أعلن وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، عن توصل بلاده وروسيا إلى اتفاق بشأن إنشاء قاعدة بحرية روسية في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر. جاء ذلك عقب مباحثات أجراها الشريف في موسكو مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف. وأكد الشريف، في مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف، أن "جميع العقبات قد تم تجاوزها، وأن التفاهمات قد اكتملت بين البلدين بشأن هذه القضية"، مضيفًا: "لقد اتفقنا على كل شيء".
ويمثل هذا الاتفاق خطوة هامة في العلاقات بين السودان وروسيا، حيث يعزز من الوجود الروسي في منطقة البحر الأحمر، الذي يُعتبر ذا أهمية استراتيجية كبيرة. ويأتي هذا الاتفاق بعد سنوات من المفاوضات بين البلدين، التي شهدت بعض التعثرات بسبب التطورات السياسية في السودان.
وأكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده تولي اهتمامًا خاصًا للوضع في السودان، وتسعى جاهدة لتطبيع الأوضاع هناك بأسرع ما يمكن. وأشار إلى أن ذلك سيتحقق من خلال إنهاء العمليات العسكرية في القريب العاجل، والشروع في حوار وطني شامل يضم جميع ممثلي القوى السياسية والعرقية والطائفية في البلاد. وأضاف لافروف أن نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، أطلعه على أن القيادة السودانية قد أقرت قبل أيام "خارطة طريق" من شأنها أن تدفع البلاد نحو تحقيق توافق وطني شامل.
ويأتي هذا التأكيد من الجانب الروسي في ظل التطورات الأخيرة في السودان، حيث تشهد البلاد نزاعًا مسلحًا منذ عدة أشهر. وتدعو روسيا إلى حل سلمي للأزمة في السودان، مؤكدة على أهمية الحوار الوطني الشامل لتحقيق الاستقرار في البلاد.
ويُذكر أن فكرة إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان قد طرحت لأول مرة في عهد الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، إلا أن التغييرات السياسية التي شهدها السودان في عام 2019 أدت إلى تأخير تنفيذ هذا المشروع.
منذ مطلع القرن الحالي، كثفت روسيا اهتمامها بالقارة الأفريقية، ساعية إلى توسيع نفوذها عبر زيادة التبادل التجاري والاستثمار، وعقد اتفاقيات عسكرية وصفقات أسلحة مع العديد من الدول الأفريقية. يشمل هذا التعاون أيضًا مجالات الطاقة والموارد الطبيعية.
السودان: بوابة روسيا إلى أفريقيا
واجهت روسيا تحديات في مساعيها لإنشاء قاعدة بحرية في مناطق مختلفة قبل أن تحول تركيزها إلى السودان. فقد عرقلت الحرب في اليمن إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قاعدة بالقرب من مضيق باب المندب ذو الأهمية الاستراتيجية. كما أن المحادثات مع جيبوتي لم تُثمر بسبب الخلاف حول الموقع المقترح للقاعدة والتكاليف الباهظة للبناء.
ونتيجة لهذه العقبات، حولت روسيا تركيزها إلى السودان، الذي كانت تجري معه مباحثات بشأن التعاون العسكري والأمني لعدة سنوات. وقد أثمرت هذه الجهود عن اتفاق بين البلدين لإنشاء قاعدة بحرية روسية في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر.
أهمية القاعدة البحرية الروسية في السودان
تمثل هذه القاعدة البحرية أول قاعدة عسكرية روسية في أفريقيا، وهي ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا. فهي تُتيح لها تعزيز وجودها في منطقة البحر الأحمر، الذي يُعد ممرًا ملاحيًا حيويًا للتجارة العالمية. كما أنها تمكن روسيا من توسيع نفوذها في القارة الأفريقية، التي تُعد سوقًا واعدة للأسلحة والموارد الطبيعية.
خلفية التعاون العسكري الروسي السوداني
تعود العلاقات العسكرية بين روسيا والسودان إلى فترة طويلة، حيث كانت روسيا تزود السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية في عهد الرئيس السابق عمر البشير. وقد استمر هذا التعاون بعد سقوط نظام البشير، حيث تسعى روسيا إلى تعزيز علاقاتها مع السودان، الذي يمر بمرحلة انتقالية.