موسكو - في خطوة لافتة، سيرت القوات الروسية قبل أيام دورية عسكرية في مدينة القامشلي السورية، في تحرك يعكس تبدلاً ملموسًا في التحالفات بمنطقة شمال شرقي سوريا. وقد جاء هذا التحرك الميداني الروسي بعد تفاهمات جرت خلال زيارة وزيري الخارجية والدفاع السوريين إلى موسكو مؤخرًا، وتجاهل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي كانت في السابق جزءًا من التنسيق الثلاثي في المنطقة.
تمركزت الدورية الروسية، المدعومة بمروحيتين، في مناطق شرق مدينة القامشلي بريف الحسكة، في أول ظهور ميداني علني للقوات الروسية منذ سقوط النظام السابق نهاية العام الماضي. ويعتقد مراقبون أن هذا التحرك يشير إلى وجود تنسيق مباشر مع الحكومة السورية الجديدة.
وفي ظل التكتم الروسي المعتاد على تحركاتها العسكرية، يرى محللون أن الخطوة تعتبر "مؤشراً واضحاً على تغير قواعد الاشتباك والتنسيق الأمني" بعد التغيرات السياسية في دمشق. ويُشار إلى أن القوات الروسية منعت "قسد" من مرافقة الدورية، في دلالة واضحة على تغير قواعد التنسيق على الأرض بعد المرحلة السياسية الجديدة.
تحليل إخباري
إعادة التموضع الروسي في سوريا: احترام وحدة البلاد وضمان المصالح
تأتي هذه الدوريات الروسية في القامشلي بعد زيارة قام بها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة إلى موسكو، حيث جرت مباحثات موسعة حول مستقبل العلاقة بين البلدين والأوضاع الأمنية والعسكرية في سوريا.
ووفقًا لمصادر مطلعة على المحادثات، فقد توصل الطرفان إلى تفاهم حول تنسيق مشترك لضمان الالتزام بمبدأ وحدة وسلامة الأراضي السورية، وهو المبدأ الذي تتطابق فيه وجهات نظر موسكو ودمشق. هذا التحرك الميداني الروسي، وإن كان محدودًا في الوقت الحالي، يظهر أن الطرفين انتقلا إلى تطبيق التفاهمات الأولية التي جرى التوصل إليها.
تؤكد هذه التحركات أن روسيا، ورغم سقوط النظام السابق الذي كانت تدعمه، تعمل بقوة على عدم الظهور بمظهر "الخاسر استراتيجيًا". وتسعى موسكو لإقامة توازنات جديدة في العلاقة مع الحكومة السورية، تحافظ فيها على مصالحها المشروعة، بما في ذلك الوجود العسكري على ضفاف البحر المتوسط. وتدرك موسكو أن مراجعة الاتفاقات السابقة، بما في ذلك طبيعة هذا الوجود ومدته ورقعته الجغرافية، ستكون ضرورية.