ads
ads

بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025

أهالي غزة
أهالي غزة

يشهد الشرق الأوسط مع اقتراب نهاية عام 2025 حالة توتر غير مسبوقة، في ظل تداخل معادلات الحرب والسياسة والسرد الإعلامي، بما يجعل المنطقة قابلة لانفجارات جديدة في أي لحظة. وبين الدمار الواسع في قطاع غزة، وتصاعد التوتر في الضفة الغربية، وتحركات القوى الإقليمية والدولية، تتشكل ملامح مرحلة انتقالية تعيد رسم توازنات النفوذ في الإقليم.

وتشير قراءات سياسية إلى أن الصراع الدائر لم يعد محصوراً في ميزان القوة العسكرية وحده، بل بات يدور أيضاً حول من يملك القدرة على صياغة السرد السياسي والإعلامي، والتأثير في الرأي العام الدولي، وتحديد معاني الأمن والشرعية والمستقبل في المنطقة.

أرقام الدمار والخسائر البشرية

خلفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت في السابع من ت أكتوبر 2023، دماراً واسعاً وخسائر بشرية غير مسبوقة. ووفق تقديرات صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، قُتل نحو 70 ألف فلسطيني حتى مطلع ديسمبر 2025، غالبيتهم من المدنيين، بينهم آلاف الأطفال والنساء.

كما تشير البيانات إلى تضرر ما يقرب من 90 في المئة من مباني القطاع بشكل كلي أو جزئي، إلى جانب تهجير أكثر من مليوني فلسطيني داخل غزة، في واحدة من أكبر موجات النزوح في تاريخ المنطقة الحديث. وتؤكد المنظمات الإنسانية أن الأزمة لا تقاس بالأرقام وحدها، بل بما خلّفته من انهيار في أنماط الحياة، مع وجود نحو 1.9 مليون نازح بلا مأوى مستقر، وأعداد كبيرة من الأطفال خارج المدارس، ونقص حاد في الخدمات الصحية وفرص العمل.

هدنة هشّة وسط انتهاكات مستمرة

في العاشر من أكتوبر 2025، أُعلن عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، في مقدمتها حركة حماس، بعد قرابة عامين من العمليات العسكرية المكثفة. ورغم الترحيب الدولي والفلسطيني بالاتفاق، بوصفه خطوة نحو التهدئة، فإن الوقائع الميدانية أظهرت هشاشته.

وسجلت مصادر فلسطينية ودولية استمرار الغارات الجوية وإطلاق النار، إضافة إلى بقاء قوات إسرائيلية في مساحات واسعة من القطاع، فضلاً عن إغلاق المعابر أو تأخير دخول المساعدات الإنسانية. كما شملت الانتهاكات عمليات اعتقال واستهداف مدنيين، ما أبقى الأوضاع الإنسانية في حالة تدهور، وهدد فرص تثبيت أي مسار سياسي مستقر.

إعادة تموضع في موازين القوة

تعكس تطورات 2025 إعادة تموضع للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط، ليس فقط على مستوى القوة العسكرية، بل أيضاً في القدرة على التأثير السياسي والدبلوماسي. فإلى جانب أدوار دول تقليدية مثل إسرائيل وإيران وتركيا والسعودية ومصر، برزت فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى جانب قوى فاعلة في لبنان واليمن والعراق، كلاعبين مؤثرين في معادلات الردع والتفاوض.

في المقابل، تواصل دول إقليمية مثل قطر وسلطنة عُمان لعب أدوار وساطة هادئة، مكّنتها من الحفاظ على قنوات تواصل مفتوحة بين أطراف متنازعة. كما تسعى قوى دولية كبرى، من بينها روسيا والصين، إلى توسيع حضورها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، ما يضيف طبقات جديدة من التعقيد إلى مشهد التسويات المحتملة.

سيناريوهات مستقبلية مفتوحة

يرى مراقبون أن مستقبل الشرق الأوسط قد يتجه إلى واحد من ثلاثة مسارات رئيسية. الأول يتمثل في استمرار فرض الوقائع بالقوة، مع بقاء القضية الفلسطينية في إطار إنساني محدود دون معالجة جذورها السياسية، وهو مسار يوصف بأنه غير مستدام. والثاني يقوم على توازن ردع هش، حيث لا يملك أي طرف القدرة على الحسم، مع بقاء التوتر قائماً دون انفجار شامل. أما السيناريو الثالث، فيتمثل في نشوء نظام إقليمي متعدد الأقطاب، يتيح أدواراً أوسع للقوى العربية والإسلامية، ويمنح الفلسطينيين موقعاً مركزياً في إعادة الإعمار وصياغة مستقبلهم.

إعادة الإعمار ومعركة السرد

تقدّر كلفة إعادة إعمار غزة بعشرات مليارات الدولارات على مدى سنوات، غير أن خبراء يؤكدون أن العملية لا تقتصر على إعادة بناء المباني والبنية التحتية. فإعادة الإعمار تُعد اختباراً لهوية المجتمع الفلسطيني وقدرته على استعادة تماسكه الاجتماعي والثقافي، من خلال التعليم والصحة وفرص العمل، وربط الإنسان بأرضه من جديد.

وفي موازاة ذلك، تتصاعد أهمية ما يوصف بـ«معركة السرد»، حيث يتنافس الفاعلون على تعريف طبيعة الصراع: هل هو حرب على الإرهاب أم صراع مع احتلال؟ ومع تنامي دور الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، باتت الرواية أداة حاسمة في تشكيل الوعي العالمي، بما يجعل السيطرة على السرد السياسي والإعلامي عاملاً مؤثراً في رسم مستقبل الشرق الأوسط.

وبين استمرار الحرب على الأرض وتكثف الصراع على الرواية، يبقى الإقليم في 2025 عند مفترق طرق تاريخي، تتحدد ملامحه بقدر ما تحدده القوة العسكرية، بقدر ما تصوغه الكلمة والصورة والذاكرة الجماعية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو في نهائي إنتركونتيننتال