تعاقبت إدارات عديدة على ملف المصالحة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، سواء عربية أو أمريكية وأوروبية، ومع ذلك كان في كل مرة الفشل هو النتاج الحتمي.
لكن مع دخول مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الاهتمام بهذا الملف، باتت النتائج واضحة المعالم، وواقعية، فانتهت الحرب على غزة فور التدخل المصري، والآن تقترب القاهرة من إنهاء ملف التصعيد، عبر حسم ملفات الأسرى بين الجانبين، وتوقيع تصالح يدوم لا يستطيع أي من الطرفين نقضه.
وسائل الإعلام العبرية أعطت اهتمامًا غير عاديًا للاهتمام المصري بملف التصالح مع حماس، وتحت عنون «مصر أخذت على عاتقها مصالحة إسرائيل مع حماس»، كتب إيغور سوبوتين، في "نيزافيسيمايا غازيتا"، حول دور مصري لا بديل عنه في التسوية بين إسرائيل وحماس.
وجاء في المقال: دعت مصر ممثلين عن إسرائيل وحركة حماس لإجراء مفاوضات مباشرة بشأن تسوية الوضع في قطاع غزة. ومن المتوقع عقد الحوار الأسبوع المقبل.
من غير المستبعد أن يشارك في المفاوضات أحد ما من الجانب الأمريكي. وقبيل ذلك، قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بزيارة مصر في إطار جولته الشرق أوسطية، حيث قُدِّمت إليه مسودة اتفاقية هدنة طويلة الأمد بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لا يتعلق الأمر بغزة فقط. وبحسب قناة العربية، كجزء من المبادرة، تدعو القاهرة واشنطن إلى التأثير في الدولة اليهودية عبر مطالبتها بتجميد توسيع مستوطناتها في المناطق المتنازع عليها.
وفي الصدد، قالت الخبيرة في مركز هرتسليا متعدد التخصصات، العضوة السابقة في الكنيست، كسينيا سفيتلوفا، لـ"نيزافيسيمايا غازيتا": "مصر، بتحقيقها هدنة أخرى بين إسرائيل وحماس، أثبتت من جديد أن لا بديل عن جهود وساطتها. يبدو لي الآن أكثر من أي وقت مضى أن قنوات التأثير كلها في أيدي المصريين. فأولاً ، لديهم مفتاح معبر رفح؛ وثانيا، لديهم اتصالات جيدة إلى حد معقول مع كلا الطرفين. وربما اتصالاتهم مع اسرائيل أفضل منها مع حماس". وبحسبها، ليس هناك كثير من الوسطاء المؤثرين مثل مصر حول غزة.
وأضافت: "ويأتي ذلك على خلفية محاولة مصر كسب نقاط إضافية في نظر البيت الأبيض. من الواضح أن الإدارة الجديدة تقوم بإعادة ضبط العلاقات مع الفلسطينيين، ومع السلطة الفلسطينية بالدرجة الأولى، وربما تبحث عن طرق للتسوية. ومن الطبيعي أن ترى مصر نفسها لاعبا مركزيا في هذه العملية. ربما يساعد هذا الجانب المصري بطريقة ما على تحويل النار عن نفسه فيما يتعلق بمشكلة انتهاكات حقوق الإنسان: لقد كانت هذه نقطة مركزية في أجندة بايدن، وقد أقلقهم ذلك في القاهرة جديا".
ملف الأسرى
وتحتجز حماس جنديين إسرائيليين، حاولا عبور جدار الفصل العنصري بين إسرائيل وغزة «الجدار العازل» متجهان نحو شاطئ غزة هما أفرام أفيرا القابع في الأسر منذ عام 2014، وهشام السيد الذي أسرته حماس في عام 2015.
كذلك تتحفظ «حماس» على جثتي الجنديين الإسرائيليين حادار جولدين وأورون شاؤول، اللذين قُتلا في حرب غزة عام 2014، وتزعم إسرائيل أن الجنديين الأسيرين يعانيان من مشكلات في الصحة العقلية إثر اعتقالهما لدى غزة.
ومنذ جرى التصعيد السابق على قطاع غزة في العام 2014 تقوم عائلات الأسرى والجنود المفقودين لجيش الاحتلال الإسرائيلي بحملات داعية لاستعادتهم إلا أن حماس تشترط في مقابل ذلك رفع الحصار.
وتخوض الخارجية المصرية، في الأيام القليلة الماضية، ومنذ جرى وقف إطلاق النار جولة بهدف إجراء مباحثات غير مباشرة مع حماس والاحتلال الإسرائيلي، إذ عقد وفد دبلوماسي مصري اجتماعات في الأيام الأخيرة مع مسؤولين في إسرائيل ورام الله وقطاع غزة للتحضير لمبادرة القاهرة.
وفي حال اتفقت جميع الأطراف على المبادرة المصرية وعُقد الاجتماع لإجراء المباحثات غير المباشرة، سيتم إجراؤها في غرف منفصلة، مع وجود وسيط مصري يتنقل بين الوفود لتبادل الرسائل
جدير بالذكر أن المبادرة المصرية أعقبت زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكين إلى المنطقة، والتي التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس والرئيس والملك الأردني عبدالله الثاني، ما يشير أن المبادرة تلقي ترحيبًا أمريكي.
وذكرت ذكرت محطة الإذاعة العامة الإسرائيلية، الأربعاء، أن إسرائيل تعتزم قبول دعوة مصر لإجراء محادثات غير مباشرة في القاهرة الأسبوع المقبل مع القادة الفلسطينيين.
وفقًا لموقع «Ynet» الإسرائيلي، من المقرر أن يسافر وزير الخارجية جابي أشكنازي إلى القاهرة بالفعل الأحد المقبل الموافق 30 مايو، بناءً على دعوة من نظيره المصري، سامح شكري، لمناقشة معايير وقف إطلاق النار طويل الأمد، وإعادة إعمار غزة، وإيجاد حل.
ستكون هذه أول زيارة رسمية لأشكنازي إلى القاهرة وأول زيارة رسمية لوزير خارجية إسرائيلي إلى مصر منذ سنوات عديدة.
وحسب تقارير إعلامية إسرائيلية تعد زيارة أشكنازي الأحد المقبل إلى مصر بمثابة تحضير لاجتماع الرباعي (مصر، الأردن، فلسطين، إسرائيل) في وقت لاحق من الأسبوع ذاته.
وفد مصري
إلى هذا قد يصل وفد مصري آخر إلى إسرائيل في الأيام المقبلة لدفع المبادرة.وحسبما أورده الإعلام الإسرائيلي، في حال تم تنفيذ المبادرة، فمن المرجح أن يترأس مستشار الأمن القومي مئير بن شبات الوفد الإسرائيلي في المحادثات غير المباشرة، كما سيشارك في الوفد ممثلون عن وزارتي الخارجية والدفاع.
وتقول التقارير الإعلامية الإسرائيلية إن القاهرة تهدف إلى جعل معبر رفح الحدودي البوابة الرئيسية إلى قطاع غزة لمبادرة إعادة الإعمار، على عكس معبر إيريز على الحدود الإسرائيلية.
إلى هذا وفتحت إسرائيل في 25 مايو، معبري كرم أبوسالم وإيرز مع غزة للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات الطبية والوقود، والصحفيين الأجانب لدخول قطاع غزة بعدما أغلقت كلا المعبرَين منذ بدأ التصعيد على غزة.