مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم الأحد، عبر الهجوم بطائرات مسيرة على منزله في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، يرى المراقبون أن التحذير من انزلاق الأمور نحو تصعيد خطير ومفتوح في البلاد على خلفية رفض بعض القوى الخاسرة في الانتخابات لنتائجها، وتلويحها بالعنف والقوة في سياق رفضها لمخرجات العملية الانتخابية، قد بات واقعا.
خاصة وأن محاولة الاغتيال هذه، تأتي بعد يومين من الصدامات العنيفة التي حصلت بين القوات الأمنية العراقية، والمحتجين المعترضين على نتائج الانتخابات من أنصار ما يسمى بالإطار التنسيقي بالقرب من المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، والتي تضم الكثير من المقار الحكومية العراقية، والعديد من البعثات الدبلوماسية، وسط بغداد.
وكان المئات من مناصري الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران، قد نظموا قبل أكثر من أسبوعين اعتصاما مفتوحا قرب المنطقة الخضراء، حيث يقع أيضا مقر المفوضية العليا للانتخابات، احتجاجا على ما اعتبروه 'تزويرا' شاب الانتخابات التشريعية المبكرة.
وبعدما كان القوة الثانية في البرلمان السابق مع 48 مقعدا، حاز تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي على 15 مقعدا فقط في انتخابات العاشر من أكتوبر، بحسب النتائج الأولية.
وللتعليق على خطورة هذه التطورات الأمنية واستهداف رئيس الوزراء شخصيا، يقول الباحث السياسي العراقي رعد هاشم، في حديث مع سكاي نيوز عربية: 'السبيل لتدارك الوقوع في هوة عميقة جراء هذه التحركات والارتكابات المشبوهة والخطيرة، هو اعتراف الأطراف الخاسرة في الانتخابات بخسارتها، واللجوء للقانون وسياقاته المتعارف عليها للاعتراض والطعون في النتائج، وإن بقوا يشككون هكذا في المفوضية العليا للانتخابات وفي الحكومة، مكررين ادعاءاتهم الوهمية بأن المفوضية زورت وتلاعبت بالنتائج، فإن بقوا يصرون على ذلك، هذا يعني الدخول في حلقة مفرغة وتمديد الأزمة ومفاقمتها'.
فالثقة بالعملية الانتخابية والالتزام بقواعدها وضوابطها هما الأساس لمشاركة مختلف القوى السياسية فيها، كما يرى هاشم شارحا بالقول: 'خاصة مع وجود قانون انتخابي جديد تمت على ضوئه هذه الانتخابات الأخيرة، وهذه الثقة ينبغي أن تكون قائمة كمبدأ قبل خوض غمار المنافسة الانتخابية، والاستمرار في التشكيك السلبي هذا قد يقود لسيناريوهات غير محمودة العواقب كما تلاحظ نذرها مع بالغ الأسف'.
ويضيف: 'الأحداث المؤسفة التي تمت الجمعة عند مداخل المنطقة الخضراء، واليوم مع محاولة اغتيال الكاظمي ومجمل خطاب التصعيد والاستقواء على الدولة ومؤسساتها، يعكس خيارات عدمية ومضرة، وهي نذير شؤم للعراقيين وللعراق، فمن يريد الحل ومصلحة الوطن والمواطن، عليه تجنب اللجوء للعنف الذي لن يقود سوى لعنف أكبر مقابل، فعلى الجميع الاحتكام للعقل والحكمة، بعيدا عن التشنج والتصعيد وبما يراعي مصلحة البلاد، وقوانينها'.
من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، في لقاء مع سكاي نيوز عربية :'المتتبع للمشهد الذي بلغ ذروته اليوم مع استهداف منزل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، سيرى أن الدعوات للمظاهرات التصعيدية أتت بعد دعوات مقتدى الصدر لتشكيل حكومة عراقية تكون قادرة على جمع سلاح الفصائل المسلحة، ولهذا فإن تلك الجماعات وجدت نفسها في دائرة خطر نزع سلاحها، وهي تحاول الضغط للحصول على مقاعد اضافية تضمن بقاءها في السلطة كما حصل مع جماعة عصائب أهل الحق، التي خسرت جميع مقاعدها البرلمانية هذه المرة وغيرها من فصائل مشابهة'.
ولهذا سوف تضغط هذه الميليشيات المسلحة للدفع باتجاه اشراكها في مناقشات وحسابات التشكيلة الحكومية القادمة، وهي ترغب في الحصول على تطمينات سياسية بعدم نزع سلاحها، ولدغدغة مشاعر مناصريها، كما يوضح البيدر.
ويتابع: 'لكن التصعيد والتصعيد المضاد سيؤدي لعنف منفلت واراقة الدم، وعليه فالمطلوب التحاور العاجل مع الزعامات السياسية لهذه الجماعات والضغط عليها، لدفعها نحو وقف تلك الاحتجاجات العنيفة وعدم دفع الأمور نحو التفجر أكثر، أو أن تعمل الحكومة على فض تلك الاحتجاجات بالقوة، وعلى الأرجح فهي لوحدها لن تكون قادرة على مجابهة تبعات مثل هذا السيناريو، حيث لا بد من دور دولي فاعل هنا لتفادي ما هو أسوأ وأن لا تخرج الأمور عن السيطرة، حيث أن ثمة أطرافا تريد الانقلاب على الشرعية ومصادرة ارادة العراقيين، وهذا قد يقود حتى لحرب أهلية مع الأسف، ولهذا فالمطلوب الارتكان للعقل والحكمة وقطع دابر نزعات العنف الانقلابية'.