ads
ads

هل عاد تنظيم الدولة إلى واجهة الأحداث مجددا؟ ( تحليل )

داعش.jpg
داعش.jpg

أعادت ضربات جوية أمريكية واسعة في سوريا تنظيم الدولة الإسلامية إلى واجهة المشهد الأمني، وسط تساؤلات متزايدة حول طبيعة عودته وحقيقة نشاطه، وما إذا كان التصعيد الأخير يعكس تهديداً متجدداً أم يندرج في إطار رسائل الردع الأمريكية.

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن مقاتلاتها نفذت عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “عين الصقر”، استهدفت أكثر من سبعين موقعاً قالت إنها تابعة لتنظيم الدولة في الأراضي السورية. وأوضحت أن الضربات شملت بنى تحتية، ومستودعات أسلحة، ومواقع وصفتها بـ”النشيطة” للتنظيم. وفي السياق ذاته، أكد الجيش الأردني مشاركته في العملية عبر سلاح الجو، مستهدفاً مواقع للتنظيم في جنوب سوريا، في خطوة عكست استمرار التنسيق العسكري الإقليمي لملاحقة خلايا التنظيم.

وتزامن هذا التصعيد مع تأكيد رسمي من دمشق التزامها بمحاربة تنظيم الدولة، ودعوتها الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي إلى منع إقامة أي ملاذات آمنة له داخل الأراضي السورية.

وجاءت الضربات بعد هجوم مسلح وقع في محافظة تدمر وسط سوريا، أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني من الجنسية نفسها. وأثار هذا التطور تساؤلات حول توقيت التحرك الأمريكي، لا سيما في ظل إقرار واشنطن بوجود عشرات الأهداف التابعة للتنظيم داخل سوريا. وطرح مراقبون تساؤلات بشأن سبب تأخر استهداف هذه المواقع، ودور التحالف الدولي في ملاحقة التنظيم خلال الفترة الماضية.

وفي هذا السياق، نشطت مجدداً قراءات تستند إلى ما يُعرف بـ”نظرية المؤامرة”، ترى أن الولايات المتحدة تغض الطرف عن تحركات التنظيم، أو تراقبه عن كثب، وتسمح له بالنشاط في توقيتات محددة تخدم مصالحها الجيوسياسية. ويستشهد أصحاب هذه القراءات بأن التنظيم لم يظهر بشكل لافت خلال ذروة التوترات الإقليمية الأخيرة، قبل أن تعود تحركاته إلى الواجهة مع تراجع حدة الصراعات في المنطقة، مستفيداً من ما يصفونه بـ”الفراغ الجغرافي والأمني” في بعض المناطق السورية.

في المقابل، يرى محللون أن هذا التفسير لا يستند إلى قراءة علمية دقيقة، ويؤكدون أن التحرك الأمريكي الأخير يندرج ضمن سياسة ثابتة تتبعها واشنطن، تقوم على الرد السريع والقوي على أي استهداف مباشر لأشخاص أو مصالح أمريكية، بهدف ترسيخ مبدأ الردع. وبحسب هذا الطرح، فإن الضربات الجوية الأخيرة تحمل طابعاً عقابياً واستعراضياً للقوة، أكثر من كونها جزءاً من استراتيجية شاملة ومستمرة للقضاء على تنظيم الدولة.

وتشير تحليلات أخرى إلى أن هوية الجهة المنفذة لهجوم تدمر لم تُحسم بشكل قاطع، إذ لم تؤكد البيانات الرسمية، بما فيها البيان الصادر عن الحكومة السورية، انتماء المنفذين صراحة إلى تنظيم الدولة، ما يضيف بعداً من الغموض إلى خلفيات التصعيد.

أما مشاركة الأردن في العملية، ففسرها مراقبون بأنها رسالة سياسية وأمنية تؤكد جاهزية عمّان للتصدي لمصادر التهديد على حدودها، خصوصاً في ظل تصاعد عمليات التهريب والتسلل خلال الفترة الماضية. كما تستحضر المشاركة الأردنية تاريخاً من العداء المباشر مع التنظيم، على خلفية حوادث سابقة كان أبرزها إعدام أحد الطيارين الأردنيين الأسرى.

وبشأن سوريا، يرى متابعون أن محدودية دور قواتها في العملية تعكس واقع الدولة السورية الحالية، التي تعاني من ضعف في القدرات العسكرية، رغم إعلانها الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الشهر الماضي. ويذهب بعضهم إلى أن اقتصار التدخل الأمريكي على الرد عند مقتل أمريكيين يبعث برسالة سلبية إلى دمشق، مفادها أن خطر التنظيم قد يُترك ليتفاقم داخل الأراضي السورية.

في واشنطن، تتقاطع مقاربتان حيال السلطة السورية الجديدة: الأولى متفائلة، وتعتبر أن دعم قيام سلطة مركزية قوية في دمشق يخدم المصالح الأمريكية، بينما ترى الثانية أن هذه السلطة مرشحة للفشل، وتدعو إلى التعامل مع واقع فوضوي محتمل، بما ينسجم مع الرؤية الإسرائيلية لمستقبل أمن المنطقة. ورغم هذا التباين، يبدو أن التوجه الغالب حالياً يميل إلى دعم استقرار سوريا الجديدة، طالما بقيت منسجمة مع الرغبات والمصالح الأمريكية.

وبين هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحاً: هل تعكس الضربات الأخيرة عودة فعلية لتنظيم الدولة إلى واجهة الأحداث، أم أنها مجرد فصل جديد في معادلة الردع والصراع على النفوذ في الساحة السورية؟

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً