يعيش أطفال قطاع غزة أوضاعاً مأساوية للغاية، جراء الحرب الإسرائيلية، وسط تهالك البنى التحتية وانتشار الأوبئة والأمراض، ونزوح أكثر من 1.4 مليون إلى الجنوب، حيث يعيشون في مراكز إيواء وخيام معدومة المقومات الحياتية اليومية، وتفتقر إلى أبسط حقوق الأطفال في الطعام والشراب والدواء وأماكن اللعب.
مدينة ألعاب في رفح
وما زال أطفال غزة يواجهون عواقب الحرب المستمرة على قطاع غزة، إلى جانب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، فالحزن في غزة بات مؤجلا، والانشغال بالنجاة هو سيد المشهد، وهذا أدى إلى خلق وضع صعب للأطفال، وصدمات نفسية بحاجة إلى علاج، وبحاجة إلى برامج ترفيهية تعيد البسمة الضائعة من شفاه أطفال غزة.
الطفل محمود صقر، من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بادر لإنشاء مدينة ألعاب بسيطة، للترفيه عن الأطفال النازحين، لتعلو أصوات اللعب والضحك على وجوه الأطفال مجدداً في مدينة رفح. ويقول الطفل محمود لوكالة 'سبوتنيك' عن مبادرته:
كنت أرى الأطفال يأتون للعب هنا، ولم يكن يوجد ألعاب، فخطرت لي فكرة إحضار الألعاب إلى هنا، وهذه اللعبة التي يقفز الأطفال بداخلها، كانت متواجدة عندي منذ فترة، وأحضرتها لكي يلعب الأطفال ويفرحوا.
وأضاف محمود: 'الهدف من هذه الألعاب، هو التخفيف عن الأطفال في ظل الحرب، وجعلهم يبتعدون عن مشاهد الحزن، فالأطفال أثناء القصف لا يعرفون ماذا يفعلون وأين يذهبون، فلا يوجد هنا مكان أمن، والجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف الأطفال بشكل مباشر'.
ويلجأ الأطفال النازحون إلى اللعب تخفيفًا عن أنفسهم، وقد حضر عدد من الأطفال النازحين للمشاركة في القفز واللعب، بعدما ضل بعضهم لفترة طويلة حبيس خيمة النزوح، وبدت على وجوهم فرحة، ومن الأطفال الذين جاؤوا للعب الطفل أحمد سليم والذي نزح مع عائلته من خان يونس إلى رفح، بعدما تعرض حيهم للقصف من الطيران الإسرائيلي، ودمر منزلهم وقتل بعض من أقاربه، ويقول أحمد لـ'سبوتنيك' عن المبادرة:
'قاعدين نلعب على النطيطة، والشيكل لا نستطيع أن نشتري به شيئاً، والكيكة الصغيرة ثمنها 5 شواكل، ومقابل شيكل نلعب هنا قدر ما نشاء، ونفرح بهذه العبة'.
وتابع: 'نحن من سكان خان يونس ونزحنا إلى رفح، فالاحتلال يقصف فجأة وتحدث مجازر والناس في بيوتهم، وخائفون من القادم، ويمكن أن يأتونا بعملية برية، ولا نعرف أين سنذهب، هل سنعود إلى خان يونس أو مكان آخر، فنحن نريد أن نعيش مثل أطفال العالم، ونعيش بأمان وسلام'.
ويطمح صاحب المبادرة الطفل محمود صقر إلى توسيع فكرته، وجلب مزيد من الألعاب التي ترفه عن الأطفال، وبمبلغ زهيد هو شيكل واحد، ليعيد بعضاً من الضحك والسرور الذي فقده الأطفال الفلسطينيون في قطاع غزة خلال الحرب.
ومع استمرار الحرب على قطاع غزة، تتفاقم أزمة النازحين في رفح جنوبي القطاع، حيث يوجد أكثر من 1.4 مليون نازح، يعيشون ظروفا صعبة للغاية على جميع المستويات، وقد حذرت الأمم المتحدة من وضع كارثي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ تهديدها باجتياح المدينة عسكريا.
ويشار إلى أن مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني قال إن ' قرابة نصف سكان القطاع -البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة - تقل أعمارهم عن 18 عاماً'. ومن جانبها، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة 'يونيسف' أن '15.6% من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد في شمال قطاع غزة المحاصر'، وفي رفح، يزداد الوضع سوءاً على الأطفال جراء نقص الطعام والدواء.
وفي اليوم 139 للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ارتفع عدد القتلى إلى 29410، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 69465، ويواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع منذ أكثر من 4 أشهر، حيث دمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7، من أصل 2.4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة.