تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصعيدًا خطيرًا في القصف المدفعي الذي أودى بحياة سبعة مدنيين وأصاب أكثر من سبعين آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء. استهدفت الهجمات، التي شنتها قوات الدعم السريع، مخيم أبو شوك للنازحين وأحياء سكنية مجاورة، مما فاقم من الأزمة الإنسانية المأساوية في المدينة المحاصرة منذ أكثر من 16 شهرًا.
قصف عشوائي يثير الذعر ويسقط الضحايا
وفقًا لتنسيقية لجان المقاومة في الفاشر، استمر القصف بشكل عشوائي على مناطق متفرقة، مما أدى إلى سقوط ضحايا جدد وانتشار حالة من الذعر بين السكان الذين يعيشون ظروفًا إنسانية صعبة للغاية. وأعلنت شبكة أطباء السودان عن مقتل سبعة مدنيين وإصابة 71 آخرين جراء هذا القصف. ووصفت الشبكة الهجوم بأنه "جريمة بشعة" ترقى إلى مستوى "الإبادة الجماعية"، منتقدة صمت المجتمع الدولي ومطالبة بتدخل فوري لوقف القصف ورفع الحصار عن المدينة.
الفاشر تحت الحصار: 260 ألف شخص في خطر
مع دخول حصار الفاشر يومه الـ 500، كشفت منظمة الصحة العالمية عن وجود ما يقرب من 260 ألف شخص لا تصلهم المساعدات الإنسانية. وأشارت المنظمة إلى أن الاحتياجات الصحية وصلت إلى مستويات حرجة بسبب نفاد المخزونات الطبية، مؤكدة استعدادها لإرسال قافلة مساعدات من مدينة نيالا فور حصولها على إذن بالوصول.
وكانت قوات الدعم السريع قد رفضت في يوليو الماضي مبادرة طرحها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لوقف إطلاق النار في الفاشر للسماح بوصول المساعدات، معتبرة المدينة منطقة عمليات عسكرية ومطالبة المدنيين بالمغادرة.
أطفال "هياكل متحركة" يواجهون الموت جوعًا
في مخيم أبو شوك، أطلقت غرف الطوارئ نداء استغاثة عاجلاً، مشيرة إلى أن مئات الأطفال يعيشون في ظروف مزرية، حيث يعتمدون على "مياه الملوخية المسلوقة" للبقاء على قيد الحياة. وصفت فرق الإغاثة هؤلاء الأطفال بأنهم أصبحوا "هياكل متحركة" بسبب الجوع والأمراض الفتاكة، وسط عمليات قصف مستمرة تهدد حياتهم المنهكة.
وتتفاقم الأوضاع الإنسانية في المخيم، حيث يواجه السكان انعدامًا كاملاً للغذاء، الدواء، والماء، وفقدوا العديد من الضحايا بسبب الجوع والمرض والقصف.
هجوم على حقول النفط ومقتل كوادر طبية
تزامن الهجوم على الفاشر مع استهداف مسيرات تابعة لقوات الدعم السريع لحقل هجليج النفطي، مما أسفر عن سقوط قتلى مدنيين من الطواقم الفنية العاملة هناك. وأدانت حكومة السودان هذا الهجوم، واصفة إياه بـ "السلوك الهمجي" الذي يستهدف البنية التحتية الحيوية والمصالح الوطنية.
من جانب آخر، وثقت شبكة أطباء السودان مقتل 231 من الكوادر الطبية وإصابة أكثر من 500 آخرين منذ بدء الحرب في أبريل 2023. واعتبرت الشبكة استهداف الطواقم والمنشآت الطبية "جريمة حرب"، مجددة التزامها بالعمل رغم التهديدات ومناشدة المجتمع الدولي للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف الانتهاكات.
كارثة إنسانية في كردفان أيضًا
في سياق متصل، دق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) ناقوس الخطر بشأن الوضع في مدينتي كادوقلي والدلنج بولايتي جنوب وشمال كردفان. وأشار بيان مشترك مع المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى أن المدينتين على شفا كارثة إنسانية بسبب اشتداد القتال وحصار عمال الإغاثة.
وأصبح المدينتان تحت سيطرة مشتركة لقوات الدعم السريع والحركة الشعبية، مما أدى إلى إغلاق الطرق وتفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة مع انتشار وباء الكوليرا ونقص الخدمات الصحية. وبينما أسقط الجيش مواد إغاثة في كادوقلي مؤخرًا، لم تكن هذه الجهود كافية لتغيير الوضع المأساوي الذي يتدهور يوميًا.