هزت انفجارات وقصف مدفعية العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الجمعة، على الرغم من أنباء عن ترحيب طرفي الصراع في البلاد بهدنة مقترحة خلال عطلة عيد
الفطر.
انفجارات وقصف مدفعية تهز الخرطوم
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية "تعرضت قبل قليل وما زالت تتعرض مناطق متعددة من الخرطوم للقصف والاشتباكات المتبادلة بين قوات الجيش والدعم السريع مخلفة دمار طال المباني والمنشآت والممتلكات العامة".
وذكر تحالف القوى المدنية المعروفة بقوى الحرية والتغيير على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي أنه قدم اقتراحا بهدنة لمدة ثلاثة أيام لطرفي الصراع، مضيفا أنهما رحبا بالاقتراح.
وذكر التحالف في بيان "نرحب بالموقف الايجابي لقيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع وسنواصل الجهود أملا في إسكات صوت البنادق وترجيح الخيارات السلمية"، مضيفا أنه سيواصل العمل على
بقية التفاصيل.
ومع ذلك لم يعلن أي من الطرفين علنا موافقته على وقف إطلاق النار.
وأصدرت قوات الدعم السريع، بيانا لم تشر فيه إلى أي هدنة محتملة، ونددت بالجيش بسبب ما ذكرت أنها هجمات جديدة.
وورد في البيان الذي صدر في وقت مبكر اليوم الجمعة "في الوقت الراهن وبينما يستعد المواطنون لاستقبال أول أيام عيد الفطر، تستيقظ أحياء الخرطوم على قصف طيران ومدفعية ثقيلة في هجوم شامل
موجه لاستهداف أحياء سكنية".
وناشد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الخميس، بوقف إطلاق النار للسماح للمدنيين بالوصول إلى مناطق آمنة.
وفر آلاف المدنيين من العاصمة الخرطوم وسط إطلاق نار وانفجارات أمس الخميس. وعبرت أعداد كبيرة الحدود إلى تشاد هربا من القتال الدائر في منطقة دارفور بغرب السودان.
ولقي ما لا يقل عن 350 شخصا حتفهم حتى الآن في الصراع العنيف على السلطة الذي اندلع مطلع الأسبوع بين الزعيمين اللذين كانا حليفين في مجلس السيادة الحاكم في السودان: قائد الجيش السوداني
الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وذكرت جماعة أطباء في سياق منفصل إن ما لا يقل عن 26 شخصا لقوا حتفهم وأصيب 33 في مدينة الأبيض غربي الخرطوم أمس الخميس.
وتحدث شهود عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريعة وأعمال نهب واسعة النطاق.
وقال جوتيريش للصحفيين بعد اجتماع عبر الإنترنت مع رؤساء الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى "كان هناك توافق شديد في الآراء على إدانة القتال الدائر في السودان والدعوة
إلى وقف الأعمال العدائية باعتبار ذلك أولوية فورية".
وأضاف أنه يتعين السماح للمدنيين المحاصرين في مناطق النزاع بالخروج من هذه المناطق والحصول على العلاج الطبي والغذاء والإمدادات الأخرى.
وقال قائد الجيش السوداني البرهان لقناة الجزيرة إنه سيدعم هدنة بشرط السماح للمواطنين بالتحرك بحرية، وهو أمر قال إن قوات الدعم السريع منعته حتى الآن.
وقال، أيضا، إنه لا يرى حاليا طرفا آخر ليفاوضه وأن لا خيار إلا الحل العسكري.
وقال الزعيم الأخر في الصراع، وخصم البرهان، قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) لقناة الجزيرة إنه مستعد لتنفيذ هدنة لمدة ثلاثة أيام في العيد.
وقال حميدتي عدة مرات إنه يؤيد وقف إطلاق النار لفترة قصيرة، لكن في كل مرة تنهار الهدنة سريعا.
وقال حميدتي "نتحدث عن هدنة إنسانية... نتحدث عن ممرات آمنة... لا نتحدث عن الجلوس مع مجرم".
ويتهم البرهان حميدتي بالرغبة في "الاستيلاء على السلطة".
وحميدتي كان حتى الأسبوع الماضي نائب البرهان في مجلس السيادة الذي يحكم البلاد منذ انقلاب قبل عامين.
وصمد إلى حد كبير التحالف بين الرجلين منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير قبل أربع سنوات.
وشهد حكم البشير تحول السودان إلى دولة منبوذة دوليا ومدرجة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
واندلعت أحدث أعمال العنف بسبب الخلاف على خطة مدعومة دوليا لتشكيل حكومة مدنية جديدة. ويتبادل الجانبان الاتهامات بإحباط عملية الانتقال.
القتال والفرار
منذ اندلاع العنف، تركز معظم القتال على المنطقة التي تضم مقر الجيش ومقر إقامة البرهان.
كما كانت منطقة السفارات والمطار مسرحا لاشتباكات.
وشهدت الخرطوم وأم درمان وبحري تجمع السكان في محطات الحافلات مع حقائبهم بعد مزيد من الانفجارات وإطلاق النار أمس الخميس.
وقال ساكن في الخرطوم يدعى عبد الملك "لا يوجد غذاء والمتاجر الكبيرة خاوية والوضع ليس آمنا لذلك يرحل الناس بصراحة".
وما زال كثير من السودانيين محاصرين، إلى جانب آلاف الأجانب، في مدينة تتحول سريعا إلى منطقة حرب.
وانتشرت سيارات محترقة في الشوارع وأحدثت القذائف ثقوبا في المباني بما في ذلك مستشفيات مغلقة حاليا حيث بقيت هناك جثث دون أن تُدفن.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي، أمس الخميس، إن ما بين عشرة و20 ألف شخص فروا من القتال لجأوا إلى القرى الواقعة على طول الحدود داخل تشاد.
وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد حتى قبل اندلاع الصراع. وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان يوم السبت
بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.
ويقع السودان على حدود سبع دول ويقع بين مصر والسعودية وإثيوبيا ومنطقة الساحل المضطربة في أفريقيا، ولذا يحتمل أن تفاقم الأعمال القتالية التوترات الإقليمية.