تُصادف اليوم 19 من مارس، ذكرى تدخل الناتو العسكري المباشر في ليبيا، حيث دعم المجتمع الدولي قوات المتمردين ضد الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في عام 2011، مرّت عشرة أعوام كاملة لكن الآمال في الديمقراطية والاستقرار لم تتحقق الى الآن.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أنه كان من المفترض أن تؤدي الثورة الليبية قبل 10 سنوات إلى التغيير. ففي أعقاب الربيع العربي، في فبراير 2011، نزل الليبيون أيضًا إلى الشوارع للاحتجاج على رئيس البلاد القذافي، الذي كان في السلطة منذ عام 1969. وتصاعد الاحتجاج إلى صراع عسكري، مع انضمام جزء من الجيش الى الجماعات المتمردة المسلحة المعارضة.
في 17 مارس، أصدرت الأمم المتحدة قرارًا يسمح باتخاذ تدابير لإنشاء منطقة حظر طيران لحماية السكان المدنيين. بعد يومين، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بشن غارات جوية مكثفة أحرقت البلاد والعباد. وفي 31 مارس، تولى حلف الناتو وحده قيادة العمليات الجوية الدولية فوق ليبيا.
كانت نية الأمم المتحدة بتصويتها على القرار المتخذ والذي حمل رقم 1973 تطبيق «وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا، بما في ذلك إنهاء الهجمات الحالية ضد المدنيين، والتي قالت إنها قد تشكل جرائم ضد الإنسانية ... وفرض حظر على جميع الرحلات الجوية ضمن المجال الجوي للبلاد -منطقة حظر جوي- وتشديد العقوبات على نظام القذافي ومناصريه».
أثبت دعم الناتو للمقاتلين المتمردين فعاليته، ففي أكتوبر، استطاعوا دخول مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، ووقعت آخر معركة ضارية، انتهت باعتقال وقتل القذافي في 20 أكتوبر، وانتهت حقبة سياسية مستقرة في ليبيا، لتبدأ بعدها حقبة مليئة بالحروب والنزاعات وحالة إنعدام الأمن والأمان.
بالنسبة للعديد من السياسيين في الغرب، مثلت وفاة القذافي فرصة لبداية جديدة، حيث قال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيل آنذاك: "نأمل أنه بعد عقود من الديكتاتورية، يمكن للشعب الليبي الآن أن يبدأ فصلًا جديدًا وسلميًا وديمقراطيًا لبلاده"، وأضاف: "نحن نقف إلى جانب ليبيا الجديدة في طريقها إلى مستقبل أفضل وسلمي وديمقراطي"، حسب سبوتنيك.
لكن الوضع الكارثي الذي عاشته البلاد بعد تدخل الناتو الى الآن بقي على حاله، وربما مازال يتفاقم أكثر للتدخل الغربي السافر بالإرادة السياسية الليبية، وحالة الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد في ظل وجود عشرات التنظيمات المسلحة من مختلف الأنواع والتوجهات، وأخطرها تلك الإرهابية المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين وداعش التي تُعيث فساداً وتخر يباً في المناطق الخاضعة لسيطرتها، كما أن حالة الفوضى والتنافر تضرب المؤسسات القائمة في طرابلس وشرق البلاد.
في السياق، أكد آخر متحدث باسم نظام القذافي، موسى إبراهيم، في الذكرى العاشرة لتدخل حلف الناتو في ليبيا أن الغرب مازال يستعمل نظرية "الصدمة، الفوضى، إدارة الفوضى" مبيناً أن الإنتخابات الأخيرة هي آلية من آليات إدارة الفوضى وضمان استمرارها لتعميق الصراع السياسي والقبلي بين الليبيين، وتأسيس فكرة المحاصصة القبلية والإقليمية، وهكذا تصبح ليبيا كعكة اقتصادية وسياسية يستحوذ عليها الأجنبي، ويتقاتل أهل البلد على فتاته.
إن عدوان الناتو على ليبيا الذي تم تحت ذريعة "الحماية" هو مجرد كذبة وتزوير للواقع، فالنتائج التي يعيشها الشعب الليبي اليوم أكبر دليل على أن الهدف الأساسي للغرب كان ومازال استمرار الصراع السياسي والعسكري والقبلي، وهو بالتالي ما يعطي الحجة لمجلس الأمن لجعل ليبيا تحت الفصل السابع وهو الفصل الاستثنائي الخاص الذي يعطي مجلس الأمن شرعية خاصة للتدخل في شؤون الدول، والسيطرة على ثرواتها ومواردها الغنية.