وسط تحذيرات من حدوث أزمة دستورية، يعقد برلمان لبنان اليوم الخميس، جلسته الخامسة لانتخاب رئيس للبلاد، مع بدء العد التنازلي لانتهاء ولاية ميشال عون.
ففي الوقت الذي فشل فيه البرلمان أربع مرات متتالية في انتخاب خلف للرئيس اللبناني في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية ومنطق التسويات، لم يتبق سوى أقل من أسبوع على انتهاء ولاية ميشال عون.
وسيصبح لبنان بلا رئيس في 31 أكتوبر الجاري، إذا لم يتمكن أصحاب النفوذ الرئيسيون من التوافق على رئيس جديد، الأمر الذي يثير احتمال حدوث فراغ في الرئاسة وسط أزمة مالية عميقة.
لكن ما سبب "عجز" البرلمان عن انتخاب الرئيس؟
منصب الرئيس في لبنان لا يشغله إلا مسيحي ماروني وفقا للنظام الطائفي اللبناني مما يجعل انتخاب رئيس أمرا شديد الصعوبة، حتى أن المنصب ظل شاغرا مرات كثيرة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
وفي اقتراع سري للمشرعين البالغ عددهم 128 عضوا في البرلمان المقسم بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية، تُعقد جلسة لانتخاب رئيس لبنان، لكن الحدود الدنيا المطلوبة من الأصوات تعني أنه لا يوجد فصيل واحد أو تحالف يتمتع بمقاعد كافية لفرض خياره في السياسة اللبنانية الاستقطابية.
تلك الحدود، ربطت عملية انتخاب الرئيس بمساومة معقدة في قضايا أوسع، بما في ذلك تقسيم المقاعد في الحكومة الجديدة التي تتولى مهامها بعد أداء الرئيس الجديد، اليمين الدستورية، بالإضافة إلى المنافسات الدولية التي طالما لعبت دورا في الأزمات المحلية في لبنان، وساهمت في تعقيد عملية انتخاب الرئيس.
وهو ما أشار إليه حزب الله في وقت سابق، قائلا إنه يجب التوصل لتوافق في الآراء على مرشح ما، ما يقتضي فعليا موافقته.
ولقرابة عامين ونصف (29 شهرًا)، ظل منصب الرئاسة شاغرا قبل أن يصبح الرئيس الحالي ميشال عون رئيسا للدولة عام 2016، في اتفاق شهد عودة سعد الحريري إلى منصب رئيس الوزراء.
ماذا يعني شغور المنصب؟
في حالة حدوث فراغ، تنتقل السلطات الرئاسية إلى الحكومة التي يرأسها نجيب ميقاتي، إلا أن هذه الحكومة يقتصر دورها منذ الانتخابات البرلمانية، في مايو/أيار الماضي على تسيير الأعمال، ما يعني عدم قدرتها على اتخاذ قرارات كبيرة تتضمن إبرام اتفاقات دولية.
تلك الحالة قد تعقد الانتهاء من مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتقديم مساعدات مطلوبة بشدة، بعد تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها واللازمة لإبرام الصفقة.
وإلى ذلك، قال سعد الشامي، نائب رئيس الوزراء، إن لبنان لا يزال بوسعه عرض تقدمه على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي للفحص والموافقة على التمويل، لكنه ليس متأكدا من مدى حاجة الصفقة النهائية لموافقة رئاسية.
ويعقد فراغ منصب الرئيس خطوات معالجة الأزمة المالية التي ألقت بكثيرين في براثن الفقر، ومنعت المودعين من الوصول إلى مدخراتهم في نظام مصرفي عاجز عن الحركة منذ ثلاث سنوات.
من المرشحون؟
بعد أن أصبحت الطائفة المارونية أشد انقساما على الصعيد السياسي من غيرها من الطوائف في لبنان، ظهر طامحون كثيرون للرئاسة، بينهم سليمان فرنجية، حليف حزب الله والذي كان يعتبر منافسا قويا إلى أن خسرت الجماعة الشيعية وحلفاؤها الأغلبية البرلمانية في مايو الماضي.
وفيما لم يعلن حزب الله بعد دعمه لأحد، فاز المشرع المناهض له، ميشال معوض بأكبر عدد من الأصوات في أربع جلسات انتخابية رئاسية لم تكلل بالنجاح حتى الآن، لكن عدد الأصوات لم يكن كافيا للفوز.
ودعا المرشح للانتخابات الرئاسية في لبنان النائب ميشال معوض مساء الأربعاء، الكتل البرلمانية إلى دعم ترشّحه من أجل "تغيير ميزان القوى" الذي يفرضه حزب الله.
ميشال معوض (50 عاماً) الذي نال تأييد كتل عدة من دون حصوله على أكثرية، قال إن "ميزان القوى اليوم لا يمكن أن يأتي إلا برئيس خاضع لرغبات حزب الله وحلفائه"، مشيرًا إلى أنه "من أجل تغيير ميزان القوى هذا، يجب أولاً توحيد المعارضة وجعلنا غالبية برلمانية".
ويحظى معوّض الذي نال 39 صوتاً في آخر جلسة انتخاب، بتأييد كتلة القوات اللبنانية، أبرز الأحزاب المسيحية، والكتائب اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وبعض المستقلين.
وفيما كان آخر ثلاثة رؤساء للبنان قادة سابقين في الجيش، ينظر إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون على أنه مرشح توافقي محتمل، إلا أن تقارير قالت إنه سيواجه معارضة، لا سيما من السياسي الماروني جبران باسيل صهر الرئيس عون الذي يطمح هو نفسه للحصول على منصب الرئاسة.
ما الذي يحتاجه المرشح للفوز؟
يحتاج المرشح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز. وفي حال جرت دورة ثانية، تصبح الغالبية المطلوبة 65 صوتاً.