دشنت 8 تنظيمات إخوانية سودانية، الاثنين، تيارا جديدا أطلقت عليه "التيار الإسلامي العريض"، لكن مراقبين وصفوا الخطوة بأنها محاولة للالتفاف على الشارع السوداني الرافض في غالبيته العظمى للإسلام السياسي.
ويعتبر هؤلاء أن هذه المحاولة هي الرابعة التي يغير فيها إخوان السودان جلدهم، على امتداد 7 عقود من تاريخ البلاد الحديث.
وضمت التيار الجديد عناصر فاعلة في المؤتمر الوطني المحلول، الذي يعد الجناح السياسي للإخوان، وأسقطته الاحتجاجات في أبريل 2019 بعد أن وصل إلى السلطة في العام 1989 عبر انقلاب نفذته الجبهة الإسلامية القومية، التي تغير اسمها لاحقا إلى "المؤتمر الوطني".
ويضم التيار مجموعات متشددة مثل حزب دولة القانون والتنمية، الذي يقوده محمد علي الجزولي المعروف بولائه لتنظيم داعش الإرهابي، وأفرج عنه أخيرا.
تاريخ إخوان السودان
ومنذ ظهور تنظيم الإخوان في السودان في 1949، غيّر التنظيم مسمياته عدة مرات، فمن حركة التحرير الإسلامي إلى تنظيم الإخوان، ثم جبهة الميثاق ثم الجبهة الإسلامية، وأخيرا المؤتمر الوطني الذي تفرع منه المؤتمر الشعبي في تسعينيات القرن الماضي.
وظهر التنظيم في البداية في شكل شبكات صغيرة ومحدودة، لكن سرعان ما وسّع قاعدته، وتمكن من بناء شبكات له داخل الأجهزة الأمنية من أجل تحقيق طموحاته في الوصول إلى الحكم.
وبالفعل استخدم تلك الشبكات في تنفيذ أول محاولة انقلابية في العام 1959، أي بعد 3 سنوات من استقلال البلاد من الحكم الإنجليزي في 1956.
واستمرت تلك المحاولات الفاشلة حتى العام 1989، عندما نفذ الإخوان بنجاح انقلاب بقيادة عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما.
وينظر العديد من السودانيين إلى الخطوة الأخيرة على أنها محاولة لتغيير "جلد" التنظيم، من أجل الحصول على قبول في الشارع الذي طالب خلال العامين الماضيين بتصنيفه كتنظيم "إرهابي".
مثقل بالهزائم
ويقول المفكر والناشط السياسي، عبد المنعم همت، إن التيار الجديد دشن نشاطه، وهو مثقل بالهزائم المتتالية بعد إقصاء مكوناته من الحياة الاجتماعية والسياسية.
ولا تقتصر تلك النظرة على المعارضين المبدئيين للتنظيم بل تعدتهم لتشمل رؤى لشخصيات محسوبة على التيار الإسلامي.
وفي هذا الإطار، وصف كمال عمر، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، المنفصل عن المؤتمر الوطني في تسعينيات القرن الماضي، الخطوة بأنها محاولة لتسويق الخطاب الذي أسقطه الشعب السوداني في ثورة ديسمبر.
أدوات الإخوان
ومنذ سقوط نظامهم في أبريل 2019، ظل الإخوان يستخدمون 3 أدوات لتهيئة المسرح لعودة حكمهم مجددا، مستندين إلى شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والإعلامي، التي تمكنوا من بنائها خلال العقود الثلاثة الماضية.
وخلال العامين الماضيين صادرت اللجنة المكلفة بتفكيك نظام الإخوان العديد من المؤسسات والهيئات الاقتصادية التابعة للتنظيم، قبل أن يتم حلها.
ويقول المفكر الإسلامي والأستاذ في جامعة إفريقيا العالمية، حسن مكي، فقد مر التنظيم خلال الأعوام السبعين الماصية بمرال متعددة من الصعود والهبوط.
لكن قاعدته لم تتوسع كثيرا إلا بعد تمكنهم من السلطة في 1989، شهدت السنوات التي تلت ذلك زيادة نسبية في عضويته بعد انضمام عدد من جماعات المصالح للتنظيم مستفيدين من فتح المجال واسعا أمامهم لاستخدام موارد الدولة.
ويقول مكي إن التنظيم خسر، بعد فترات الازدهار النسبي الذي شهده في تسعينيات القرن الماضي الكثير من قواعده ونفوذه، بسبب الصراعات الداخلية، وتشبث بعض العناصر بالسلطة والتصفيات الداخلية، والتورط في عمليات أضرت كثيرا بسمعة التنظيم كمحاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا في منتصف التسعينيات.
ويلخص مكي العوامل التي أضرت بصورة التنظيم بعد تسلمه الحكم في الفساد والدخول في مغامرات إرهابية والاستبداد والانفراد بالسلطة