شهدت محافظة السويداء مؤخراً محاولات لتشكيل قوة عسكرية موحدة تحت اسم "الجيش الموحد"، في خطوة أثارت انقسامًا بين الفصائل المحلية. ووفقًا لمصادر وتقارير، لم تحظ هذه الدعوة، التي قادها شيخ عقل الطائفة الدرزية، حكمت الهجري، بحماس واسع من قبل الفصائل الكبرى، بينما أعلنت فصائل أخرى انضمامها.
وتكشف المعارضة لتشكيل الجيش عن غياب الوضوح حول هويته وأهدافه. فيما تشير بعض الانتقادات إلى أن التشكيل يضم ضباطاً خدموا سابقًا في جيش النظام السوري، وأن محاولات تشكيله لن تنجح لكونه محصورًا على أفراد الطائفة الدرزية.
تأتي هذه التحركات في ظل تحولات متسارعة تشهدها السويداء، عقب الأحداث الدامية التي وقعت منتصف شهر يوليو الماضي بين فصائل درزية وعشائر بدوية وقوات الأمن السورية. واتهم الهجري الحكومة بارتكاب "جرائم إبادة" وفرض حصار على المحافظة، وهو ما نفته الحكومة السورية.
يواجه مشروع "الجيش الموحد" تحديات عديدة، حيث أعلنت "حركة رجال الكرامة"، التي تعد أكبر فصيل مسلح في المحافظة، أن الانضمام للتشكيل "غير وارد حاليًا"، مؤكدة على ضرورة وضوح ماهيته وتوافقه مع مبادئ الحركة.
تحليل إخباري: ديناميكيات القوة والانقسام في السويداء
تعكس الدعوة لتشكيل "الجيش الموحد" في السويداء تعقيد المشهد الميداني والسياسي في المحافظة ذات الأغلبية الدرزية. وتبرز هذه المحاولة، التي يقودها الشيخ حكمت الهجري، عدة أبعاد للصراع المستمر، ليس فقط مع الحكومة السورية، بل أيضًا بين الفصائل الدرزية نفسها.
1. الانقسام الداخلي وتعدد الأجندات:
يُظهر التقرير انقسامًا واضحًا داخل الطائفة الدرزية، فبينما تسارع بعض الفصائل الصغيرة إلى الانضمام للتشكيل الجديد، تتردد الفصائل الكبرى مثل "حركة رجال الكرامة" وتتحفظ عليه. ويعود هذا التردد إلى عدة عوامل، أهمها:
غموض الأهداف: عدم وضوح الأجندة الحقيقية للجيش الموحد، وهل هو تشكيل دفاعي لحماية المحافظة أم نواة لقوة انفصالية.
قيادات مثيرة للجدل: اعتراضات على ضم ضباط سابقين في جيش النظام السوري، مما يثير تساؤلات حول استقلالية التشكيل ونياته.
دوافع الانضمام: إغراء الشباب برواتب شهرية قد تكون دافعًا رئيسيًا وراء الانضمام، ما يشير إلى أن التشكيل يعتمد على الدعم المادي أكثر من الأيديولوجيا المشتركة.
2. صراع النفوذ والمرجعيات:
يتجاوز هذا الانقسام مسألة تشكيل جيش موحد ليشمل صراعًا على النفوذ داخل الطائفة. فالهجري، الذي يتشارك المرجعية الدينية مع شيوخ عقل آخرين، يحاول تعزيز موقفه عبر تشكيل هذا الكيان العسكري. وتأتي هذه الخطوة بعد تصاعد مواقفه المناهضة للحكومة السورية، خاصة بعد أحداث يوليو الدامية.
3. المخاوف من الطابع الطائفي والانعزال:
تثير تسمية "الجيش الموحد" المخاوف من أنه قد يكون جيشًا طائفيًا بحتًا، مما قد يعزز عزلة السويداء عن باقي المحافظات السورية. ويشير محللون عسكريون إلى أن هذا التشكيل لن يكون له مستقبل لأن الجيوش تنتمي عادة إلى دول، وليس إلى جماعات طائفية، كما أن أي محاولة لتقسيم سوريا قد تواجه رفضًا إقليميًا ودوليًا.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تظل السويداء في حالة من عدم اليقين، حيث يتصارع الفاعلون المحليون على السلطة والنفوذ في غياب رؤية موحدة لمستقبل المحافظة.