تزامنا مع تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن كيفية ملء وتشغيل سد النهضة، بدأ الحديث عن إمكانية تكملة القاهرة والخرطوم مشروع قناة جونقلي الواقع على نهر الجبل بدولة جنوب السودان، والذي توقف العمل به عام 1983 بسبب الحرب الأهلية.
وبحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، تم حفر 260 كيلومترا من إجمالي 360 كيلومترا، بهدف سد حاجة البلدين من المياه، ومن أجل زيادة إيرادات المياه الواردة من النيل الأبيض.
ويقول الخبير السوداني في القانون الدولي للمياه وممثل السودان السابق في مفاوضات سد النهضة أحمد المفتي، إن مشروع قناة جونقلي أنشئ من أجل زيادة إيرادات مياه النيل الواردة من النيل الأبيض، مشيرا إلى أن نهر الجبل الذي تقع فيه القناة يفقد أكثر من نصف مياهه بسبب التبخر على الرغم من كثرة الأمطار.
وأشار المفتي إلى أن مشروع القناة توقف بسبب التوترات الأمنية بعد اندلاع حرب جنوب السودان مطلع ثمانينيات القرن العشرين، وأن استكماله يتوقف على حسم موضوع العلاقة المائية بين السودان وجنوب السودان، وهي من الموضوعات المعلقة في اتفاقية نيفاشا للسلام، وتأجلت بعد تشكيل لجنة للبت فيها.
ويرى أستاذ هندسة مصادر المياه في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم البروفيسور محمد عكود، أن المشروع ذو جدوى اقتصادية من شتى الجوانب، وله مميزات وفوائد جمة لمصر والسودان سواء من ناحية الإسهام في إقامة مشروعات زراعية، أو زيادة مياه النيل بمقدار 18 مليار متر مكعب.
وأضاف عكود "مشروع القناة يواجه عقبات عدة من أبرزها أن الوضع السياسي في جنوب السودان غير مساعد للتفكير بشأن استكمال تنفيذه، فضلا عن أن وضع الجنوب لا يزال غير واضح في مياه النيل، وكذلك أن لدول وسط أفريقيا وجهة نظر مغايرة لإنشاء القناة، إضافة إلى ارتفاع تكلفته وعدم توفر التمويل اللازم".
وأكمل "كما أن هناك عوائق بيئية كبيرة ظهرت لخبراء البيئة لم تكن واضحة في تلك الفترة، تتمثل في انخفاض معدل التبخر الناتج من وجود المستنقعات في منطقة القناة، مما يؤثر على النظام الهيدرولوجي، وكذلك التقليل من هطول الأمطار في غرب القارة الأفريقية، إلى جانب التأثير على التنوع البيئي للطيور المستقرة والمهاجرة في منطقة المشروع".
وبدأ شق القناة بين مصر والسودان عقب حرب أكتوبر 1973، وتحديدا في عام 1974، بهدف توفير المياه الضائعة في المستنقعات، وذلك بزيادة إيرادات المياه لنهر النيل بنحو 55 مليون متر مكعب من المياه.
وتم حتى الآن تنفيذ الجزء الأكبر من مشروع القناة بحفر 260 كيلومترا بواسطة شركتين فرنسيتين، ولكن العمل توقف عند قرية الكونقر نتيجة نشوب الحرب الأهلية في جنوب السودان.
ولجأت الشركتان الفرنسيتان بعد توقف المشروع إلى التحكيم الدولي ضد حكومة السودان بحكم أن منطقة المشروع تقع في أراضيه حتى استقلال دولة جنوب السودان في 2011.
وأصدرت هيئة التحكيم حكمها لصالح الشركتين الفرنسيتين بإلزام الحكومة السودانية ممثلة في وزارة الري السودانية باعتبارها الطرف المتعاقد بدفع تعويض، وبالفعل استمرت مصر والسودان في دفع تعويضات للشركتين الفرنسيتين حتى عام 2000 بإجمالي مبالغ بلغ نحو 75 مليون دولار.