في خطوة مفاجئة ودالة، زار وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي دمشق ليعلن إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين المملكة المتحدة وسوريا. تأتي هذه الزيارة، وهي الأولى من نوعها لمسؤول بريطاني بهذا المستوى منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، لتؤكد التحولات الجذرية في المشهد الدبلوماسي الدولي تجاه سوريا، مدفوعة بتحسن علاقات دمشق مع الغرب والحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية وإنعاش الاقتصاد السوري المدمر.
عودة الدبلوماسية ودعم الاستقرار
أكد الوزير لامي، خلال استقباله من قبل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في القصر الرئاسي بدمشق، أن 'المملكة المتحدة تعيد علاقاتها الدبلوماسية لأن من مصلحتها دعم الحكومة الجديدة في تنفيذ تعهدها ببناء دولة أكثر استقرارًا وأمانًا وازدهارًا لجميع السوريين'. يمثل هذا التصريح نقلة نوعية في الموقف البريطاني، الذي كان قد قطع علاقاته مع دمشق لسنوات طويلة إبان الصراع السوري. ويعكس البيان أملًا جديدًا للشعب السوري بعد نزاع استمر لأكثر من عقد.
واتفق الجانبان خلال اللقاء على ضرورة تعزيز الحوار وبناء شراكة جديدة قائمة على المصالح المشتركة واستقرار المنطقة. ويشير هذا التوافق إلى رغبة متبادلة في تجاوز خلافات الماضي والانخراط في تعاون فعال يخدم مصالح البلدين.
مساعدات إنسانية فورية ودعم لإعادة الإعمار
تزامنًا مع إعادة العلاقات الدبلوماسية، أعلنت الحكومة البريطانية عن حزمة مساعدات إنسانية طارئة بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني. تستهدف هذه المساعدات تقديم دعم عاجل للسكان المتضررين من سنوات الحرب، وهو ما يؤكد على حجم الأزمة الإنسانية التي تعيشها سوريا بعد سنوات من النزاع.
كما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن لقاء جمع الوزير الشيباني بلامي، تم خلاله بحث آليات تفعيل التعاون الثنائي وتوسيعه ليشمل مجالات اقتصادية وإنسانية وسياسية. هذا التوجه نحو التعاون الشامل يعكس إدراكًا مشتركًا بأن الاستقرار السياسي يجب أن يتوازى مع التعافي الاقتصادي والإنساني.
سوريا تعيد ترتيب أوراقها على الساحة الدولية
منذ تشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، بدأت سوريا إعادة ترتيب علاقاتها الدولية على نطاق واسع. توجت هذه الجهود بلقاء الرئيس الشرع للرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض في مايو الماضي، الذي أعقبه رفع واشنطن العقوبات الاقتصادية عن دمشق. تبعت ذلك خطوات مماثلة من دول الاتحاد الأوروبي بإنهاء نظام العقوبات ذاته، مما يمهد
ومع ذلك، تواجه سوريا تحديات اقتصادية هائلة وفوضى أمنية. يعيش نحو 90% من السكان تحت خط الفقر، وتشتد الحاجة إلى تدفقات مالية ضخمة لإعادة الإعمار. يتطلب هذا بدوره تعاونًا مع المؤسسات المالية الدولية والمصارف الغربية، وهو ما تعول عليه الحكومة الانتقالية في دمشق لإنعاش الاقتصاد المدمر.