في ظل تصاعد التوترات والمعارك الميدانية في قطاع غزة، تتصدر قضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة «حماس» المشهد السياسي والإعلامي في إسرائيل، حيث ألقى إعلان الجيش الإسرائيلي، مؤخراً، عن استعادة جثتي أسيرين الضوء مجدداً على مصير 48 محتجزاً ما زالوا في قبضة الحركة منذ عملية 7 أكتوبر 2023.
وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية السبت الماضي التعرف على الجثتين اللتين أعيدتا من غزة، وهما: عيدان شتيفي وإيلان فايس. وذكر الجيش الإسرائيلي أن العثور عليهما جاء خلال "عملية إنقاذ معقدة" في القطاع. وجاءت هذه التطورات لتؤجج من حالة الغضب والإحباط لدى عائلات الأسرى، الذين يتهمون الحكومة ورئيسها، بنيامين نتنياهو، بالتخلي عنهم، ويعتبرون أن قرار احتلال غزة هو قرار "غير واعٍ" يترك مصير أبنائهم في مهب المجهول.
مخاوف من مصير مجهول
يخشى جزء كبير من عائلات المحتجزين من أن يواجه أحباؤهم مصيراً مشابهاً لمصير الطيار رون أراد، الذي أُسر في لبنان عام 1986، وما زال مصيره مجهولاً حتى اليوم. هذه المخاوف تعكس حجم المعركة القاسية والسجال الحاد داخل إسرائيل حول سبل التعامل مع ملف الأسرى.
من جهته، يتباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه نجح في تحرير 208 محتجزين من أصل 256 شخصاً خُطفوا في 7 أكتوبر، مؤكداً أن العمليات العسكرية والسياسية الحالية تهدف إلى إطلاق سراح الباقين. ومع ذلك، ترى غالبية عائلات المحتجزين، ومعها شريحة واسعة من السياسيين والمواطنين، أن السبيل الوحيد للتحرير هو عبر المفاوضات والصفقات مع «حماس»، مشيرين إلى أن معظم عمليات التحرير السابقة تمت بهذه الطريقة، وأن العمليات العسكرية لم تُجدِ نفعاً إلا في حالات محدودة جداً.
أرقام ومفاوضات
وفقاً للبيانات الرسمية، يبلغ عدد المحتجزين لدى «حماس» الآن 48 شخصاً بعد استعادة جثتي شتيفي وفايس. وتوضح دائرة الأسرى والمفقودين في الحكومة الإسرائيلية أن 19 محتجزاً فقط ما زالوا على قيد الحياة بشكل مؤكد، مع وجود أدلة على ذلك من خلال شهادات المحررين السابقين.
وتتضمن القائمة أيضاً محتجزاً ثالثاً، هو أرئيل كونيو، الذي توجد أدلة على بقائه حياً، إضافة إلى اثنين آخرين يُعتقد أن حياتهما في خطر شديد، مما دفع الدائرة إلى عدم تحديد وضعهما بشكل قاطع. أما الباقون، وعددهم 28 شخصاً، فتقول الدائرة إنهم قتلى بشكل مؤكد.
من أبرز القتلى هو المقدم عساف حمامي، قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي، الذي قُتل واختُطفت جثته. وتُعد مكانته العسكرية الرفيعة سبباً في مطالبة «حماس» بالإفراج عن قادة فلسطينيين كبار مقابل جثته، مثل مروان البرغوثي وعباس السيد.
خلاف حول هوية المحتجزين
تدور خلافات بين إسرائيل و«حماس» حول هوية المحتجزين العسكريين والمدنيين. فالحركة تؤكد أن جميع من تبقوا في الأسر هم جنود، بينما تصر إسرائيل على أن غالبيتهم مدنيون. وتعتبر «حماس» أن عدداً من المحتجزين الذين كانوا يعملون حراس أمن في مهرجان موسيقي، مثل بار كوبرشتاين وإيتان مور، هم جنود، وهو ما ترفضه إسرائيل.
وتعترف إسرائيل بوجود جنديين اثنين فقط على قيد الحياة هما متان إنجرست ونمرود كوهين. ويأتي إصرار «حماس» على تصنيف المحتجزين كجنود لتعزيز مطالبها في صفقات التبادل.
شروط التبادل
ارتفع سعر التبادل بشكل كبير منذ الصفقة الأولى، التي قضت بتحرير 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل محتجز إسرائيلي من الأطفال والنساء والمرضى. في الصفقة الثانية، ارتفع السعر إلى 30 أسيراً فلسطينياً مقابل كل محتجز، و50 أسيراً مقابل كل جندية إسرائيلية.
وتطالب «حماس» حالياً بـ70 أسيراً فلسطينياً، بينهم 10 محكومين بالمؤبد، مقابل كل محتجز عسكري، مع ضرورة أن يكون بين المفرج عنهم قادة كبار. في المقابل، تطلب إسرائيل إبعاد قادة «حماس» عن غزة، ونزع سلاح الحركة، وتشكيل قيادة محلية غير تابعة لـ«حماس» أو السلطة الفلسطينية. أما «حماس»، فتشترط إنهاء الحرب، وتطالب بأن يكون الإبعاد رمزياً لعدد قليل من قادتها، مع بقاء أجهزتها الأمنية في القطاع.
Tools