دعا زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، في رسالة مصورة إلى أنصاره، إلى انتقال "طوعي" من الكفاح المسلح إلى "السياسة الديمقراطية والقانون". واصفًا هذه الخطوة بأنها "مكسب تاريخي وليست خسارة"، جاءت رسالة أوجلان في ظل جهود مكثفة لعملية سلام مع تركيا.وبحسب قناة 'رووداو' الكردية، ظهر أوجلان في الفيديو، الذي يعود تاريخ تصويره إلى حزيران/يونيو الماضي، برفقة عدد من السجناء في سجن إيمرالي، مؤكدًا على التزامه بنداء السلام والمجتمع الديمقراطي الذي أطلقه في 27 شباط/فبراير 2025. واعتبر أوجلان أن الاستجابة الإيجابية لهذا النداء، من خلال المؤتمر الثاني عشر لحل حزب العمال الكردستاني (PKK)، تعد 'ردًا تاريخيًا شاملاً وصحيحًا للغاية'.
في تطور مهم، ذكرت قناة 'إن.تي.في' التركية يوم الثلاثاء أن مقاتلي حزب العمال الكردستاني سيبدأون بتسليم أسلحتهم في مجموعات بمدينة السليمانية شمال العراق يوم الجمعة المقبل، في إطار عملية السلام مع تركيا. يأتي هذا القرار بعد أن قررت الجماعة في أيار/مايو الماضي حل نفسها تلبية لدعوة أوجلان في شباط/فبراير، منهيةً بذلك صراعًا مع الدولة التركية استمر لأكثر من أربعة عقود وأسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.
التقى وفد من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الموالي للأكراد، وهو ثالث أكبر الأحزاب في تركيا ولعب دورًا رئيسيًا في تسهيل قرار حزب العمال الكردستاني بنزع سلاحه، يوم الاثنين الماضي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة لمناقشة عملية السلام. وفي سياق متصل، أفادت قناة 'إن.تي.في' سابقًا أن رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن، سيتوجه إلى بغداد لإجراء محادثات مع مسؤولين عراقيين لمناقشة تسليم الأسلحة.
رسالة أوجلان كاملة: رؤية للسلام والتحول الديمقراطي
في رسالته الموسعة التي حملت تاريخ 19 حزيران 2025، أكد أوجلان أن حركتهم، التي تأسست على الرفاقية الاشتراكية، تمر حاليًا ببعض الأزمات. وقدم رسالته هذه 'كطريق لحل هذه الأزمات، وذلك من منطلق واجب أخلاقي'.
وشدد أوجلان على أن المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني قد استجاب بإيجابية لنداء السلام والمجتمع الديمقراطي، معتبرًا ذلك 'ردًا تاريخيًا'. وأشار إلى أن 'الوضع الحالي كنتيجة تاريخية وقيمة'، معربًا عن شكره لكل من بذل جهودًا ولعب دورًا فعالاً في هذه المرحلة.
كشف أوجلان عن تحضيره 'مانيفستو المجتمع الديمقراطي' في ظل التطورات الأخيرة والتحول التاريخي، معتبرًا إياه 'انتصارًا لمانيفستو (طريق ثورة كردستان) الممتد منذ 50 عامًا'. وأعرب عن اعتقاده بأهمية هذا المانيفستو 'للمنطقة وجميع قوى المجتمع العالمي'، مؤكدًا أنه 'مثال لانتصار تقاليد المانيفستو التاريخي'.
وأوضح أوجلان أن هذه التطورات هي نتائج لقاءاته في إيمرالي، وأن هناك 'محاولات على أعلى المستويات' لضمان أن تكون هذه اللقاءات 'مستندة على الإرادة الحرة'.
التخلي عن الدولة القومية والكفاح المسلح
تطرق أوجلان في رسالته إلى أن حركة حزب العمال الكردستاني كانت تستند في الأساس إلى إنهاء إنكار الهوية وتأسيس دولة مستقلة. ومع الاعتراف بالهوية، يرى أوجلان أن 'الهدف الأساسي قد تحقق، ومن هذا المنطلق أتمت الحركة عمرها، بالإضافة إلى أنها عانت من التكرار والتوجه نحو أزمة'. وعلى هذا الأساس، سيتم 'مواصلة النقد والنقد الذاتي بشكل موسع'.
وأكد أن 'السياسة لا تقبل بالفراغ'، وأن استراتيجية برنامج السلام والمجتمع الديمقراطي 'السياسة الديمقراطية' كتكتيك أساسي، يجب أن تصان بقانون شامل. مشيرًا إلى أنهم يتحدثون عن 'مرحلة تحديد مصير من الناحية التاريخية'.
أهمية نزع السلاح الطوعي
تحدث أوجلان عن أهمية تشكيل 'لجنة واسعة ومسؤولة داخل البرلمان التركي من أجل نزع السلاح بشكل طوعي وفي إطار قانوني'. وأكد على ضرورة أن تكون الخطوات المتخذة 'حساسة وبعيدة عن المنطق الضيق'، معربًا عن إيمانه بأن هذه الخطوات 'لن تذهب سدى' وأنها 'بادرة حسن نية'.
مبادئ التحول:
حدد أوجلان عدة مبادئ للتحول:
تحمل المسؤولية وتحقيق السلام: أكد أن تحقيق هدف السلام والمجتمع الديمقراطي يتطلب تبني منظور اندماجي إيجابي. وخلص إلى أن حزب العمال الكردستاني قد تخلى عن هدف بناء الدولة القومية وبالتالي تخلى عن استراتيجية الحرب، أي حل نفسه، مع آمال بتحقيق مزيد من التقدم.
نزع السلاح كانتصار تاريخي: شدد على أن نزع السلاح بشكل طوعي والانتقال إلى المرحلة القانونية والسياسة الديمقراطية لا يعني الهزيمة، بل يجب تقييمها على أنها 'انتصار تاريخي'. وأشار إلى أنه سيتم تحديد الطرق المناسبة والقيام بخطوات عملية سريعة بخصوص إلقاء السلاح.
دور حزب المساواة وديمقراطية الشعوب: أكد أن الحزب سيعمل مع الأحزاب الأخرى وسيتحمل جميع المسؤوليات لإنجاح هذه المرحلة.
الحرية الشخصية والمجتمعية: وفيما يتعلق بحريته الشخصية، أكد أوجلان أنه لم يضعها كمشكلة، مشيرًا إلى أن 'الحرية الشخصية لا يمكن فصلها عن المجتمع'. وأن 'بحرية الفرد يتحرر المجتمع، وبحرية المجتمع يمكن للفرد أن يتحرر'.
واختتم أوجلان رسالته بالتأكيد على إيمانه 'بالسياسة وسلام المجتمع لا بالسلاح'، داعيًا أنصاره لتطبيق هذا المبدأ. وأشار إلى أن التطورات الأخيرة في المنطقة تظهر مدى أهمية وسرعة تنفيذ هذا 'النداء التاريخي'. وعبر عن حماسه للمرحلة القادمة، منتظرًا الانتقادات والاقتراحات والدعم، ومؤكدًا على تصميمهم على المضي قدمًا وتحقيق النصر بناءً على قرارات المؤتمر الثاني عشر والآراء المطروحة في رسالته