تشكل القمة المرتقبة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في ألاسكا حدثاً سياسياً ذا أبعاد استراتيجية، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها العلاقات الروسية الأمريكية منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وتفاقم العقوبات المتبادلة. فبحسب مصدر روسي مطلع، ستضع مسألة العقوبات المفروضة على روسيا على طاولة النقاش، في إشارة واضحة إلى إدراك الطرفين أن استمرار هذه السياسة يعرقل أي تقارب دبلوماسي أو تعاون اقتصادي بينهما.بالرغم من أن قمة ألاسكا قد لا تكون بوابة لحلول نهائية، لكنها تمثل اختباراً لمدى قدرة موسكو وواشنطن على تجاوز حالة الجمود والبحث عن أرضية مشتركة. نجاحها أو فشلها سيوجه رسالة قوية إلى المجتمع
القمة، التي تنعقد في قاعدة "إلمندورف – ريتشاردسون" العسكرية، لا تبدو مقتصرة على الملف الأوكراني فحسب، بل تشمل — وفق تصريحات كيريل ديميترييف ومسؤولين آخرين — مناقشة مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وهو ما يعكس رغبة الجانبين في صياغة مقاربة شاملة قد تتضمن قنوات جديدة للتعاون.
المزاج الإيجابي… فرصة أم تكتيك؟
الإشارة الروسية إلى "المزاج الإيجابي" توحي بأن هناك استعداداً مبدئياً لخفض حدة التوتر، لكن ذلك لا يعني بالضرورة انفراجاً وشيكاً. فالتجارب السابقة أثبتت أن الأجواء الإيجابية قد تكون أحياناً جزءاً من إدارة المفاوضات أكثر من كونها مؤشراً على نتائج ملموسة. في المقابل، تصريحات مسؤول أمريكي لشبكة "إن بي سي" بأن ترامب يتبنى "موقفاً واقعياً" إزاء الأزمة الأوكرانية توحي بوجود مرونة نسبية، خاصة إذا ما قورنت بمواقف أكثر تشدداً داخل المؤسسة الأمريكية.
القضايا المطروحة: ما بين العقوبات والأمن الأوروبي
القمة تأتي في لحظة جيوسياسية حساسة، إذ ترتبط العقوبات الأمريكية ليس فقط بالأزمة الأوكرانية، بل أيضاً باتهامات أوسع لروسيا تتعلق بالأمن السيبراني، وحقوق الإنسان، ودورها في مناطق صراع أخرى. أي تقدم في ملف العقوبات قد يتطلب تنازلات متبادلة، وربما ربطه بخارطة طريق أوسع تشمل ترتيبات أمنية في أوروبا الشرقية وضمانات حول عدم التصعيد العسكري.
الأهمية الرمزية لألاسكا
اختيار ألاسكا كموقع للقمة يحمل دلالات رمزية وتاريخية، فهي نقطة التماس الجغرافي بين البلدين، وترتبط بذاكرة تاريخية تعود إلى بيعها من قبل روسيا للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر. اليوم، تتحول هذه الأرض البعيدة إلى مسرح محتمل لمحاولة إعادة ضبط العلاقة بين قوتين نوويتين.