في تسريبات جديدة ومثيرة حول الصراع المصري الاسرائيلي نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت' الإسرائيلية ، لأول مرة في تاريخ السياسة الإسرائيلية معلومات كان محظورا تداولها أو كشفها في السابق.
ونشرت الصحيفة اعتراف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 'أمان في خمسينيات القرن الماضي، بنيامين جيبلي، بأنه أصدر الأمر بتفعيل شبكة تجسس مؤلفة من مصريين يهود لتنفيذ تفجيرات في مصر، 'بإيعاز مباشر' من وزير الدفاع حينها، بنحاس لافون.
وكتب جيبلي في سيرته الذاتية التي نشرتها'.
' حصريا، إن لافون تنكر له بعد كشف شبكة التجسس في مصر 'وألقى بي إلى الكلاب وحولني إلى كبش فداء'.ويأتي الكشف عن مقاطع من السيرة الذاتية للجنرال الاستخباراتي الإسرائيلي بعد 14 عاما على وفاة جيبلي. وتوصف في إسرائيل عمليات شبكة التجسس هذه بعدة تسميات، بينها 'العمل المشين' و'الفضيحة' و'فضيحة لافون'. وكانت قد جرت في أعقابها تحقيقات وسجالات حول المسؤول الذي أصدر الأمر بتنفيذها. وترجع بداية هذه القضية في عام 1954، بعملية قادتها الوحدة 131 في 'أمان'، لتنفيذ تفجيرات في منشآت مدنية وبنايات بريطانية وأميركية في مصر من خلال جواسيس مصريين يهود.
بينامين جيبلي
وكان هدف هذه التفجيرات تقويض حكم الرئيس المصري حينها، جمال عبد الناصر، ودفع بريطانيا إلى التراجع عن قرارها بسحب قواتها من قناة السويس.
ونفذت خلية التجسس الإسرائيلية تفجيرات في القاهرة والإسكندرية، والعملية الأخيرة التي جرت في دار سينما في الإسكندرية لم تنفجر القنبلة وإنما اشتعلت، وإثر ذلك اعتقل الجاسوس الذي كان يحملها. وتم إعدام اثنين من أعضاء الخلية، وعضو آخر انتحر في السجن، وحكم على آخرين بالسجن.
وأثار القبض على أعضاء الخلية ضجة في القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، وفي أعقاب ذلك تم تشكيل لجنة تقصي حقائق سرية، قدم جيبلي إليها رسالة مرسلة من رئيس أركان الجيش، موشيه ديّان، قبل القبض على أعضاء الخلية، وجاء فيها إن لافون هو الذي أصدر الأمر بتفعيل الخلية. وقررت اللجنة إنه ليس بإمكانها الحسم في هوية المسؤول عن إصدار الأمر بتفعيل الخلية، وإثر ذلك استقال لافون من منصبه.
تحميل المسئولية السياسية لديفيد بن جوريون
وجرى فتح تحقيق آخر، في عام 1960، وذلك بشبهة أن الرسالة التي قدمها جيبلي مزورة وأنه زُرعت أدلة من أجل تحميل المسؤولية على لافون. وبعد أن برأ التحقيق لافون، رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، دافيد بن غوريون، الاعتراف بنتائج التحقيق، إذ كان لافون خصمه السياسي، وإثر ذلك أطلق على القضية 'فضيحة بن غوريون' وأدت لاحقا إلى استقالته.
وكتب جيبلي في سيرته الذاتية أنه 'لولا عدة جهات معادية وفاشلة لكان بالإمكان أن تبدو عدة أمور مختلفة تماما'. وحول فشل خلية التجسس، اتهم جيبلي 'العنصر العملياتي الذي كان غير كاف وفاسد' و'ذوي مصالح أقوياء تدخلوا في الأمر'، لكنه لم يورد تفاصيل أخرى.
كما اتهم جيبلي الضابط الذي أشرف على عمل خلية التجسس، أفري إلعاد، الذي أصبح بعد تفجر القضية مشتبها بأنه سلمها للسلطات المصرية، وسجن في إسرائيل. ووصف جيبلي بأنه 'خبير متفجرات خائن، عميل مزدوج'، رغم أن إلعاد عمل تحت إمرته .
على صعيد آخر أعلنت إسرائيل أنها أبعدت صباح اليوم الأحد إلى فرنسا المحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري الذي كان محتجزا من دون تهمة رسمية في سجن إسرائيلي منذ مارس. وقالت وزارة الداخلية الإسرائيلية في بيان إن صلاح حموري: 'تم ترحيله صباح اليوم الأحد إلى فرنسا بعد قرار وزيرة الداخلية ايليت شاكيد سحب تصريح إقامته'.
وقالت شاكيد الأحد إن تمكنها من 'طرده قبل نهاية ولايتي مباشرة' هو 'إنجاز رائع'. وكانت عائلة الحموري وحملة الدعم له تتوقعان إبعاده صباح الأحد على متن رحلة لشركة الطيران الإسرائيلية العال بين تل أبيب وباريس. وحكم على الحموري في مارس بالاعتقال الإداري لثلاثة أشهر وهو إجراء مثير للجدل يسمح لإسرائيل بسجن أشخاص من دون توجيه أي تهمة رسمية لهم.
وتشتبه إسرائيل بوجود صلات بين الحموري والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعتبرها الدولة العبرية والاتحاد الأوروبي 'منظمة إرهابية'.
وقد أبلغ في نوفمبر بأنه سيرحل في ديسمبر إلى فرنسا. لكن ترحليه أرجئ بعد سلسلة من الجلسات أمام القضاء العسكري طعن خلالها محاموه بقراري ترحيله وإلغاء وضعه كمقيم في القدس الشرقية. والحموري مولود في القدس الشرقية. وهو لا يحمل الجنسية الإسرائيلية بل تصريح إقامة ألغته السلطات الإسرائيلية في قرار اعترض عليه.
وثبتت السلطات الإسرائيلية في بداية ديسمبر القرار مما مهد الطريق لطرده على الرغم من موعد مقرر لجلسة جديدة في الأول من يناير. وتضاعفت منذ مساء الجمعة المؤشرات إلى إبعاده صباح الأحد. وكتبت النائبة العربية الإسرائيلية عايدة توما سليمان مساء السبت إلى وزير الدفاع بيني غانتس لمنع طرده، لكن وزيرة الداخلية أييليت شاكيد وقعت قرار إبعاده. يأتي إبعاد الحموري مع اقتراب تغيير الإدارة في إسرائيل حيث يفترض أن تنتقل السلطة في الأيام المقبلة من ائتلاف الوسط بزعامة يائير لبيد إلى حكومة بقيادة بنيامين نتنياهو وحلفائه من الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة واليمينية المتطرفة.