التجربة اليابانية هي الحل.. هل ستلجأ الدول للأموال المحرمة لإنقاذ الاقتصاد في زمن كورونا؟

الانهيار الاقتصادي بسبب فيروس كورونا
الانهيار الاقتصادي بسبب فيروس كورونا
كتب : سها صلاح

مع انهيار الاقتصاد بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا حول العالم، تفكر الدول في حلول كانت تعد محرمة من قبل، خاصة ما يتعلق بمسألة تمويل البنوك المركزية للحكومات، حيث من المُفترض أن تفصل بين الاقتراض الحكومي وعمليات الإقراض التي تقوم بها البنوك المركزية، وفقاً لشبكة "بلومبرج" الأمريكية،وكانت تخاف الدول دائماً من تلك الخطوة لأنه يقلل كثيراً من الاحتياطي المالي لكل دولة.

هل يعني ذلك القضاء على استقلال البنوك المركزية؟

تفرض تداعيات كورونا الاقتصادية مطالب غير مسبوقة على الميزانيات من شأنها رفع قيمة السندات ومعناه ان القطاع الخاص لم يعد لديه الأموال الكافية على إقراض الحكومات عبر شراء السندات، لذا تقوم البنوك المركزية بشراء السندات من الحكومات، وهو ما يعني إدخال نقود جديدة للسوق أي سك عملة دون إنتاج مقابل.

وفي هذا السياق، قال ويليم بويتر، الخبير الاقتصادي في بنك إنجلترا وكبير الاقتصاديين في Citigroup: "أن الاستقلالية لا تعني ضرورة رفض البنك المركزي طلب سك العملة المُباشر، بل تعني أن بإمكانك قبول الطلب أو رفضه".

وتابع قائلاً:" أن الإجابة المنطقية في الوقت الحالي داخل الدول حالياً هي القبول بسبب تداعيات الازمة الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا في كل أرجاء العالم، فبالتزامن مع ضخ الأموال في معركة الفيروس؛ لا تحتاج الحكومات إلى القلق بشأن سوق الديون السيادية، وتستطيع البنوك المركزية شراء الديون مباشرة من الحكومات أو الإيداع في حساب الخزانة الحكومي.

هل بدأت الحكومات في هذا الامر؟

وفقاً للشبكة الاقتصادية، بدأت بريطانيا الأسبوع الماضي، في فعل أمراً مُشابهاً لذلك مما أثار عاصفة اهتمام في أوساط مُراقبي البنوك المركزية،حين قرر تمديد السحب الحكومي للأموال على المكشوف،وجرى استخدام تسهيل سحب الحكومات على المكشوف في السابق خلال أزمنة الحرب، ومؤخراً خلال أزمة عام 2008. وهو تدبير مُؤقت.

على خطى النموذج الياباني

بدأ البنك المركزي الياباني في وقت ما تكديس السندات الحكومية لكسر قبضة الانكماش المالي، والآن يمتلك البنك ميزانيةً عمومية أكبر من الاقتصاد، ويُسيطر على 43% من سندات الحكومة المُستحقة، وانتشرت سياسة "خفض الفائدة للصفر" في بعض الدول الصناعية وفقاً للتجربة اليابانية.

وقال راسل جونز، الشريك في مجموعة Llewellyn Consulting البحثية بلندن: "اتخذ بنك اليابان ذلك الطريق أواخر التسعينيات، قبل أن نسير على خُطاه جميعاً، ونحن نتجه صوب التمويل النقدي العلني من قبل البنوك المركزية للحكومات".

لماذا كانت تتحفظ الدول المتقدمة على فكرة تمويل البنوك المركزية للحكومات، وما الذي تغير؟

قال توم أورليك، كبير الاقتصاديين في وكالة بلومبيرج الأمريكية: "في زمن الأزمة المالية الكُبرى، تستطيع البنوك المركزية أن تقول بأن شراء الأصول هو بمثابة سعي وراء سياسة نقدية بوسائل أخرى، مما يُقلّل تكاليف الاقتراض طويل الأجل من أجل دعم اقتراض القطاع الخاص.

ولكن في الوقت الحالي الحكومات ستكون هي المستفيد الرئيسي من عمليات شراء البنك المركزي،في حين أن الخوف القائم منذ فترة طويلة كان تسليم هذا النوع من سلطة إصدار الأموال إلى الساسة أصحاب الأهداف الانتخابية قصيرة الأجل، مما سيُؤدي إلى الإفراط في الإنفاق بدرجةٍ تضُر الاقتصادات على المدى البعيد حين يحدث التضخم، ولهذا السبب تُبقي غالبية الدول المتقدمة تلك السلطات في أيدي البنوك المركزية، مع درجةٍ من الاستقلال عن بقية أفرع الحكومة، ويتخوف بعض المُحللين من أن توسع البنوك المركزية للحكومات دون غطاء سوف يؤدي إلى موجة تضخُم كبيرة.

ماذا ستفعل الدول لإنقاذ الاقتصاد؟

الدول تختلف ايضاً في طريقة التعامل مع هذا الأمر، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، لا يشتري بنك الاحتياطي الفيدرالي ديون الحكومة من وزارة الخزانة مباشرة، لكنه اشترى الكثير منها عبر تخفيض سعر الفائدة مما يشجع المستثمرين على شرائها، منذ 2008.

وفي العام الجاري، مع إصدار وزارة الخزانة الأمريكية تريليونات الدولارات في صورة سندات بسرعة غير مسبوقة، فمن المقرر أن يستحوذ الاحتياطي الفيدرالي على أكثر من 90% منها وفقاً لتوقعات بنك Bank of America.

وفي السيناريو المأساوي حيث يُكافح الاقتصاد العالمي من أجل التخلّص من آثار فيروس كورونا، فإن لنموذج الياباني في الدعم المالي المستمر للحكومة وشراء الأصول بغرض الحفاظ على انخفاض تكاليف الإقراض يمثل افضل وسيلة لإنقاذ الموقف.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً