تعتبر دولة إسبانيا بوابة الإسلام في أوروبا؛ نظرا لأنها من أكبر البلدان التي تضم مهاجرين مسلمين، حيث يعيش في العاصمة مدريد فقط 150 ألف مسلم. علاوة على أن قرطبة عاصمة المسلمين في أوروبا. لذلك ليس من الغريب أن تعطي الحكومة الإسبانية بعض الامتيازات للعاملين منهم. ولكن رمضان هذا العام في إسبانيا يختلف كل الاختلاف عن رمضان الأعوام السابقة، نظرا لتفشي فيروس كورونا المستجد بشكل كبير في البلاد، وكون إسبانيا من أكثر البلدان تضررا من هذا الوباء العالمي.
وارتفع عدد حالات الوفاة الناجمة عن المرض في هذا البلد حتى اليوم الاثنين، 27 أبريل إلى 23521 من 23190 في اليوم السابق، بينما زاد عدد حالات الإصابة إلى 209 آلاف و465 من 207 آلاف و634 في اليوم السابق.
وفي عام 1992، تم التوصل إلى اتفاقية تعاون بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية الإسبانية، وتم التصديق عليها كقانون في نفس العام. وبموجب هذه الاتفاقية يحق لأعضاء المجتمعات الإسلامية التابعة للمفوضية الإسلامية الإسبانية أخذ استراحة عمل من الساعة 1 ظهراً وحتى 4.20 عصراً، أيام الجمعة لأداء فريضة صلاة الجمعة، فضلاً عن إمكانية مغادرتهم العمل قبل ساعة من غروب الشمس خلال شهر رمضان.
يبلغ عدد المساجد في إسبانيا حوالي 300 مسجد ومصلى منها 3 في العاصمة مدريد، وهي من أكبر المساجد حجماً ونشاطاً دينياً وثقافياً واجتماعياً.
وقبل تفشي الوباء العالمي، كان مسلمو إسبانيا يحرصون في شهر رمضان على التواجد في المركز الثقافي الإسلامي في مدريد والمساجد المنتشرة عبر المناطق الإسلامية لأداء الصلوات خصوصاً التروايح والمشاركة في الأنشطة الدينية، حيث يعتبر رمضان عاملاً مهماً لإعادة وحدة المجتمع الإسباني. ويتجمعون بعد صلاة العشاء لتلاوة القرآن الكريم، ليذكّر الشهر الكريم المسلمين الإسبان بأمجاد وذكريات الأجداد في الأندلس.
وحيث كان المركز الثقافي الإسلامي يقوم بصفة دائمة بإعداد 500 وجبة إفطار يومياً، كما ينظم دروساً في اللغة العربية ومناقشات لآيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وعلوم الشريعة وتصحيح التلاوة، خلال الشهر الكريم.
وتشجع العديد من المؤسسات والمراكز الإسبانية على الاحتفال بشهر رمضان وعلى رأسها "المركز الإسباني المغربي". ومن مظاهر هذه الاحتفالات وجود محاضرات عن الفن الإسلامي والعادات والتقاليد الإسلامية والصيام.
فضلاً عن "الدار العربية" في إسبانيا التي كانت تنظم منذ عام 2011 الليالي الرمضانية، التي تحتفل بها العديد من المدن الإسبانية، مثل مدريد ولاس بالماس، والتي يعرض فيها جميع مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك.
وفي نشاط خيري، يقوم بعض الموظفين والتجار من المسلمين بمدينة تيراسا بالتنسيق مع اتحاد الجاليات الإسلامية بكتالونيا بمبادرة لإعداد الإفطار خلال شهر رمضان، ويتم عقد اجتماعات المنظمين للمبادرة وعرض الأفكار والبحث عن الموارد وغيرها من الأمور التنظيمية.
ويحظى الاحتفال في رمضان بأهمية خاصة في جميع المدن الإسبانية مثل مدريد وبرشلونة وكتالونيا، حيث تقطن العديد من المجتمعات الإسلامية. وكان المسلمون هناك يجتمعون لتناول الإفطار، ويقومون بتنظيم لقاءات اجتماعية في المساجد.
ووفقاً لأحدث الإحصاءات يجتمع ما يزيد عن 9 آلاف مسلم في مساجد مدريد في أول أيام رمضان لتناول الإفطار التي قامت السيدات بتحضيره في منازلهن. وبعد الانتهاء من تناول الإفطار، يصبح المسجد مكاناً للاحتفال، حيث يحرص المسلمون في إسبانيا على تناول "الهريسة" والتمر كأطباق حلوة بعد الإفطار. وذلك بالطبع قبل قرار إغلاق المساجد ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمنع تفشي الفيروس المستجد.
ومن العادات الرائعة المرتبطة برمضان في إشبيلية، حرص المسلمين على استقبال ليلة القدر بإشعال الشموع.