في حدث جلل شهدته القنوات الروسية، ظهر العد التنازلي في قنوات روسيا، وخاصة بعد دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الأول، والتي بدأت في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، خاصة بعد حطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وظهرت التساؤلات حول أسباب هذا العد التنازلي والذي ظهر علي القنوات الروسية، فهل هذا يشير إلي بداية موعد الحرب النووية.
العد التنازلي في قنوات روسيا
يأتي ذلك بعد قام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بتعليق مشاركة بلاده في معاهدة ستارت النووية مع حكومة الولايات المتحدة اعتبارًا من أمس الثلاثاء، وسط حالة من التخوف والترقب العالمي لاندلاع حرب نووية وشيكة، خاصة بعد دخول سلاح “الشيطان-2” الخدمة في الجيش الروسي في ديسمبر الماضي.
وبحسب ما ورد عن قناة سكاي نيوز عربية، فإن الصاروخ العابر للقارات “يارس” والملقب بـ “الشيطان-2” سيدخل ضمن تشكيل “كوزيلسك” في منطقة كالوغا الروسية.
ذلك الصاروخ، والذي لديه القدرة علي تدمير الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن تشكيل كوزيلسك هو الأول من بين قوات الصواريخ الإستراتيجية والذي يتم إعادة تجهيزه بمنظومة “يارس” الصاروخية الثابتة.
كما أن هذا الصاروخ، ضمن منظومة صواريخ “يارس” والتي تعد احدي المنظومات الصاروخية الإستراتيجية الروسية والمزودة بصواريخ باليستية عابرة للقارات، والتي تعمل بالوقود الصلب والمزودة برؤوس حربية نووية متعددة.
خطاب بوتين في الذكرى الأولى للحرب
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن أهالي منطقة دونباس كانوا ينتظرون روسيا لإنقاذهم، خاصة أن المنطقة كانت معقلًا لكره روسيا وثقافتها.
وأعلن الرئيس بوتين، في خطابه خلال أول ذكرى للحرب الروسية الأوكرانية، أنه سيتم تطوير العملية العسكرية في أوكرانيا خطوة بخطوة، قائلا إن أوكرانيا تستخدم الدبلوماسية كأساليب للمراوغة فقط.
كما أفاد بأن بلاده كانت مستعدة للانخراط في حلول سلمية بناءة، ولكن حكومة كييف هي من خدعت روسيا، على حد قوله، مؤكدًا أن موسكو مستعدة لإقامة حوار بناء مع الغرب.
وذكر بوتين أن أوكرانيا هي التي شنت الحرب، في حين أن روسيا تستخدم القوة لوقف هذه الحرب، مضيفا أن الغرب استخدم الحرب الروسية أوكرانية لإلهاء العالم عن الفضائح الموجودة لديهم.
كما قال فلاديمير بوتين، إن أوكرانيا استخدمت الإرهاب ضد موسكو، مبينا أن الشعب الأوكراني بات أسيرًا لنظام كييف الذي دمر الصناعة والاقتصاد وأوصلوا الوضع للانهيار، وحولوا الناس لمواد للاستهلاك.
وختم الرئيس الروسي حديثه محملا الغرب مسؤولية الضحايا في الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدًا أنه كلما زادت الأسلحة التي يتم توريدها لأوكرانيا، كلما ستكون روسيا مضطرة للدفاع عن نفسها وإيجاد حل.
لماذا علق بوتين مشاركة روسيا في اتفاقية الأسلحة النووية؟
تنتهي المعاهدة عام 2026 وهناك عدة عوامل ربما دفعت بوتين إلى التملص منها قبلها بثلاثة أعوام، وربما قدر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيكافح للتصديق على اتفاقية جديدة مع الكونغرس بينما تستعر الحرب في أوكرانيا، مما يعني أن المحاولات الروسية لضم القدرات الأمريكية غير النووية في عملية إعادة التفاوض سيكون بلا جدوى على الأرجح.
وكان مرجحا -وفق لتقرير لصحيفة التايمز'، أن يؤدي صعود الصين كقوة نووية عظمى إلى الضغط على الولايات المتحدة لإعادة النظر في القيود المفروضة على مخزوناتها.
وقال ويليام ألبيركي مدير الاستراتيجية والتكنولوجيا وبرنامج الحد من التسلح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في برلين: ' كيف تتعامل مع سباق تسلح ثلاثي؟ لم يكن على الولايات المتحدة القلق أبدًا بشأن ذلك من قبل، ويمكن للصين بسهولة وبسرعة الوصول إلى ألف رأس نووي.'
ومع وجود احتمال لعدم الاتفاق على اتفاقية جديدة، كان لدى بوتين فرصة محدودة للقيام بعرض تمزيق المعاهدة.
وقال الدكتور ماثيو هاريز، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن بوتين يبحث عن كل ما يمكنه استخدامه في في مواجهته مع الولايات المتحدة والغرب بشأن أوكرانيا، مضيفا: 'يرى أن الحد من التسلح لا زال يحمل بعض القيمة بالنسبة للغرب.'
وقال إنه من خلال تعليق عمليات التفتيش بمنشآته النووية رسميا يستطيع الكرملين أن يبقي البيت الأبيض في حالة تخمين بشأن نواياه، ويجبر البنتاغون على الاعتماد على الأقمار الصناعية ووكالات الاستخبارات لاستنباط الخطط الروسية.
وتابع: 'هذا لا يترك الولايات المتحدة في حالة جهل بأي طريقة، ولكنه قد يضيف هامشا من عدم اليقين إلى تلك الحسابات. ربما يلعب بوتين بذلك قليلا.'
وتسيطر الولايات المتحدة وروسيا على 90% من الرؤوس الحربية النووية في العالم. وتمتلك روسيا 5977 رأسا نوويا، في حين تأتي بعدها الولايات المتحدة بـ5428 وتحدد معاهدة 'نيو ستارت' حدا أقصى لما يمكنهم ربطه بالصواريخ.
وقال ألبيركي: 'العديد من الصواريخ الروسية تمتلك حاليا رأسا نوويا واحدا لكنها قادرة على حمل عشرة. يمكن لروسيا أن تنتقل من الحد الأقصى الذي تنص عليه نيو ستارت والبالغ 1550 رأسًا حربيًا منشورا إلى 4 آلاف أو 5 آلاف.'
هل يشن بوتين هجوما نوويا؟
مما تقدم نصل إلى سؤال 'هل يشن بوتين هجوما نوويا'، حيث تحاول الصحيفة الأمريكية الإجابة بالقول :'يظل من غير المرجح أن يستخدم بوتين الأسلحة النووية في أوكرانيا أو أي مكان آخر'.
وتحكم 'نيو ستارت' استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية، والتي تزيد قوتها بألف مرة عن الأسلحة النووية التكتيكية منخفضة القوة التي تكهن البعض بأن بوتين قد يستخدمها كاستعراض للقوة في أوكرانيا، ربما بإطلاقها بالبحر الأسود. لكن يمكن أن يقلب استخدام روسيا لسلاح نووي تكتيكية حلفاءها غير الغربيين ضدها.
ورأى ألبيركي أن 'الأمر لا يتعلق بساحة المعركة في أوكرانيا. من غير المرجح أن تساعده أي من تلك الأنظمة في تحقيق أهدافه من الحرب بل ومن المرجح أن تؤدي إلى لإضعاف الدعم الصيني والتركي والهندي.'
وهناك طريقة أخرى يمكن لبوتين التصعيد بها بدون نشر أسلحة نووية في أوكرانيا. ففي خطابه هدد الرئيس الروسي باستئناف تجارب الأسلحة النووية. وأجريت آخر تجربة سوفيتية عام 1990 ومن المرجح أن تؤدي جولة جديدة من التجارب إلى إثارة القلق في العواصم الغربية.
ورأى هاريز أنه 'من السابق لأوانه معرفة' ما إذا كانت روسيا ستزيد مخزونها من الأسلحة النووية بشكل كبير أم لا. ومع تقويض العقوبات للاقتصاد الروسي، يبقى أن نرى ما إذا كان بوتين قادرا على تحمل سباق تسلح مع الولايات المتحدة، يتساءل المحلل السياسي.
وقال ألبيركي إن ارتفاع أسعار الطاقة يعني أن الاقتصاد الروسي قد يكون قادرًا على الحفاظ على سباق تسلح على المدى القصير، رغم أن استمرار حرب باردة أخرى لعقود ستكون 'مدمرة'.