في أوائل عام 2021، وحين كان الرئيس السابق دونالد ترامب يحزم أمتعته لترك البيت الأبيض، كان الموظفون يحملون صناديق نصف معبأة، لنقلها إلى السكن الجديد.
وفي الجناح الغربي للبيت الأبيض تحديدا، كانت بعض الصناديق تحوي حلوى "M&M" الرئاسية، فيما حاول الموظفون الحصول على الصور العملاقة للرئيس ترامب، والسيدة الأولى ميلانيا، التي زينت الجدران، متلهفين للحصول على تذكار من خدمتهم في القصر الرئاسي.
لكن ما حدث هو أنه تم الاحتفاظ بالهدايا التذكارية، والتخلص من السجلات بشكل عشوائي، وفق ما ذكر تقرير لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وتشير المجلة إلى أن هناك ما يسمى بـ"أكياس معدة للحرق"، ونقلت عن مسؤولين اثنين سابقين بالبيت الأبيض في عهد ترامب، أن تلك الصناديق كتبت عيها خطوط حمراء تشير إلى احتوائها على مواد سرية حساسة من المفترض التخلص منها.
وبحسب المحامي المتمرس في قانون الأمن القومي مارك زيد، فإن الموظفين قد وضعوا على ما يبدو موادا غير سرية بتلك الأكياس، بما في ذلك خطابات خطية وملاحظات إلى كبار المسؤولين.
وقال زيد إنه ليس من غير اللائق بالضرورة التخلص من المعلومات غير السرية بهذة الطريقة، بشرط أن يتم ذلك في نطاق القانون، لكن أولئك الذين راقبوا العملية اعترفوا لاحقا بأنه لم يكن واضحا تماما ما إذا كان يجب تسليم الوثائق إلى دار المحفوظات الوطنية بدلًا من إتلافها بالحرق.
وفي تلك اللحظات المضطربة – بحسب المحققين – تمت تعبئة الصناديق التي تحوي موادا سرية وأرسلت إلى منزل ترامب في مارالاجو.
وبعد 19 شهرا، تسببت طريقة تعامل ترامب مع السجلات الرئاسية والمواد من الجناح الغربي في وضعه تحت طائلة خطر قانوني غير مسبوق.
والأسبوع الماضي، لجأ مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى استصدار مذكرة لاستعادة تلك المواد، والتي تضمنت، بحسب المكتب، أربع مجموعات من الوثائق السرية للغاية وسبعة أخرى من المعلومات السرية.
وروى عدد من المسؤولين والمستشارين السابقين بالبيت الأبيض، تحدثوا شريطة عدم كشف هويتهم، الطريقة التي حصل التعامل بها مع الأيام الأخيرة؛ حيث بدأ حزم الأمتعة بشكل جدي عندما كان الرئيس منشغلا في أمور أخرى: تداعيات أحداث شغب الكابيتول في 6 يناير، وإجراءات العزل الوشيكة.
وكان كل شيء متأخرا، بما في ذلك الاعتراف الرسمي لإدارة الخدمات العامة بانتقال السلطة.
وقال مساعد كبير لترامب سابقا: "كنا متأخرين 30 يوما عما ستكون عليه إدارة نموذجية".
وخلال ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، تلقى مسؤولو الإدارة توجيهات من مكتب مستشار البيت الأبيض، حول الالتزام بقانون السجلات الرئاسية، القانون الذي أعقب ووترجيت الذي يملي إجراءات وعمليات الاحتفاظ بالمستندات الحكومية.
وكان هناك موظفون محترفون ساعدوا في إدارة أنظمة تكنولوجيا المعلومات وإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية، وقد ذكروا المساعدين بحفظ السجلات.
كما بدأ الموظفون ترك أكوام متزايدة من العمل إلى عدد متناقص من المساعدين، فيما كان بعضهم يشعر بالمرارة والإنهاك، ولم يبد رغبة كبيرة أو ميلا لمساعدة إدارة جديدة ادعى رئيسهم أنها سرقت الانتخابات.
وكانت الأسابيع التي تلت انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني بين الأكثر فوضوية للبيت الأبيض في عهد ترامب، وترك الجناح الغربي يترنح من خسارة ترامب أمام الرئيس الجديد جو بايدن، وأدى رفض سلفه التنازل إلى تجميد العملية الانتقالية إلى حد كبير.
ويذكر بعض المساعدين أن سكرتير الموظفين ديريك ليونز حاول الحفاظ على ما يشبه النظام في الجناح الغربي بالرغم من حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات. لكنه غادر الإدارة نهاية ديسمبر/كانون الأول، تاركا بذلك مهمة حفظ السجلات اللازمة لدار المحفوظات الوطنية لآخرين.
وقال مساعدون ومستشارون إن كبير الموظفين – آنذاك – مارك ميدوز وترامب لم يهتما كثيرًا بالأمر.
وفي غضون ذلك، تركت مسؤولية الإشراف على حزم الأمتعة من الغرفة التي كان يحب ترامب العمل فيها عندما لم يعمل من المكتب البيضاوي، لمساعدي ترامب: مولي مايكل ونيك لونا، بحسب عدة مساعدين سابقين.
ولم يرد متحدث باسم ترامب على طلب التعليق على القصة، وأصر شخص مقرب من ميدوز على أنه "تم اتباع جميع الإجراءات وفقا للإرشادات."
ودفع عدد من المساعدين بالبيت الأبيض في عهد ترامب بأن عملية فرز وحفظ السجلات الحكومية، وإعادة المعدات، واستعادة التصاريح الأمنية من الموظفين، حددها مكتب المستشار بوضوح وتمت بعناية.
لكن تحدث معظم المساعدين عن عملية عشوائية مع اقتراب يوم التنصيب، وكان المحامون يرسلون التوجيهات بشأن توقيت حزم الموظفين للأمتعة وكيفية حزمها.
وتعارض ذلك بشكل واضح مع العملية التي أجراها سلف ترامب؛ حيث علمت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما أنها سترحل وبدأت الانتقال في أغسطس/آب 2016، بحسب نيل إيجلستون، المستشار السابق لأوباما في البيت الأبيض.
وبالنسبة للإدارات المنتهية ولايتها، عادة ما تكون هناك عملية لاستخلاص المعلومات بشأن المستندات السرية، ثم إجراء لتسليم الهواتف والحواسيب الحكومية، لكن في إدارة ترامب، جاءت تلك العملية بعد أحداث شغب الكابيتول.