هناك تقارب بين التقنيات الرقمية والمنصات الاجتماعية يساعد على تعلم الأنماط الوراثية، ومشاركة ما يكتشفه مع الباحثين حول العالم من خلال الإنترنت، بحسب ما جاء في مقال دانيال كرافت الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن موقع "ناشيونال جيوجرافيك".
وذكر كرافت، الطبيب الشهير الذي تلقى تدريبه في جامعتي ستانفورد وهارفارد، حاليا منصب رئيس هيئة التدريس للطب بمؤسسة "سينجولاريتي يونيفيرسي" التي تعنى ببرامج تطبيقات طبية متقدمة واستكشاف التقارب بين التقنيات المتسارعة وآثارها على مستقبل الرعاية الصحية، أن الاهتمام الفردي المدعوم بالتحليلات لن يعالج المرض فحسب، بل يمنعه بشكل متزايد.
مستقبل مشرق للطب
وكتب كرافت أن العالم يشهد انفجارًا في المكاسب والابتكارات التي تعتمد على التكنولوجيا والتي لها القدرة على إعادة تشكيل العديد من جوانب الصحة والطب. ففي كل مكان حولنا، تتقدم التقنيات من الذكاء الاصطناعي إلى الجينوم الشخصي والروبوتات بشكل كبير، مما يعطي شكلًا لمستقبل الطب.
منع مسبق للإصابة بالمرض
ووصف كرافت عدد من الابتكارات، التي لا يزال الكثير منها في المراحل المبكرة، مثيرة للإعجاب بحد ذاتها، لأنها تمنح التمكين على الانتقال من الرعاية الصحية التقليدية المنفصلة إلى نموذج من "الصحة المرتبطة"، أي التي تعطي الفرصة لربط النقاط ببعضها- لتجاوز المؤسسات التي تقدم خدمات الرعاية العرضية والتفاعلية، في المقام الأول بعد تطور المرض، إلى عصر الرعاية المستمرة والاستباقية المصممة للتغلب على المرض.
توفير سجل طبي دائم
وتابع أنه في النموذج القديم للطب، تم جمع البيانات الصحية للمرضى بشكل متقطع فقط، في زيارات العيادة، وتنتشر بين الملفات الورقية وأنظمة السجلات الطبية الإلكترونية. ويوجد اليوم خيار أفضل بكثير: تقنية شخصية يمكنها مراقبة العلامات الحيوية بشكل مستمر وتسجيل البيانات الصحية بشكل شامل.
وبعد عقد واحد فقط من إطلاق تقنية "فيت بيت" الأولى التي تمثل ثورة في عالم "الأجهزة القابلة للارتداء"، أصبحت أجهزة التتبع الصحية منتشرة حول العالم، حيث يتم استخدامها معظم الوقت لقياس وتوثيق أنشطة اللياقة البدنية. وفي المستقبل، ستكون تقنيات الاستشعار للحالة الصحية للأبدان عنصرا أساسيا في الوقاية من الأمراض والتشخيص والعلاج. ومن ثم سيتم قياس حالة الأعضاء للأغراض الطبية بموضوعية، والكشف عن أي تغييرات تطرأ وربما تشير إلى تنامي حالة صحية ما، من خلال نقل بيانات المرضى إلى أطبائهم بسهولة.
ومن المتوقع أن تقوم أجهزة طبية إلكترونية مرنة وأجهزة الاستشعار سهلة الارتداء طوال الوقت بإجراء رسم القلب وقياس معدل التنفس وفحص نسبة السكر في الدم ونقل النتائج بسهولة عبر البلوتوث، فيما يعد عملية تتبع دائم للعلامات الحيوية عبر الأجهزة المحمولة، والتي كانت تتوفر فقط داخل وحدات العناية المركزة.
سماعات أذن ذكية
ويجري تطوير السماعات الطبية المستخدمة لكبار السن وضعاف السمع بحيث تصبح سماعات ذكية لا تقتصر على مجرد تضخيم الأصوات فقط وإنما يمكن أن تتصل عبر الإنترنت في المستقبل بمدرب رقمي لإبهاج عداء، أو مرشد طبي يقدم المساعدة لمرضى الخرف والإرشاد عن أماكن تواجد المرضى أو كبار السن ومستويات النبض لديهم.
عدسات لاصقة ترصد السرطان مبكرا
كما سيتم تصميم عدسات لاصقة ذكية في المستقبل مزودة بآلاف من أجهزة الاستشعار العضوية، ويتم تعديلها هندسيا لالتقاط المؤشرات المبكرة للسرطان والحالات المرضية الأخرى، ويمكنها قياس السكر في الدم عن طريق الدموع.
كبسولات ذكية
وسيتضمن تطوير الأجهزة القابلة للزرع وضع شريحة تحت الجلد تحتوي على السجلات الطبية للمريض، أو جهاز استشعار تحت الجلد يمكنه مراقبة كيمياء الدم بشكل مستمر. وستنشر الأجهزة القابلة للهضم في الكبسولات بمجرد ابتلاعها لأداء المهام في الجهاز الهضمي، بدءا من تقديم العلاج إلى عزل الأجسام الغريبة.
سونار طوال فترة الحمل
ومن بين المشروعات الجاري تطويرها، وضع رقعة مراقبة على بطن السيدة الحامل يمكنها اكتشاف حركة عضلات الرحم، للرصد المبكر لموعد الولادة. وفي وقت لاحق، ربما يمكن تطوير كاميرا رقمية لمتابعة الرضع بعد الولادة بحيث يتمكن الوالدان من متابعة الطفل عبر شاشة ترصد صوت النبض أو التنفس وترسل تنبيها في أي حالة غير منتظمة.
الذكاء الاصطناعي
ومن شبه المؤكد أن المجموعة الآخذة في الاتساع من الأدوات الرقمية المقترنة بتحليلات الذكاء الاصطناعي ستعزز دقة وسرعة خبراء التشخيص، مما يحسن من اكتشاف المرض في المراحل المبكرة، وبالتالي يزيد من احتمالات نجاح العلاج أو الشفاء، ومن المرجح أن يكون الكثير من هذه التطبيقات الذكية قائما على الهاتف الذكي.
علاج الأطفال هاتفيا
ومن الممكن أن يكون هناك تطبيقات تسمح بتوجيه كاميرا الهاتف الذكي إلى آذان وحلق الأطفال أثناء اتصال فيديو مع طبيب أطفال ليشخص الحالة بوضوح تام ودقة.
تشخيص الالتهاب الرئوي
ويمكن للتطبيقات وأجهزة الاستشعار تمكين الهاتف من أخذ رسم القلب للتحقق من عدم انتظام ضربات القلب الخطير؛ ومن المرجح أن تطرأ طفرة على درجة حساسية سماعات الهواتف بحيث يمكن استخدامها لتشغيل تطبيقات تسجل صوت السعال ليتمكن الأطباء عبر تطبيقات معينة من تشخيص حالات الالتهاب الرئوي. وبالتالي فإنه ليس من المستبعد أن يتم الكشف قريبا عن تطبيقات يمكنها قياس ضغط الدم بشكل متواصل دون الحاجة إلى الأجهزة الشائع استخدامها حاليا.
اقرأ أيضاً: خبير بريطاني يحذر: مدخنو السجائر الإلكترونية يفشلون في الإقلاع عن التدخين تمامًا
نتائج مزرعة الدم
ويختتم كرافت مقاله قائلا إنه من الواضح أن بعض التقنيات ستعمل على تحسين دقة وسرعة تشخيص الأطباء. فعلى سبيل المثال سيمكن تحديد العدوى البكتيرية أو الفيروسية، وأفضل الأدوية لعلاجها، دون الحاجة للانتظار لفترة طويلة لنتائج تحليل عينة مزرعة الدم، بفضل رقائق حيوية سيمكنها إجراء مسح كامل للميكروبات في غضون ساعتين، مع ميزة رصد الطفرات التي تجعل بعض الميكروبات مقاومة للمضادات الحيوية.