم، والأم التى تستيقظ كل يوم من أجل تحضير حوائجه والدعاء له، فى اليوم الأخير، لم يعلما أنها لحظات الوداع، حيث حضن الابن أمه وطالبها بالدعاء، له، واتجه إلى الجامعة عن طريق استقلال السيارة من قريته ميت فارس، التابعة لمدينة بنى عبيد، إلى مدينة المنصورة.
انتهى اليوم الدراسى واستقل الطالب المواصلات الخاصة بالذهاب إلى قريته، وإذ تغير الجو فجأة وأصبحت الأمطار غزيرة ويصطحبها رياح شديدة، فقرر الأب الاتصال بنجله للاطمئنان عليه، ولكنه لم يعلم أنها كانت اللحظات الأخيرة لسماع صوته، وتحدث معه: "انت فين يا أحمد.. أنا جاى فى الطريق يابابا متقلقش.. الجو مطر خد بالك من نفسك".
طالب هندسة المتوفي صعقا بالكهرباء في الدقهلية
انتهت المكالمة، وعاد الطالب إلى قريته بابتسامته المعهودة، ولكنه وجد الطريق فى قريته غير ممهد وأصبحت برك المياه فى كل مكان، فقرر أن يستند على أحد أعمدة الكهرباء، وكانت تلك لحظته الأخيرة، بعد أن كان ينتظر هو وأسرته أن يكون من أكبر مهندسى مصر، إلا أن للقدر رأى آخر، فقد أبى إلا أن تنتهى حياته على يد مهندسين آخرين لم يقوموا بعملهم.
جنازة طالب هندسة المتوفي صعقا بالكهرباء في الدقهلية
مات طالب الهندسة، ومعه حلم والديه، اللذين لم يصدقا أن نجلهما مات، كان الصريخ يملؤ منزل الطالب، الأم تعلو بصوتها: "أنت كنت بتودعنى ياحمد.. ارجع تانى انت سندى كنت بشوفك بتكبر كل يوم قدام عينى.. خلاص كدا أنا مش هيبقى عندى أحمد تانى ولا هتباهى بيك أنك هتبقى أحسن مهندس".
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
