ودع اليوم عالمنا الموسيقار الكبير إلياس الرحباني بعد صراع مع فيروس كورونا عن عمر يناهز 82 عامًا، لتسقط بذلك آخر ورقة في شجرة الرحبانية فسقط من قبله أشقائه الإثنين، عاصي ومنصور الرحباني.
ولد إلياس الرحباني عام 1938، درس الموسيقى في الأكاديمية اللبنانية والمعهد الوطني للموسيقى، بجانب تلقيه دروساً خاصة لعشرة أعوام، تحت إشراف أساتذة فرنسيين في الموسيقى، وعشق الياس الموسيقى تاثراً بأخويه عاصي ومنصور اللذان يكبرانه في السن، وفي التاسعة عشرة من عمره رغب في التوجه إلى روسيا لإكمال دراسته، لكن إصابة في يده اليمنى منعته من ذلك، وكان خفوت الحلم صدمة كبيرة له، وقد تخلى أستاذه عن تعليمه، لكنه صمم على المتابعة بيده اليسرى، ووجه اهتمامه إلى مجال التأليف الموسيقي.
وفي عمر العشرين استدعته إذاعة bbc البريطانية بفرعها في لبنان وتعاقدت معه على تلحين 40 أغنية و13 برنامجاً، فكان ذلك أول عمل رسمي له بأجر بلغ 3900 ليرة لبنانية، وشكل عام 1962 محطة رئيسة في مشوار اليأس، حيث بدأ فيه التعاون مع المغنين المعروفين، بأغنية 'ما أحلاها' للمطري نصري شمس الدين، وبدأ العمل كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان، وتعرّف على حبيبته 'نينا خليل' وتزوجها.
ظل إلياس في اذاعة لبنان حتى عام 1972، واشتغل أيضاً منتج موسيقى لدى شركات منتجة للاسطوانات، و في 1976 سافر مع عائلته إلى باريس، ومنح للعالم مئات من الأعمال الموسيقية، أسهمت في إثراء ورقي الفنون العربية خلال القرن العشرين.
نال الياس الرحباني العديد من الجوائز خلال مسيرته الفنية، منها، جائزة مسابقة شبابية في الموسيقى الكلاسيكية 1964، وجائزة عن مقطوعة La Guerre Est Finie في مهرجان أثينا عام 1970، و شهادة السينما في المهرجان الدولي للفيلم الإعلاني في البندقية عام 1977، الجائزة الثانية في مهرجان لندن الدولي للإعلان عام 1995، الجائزة الأولى في روستوك بألمانيا عن أغنية Mory، وجوائز في البرازيل واليونان وبلغاريا.
وكرمته جامعة بارينغتون في واشنطن عام 2000 بدكتوراه فخرية، وكذلك جامعة استورياس في أسبانيا، وعين عميداً لأكاديمية روتانا لتعليم الغناء، حين تأسيسها في عام 2000، لكنه استقال منها بعد مدة قصيرة، بمبرر أن قرارات اتخذت بدون استشارته.
وخلال مسيرته الفنية لحن الياس الرحباني أكثر من 2500 أغنية ومعزوفة، نحو 2000 منها عربية، وألّف موسيقى تصويرية لخمسة وعشرين فيلماً، من ضمنها أفلام مصرية، وأيضا لمسلسلات، ومعزوفات كلاسيكية على البيانو، من أشهرها موسيقى فيلم 'دمي ودموعي وابتسامتي'، وفيلم 'حبيبتي' وفيلم 'أجمل أيام حياتي' ومسلسل 'عازف الليل' .
ولحن وكتب الياس الرحباني العديد من الاغاني الشهيرة لعملاقة الطرب فيروز، واشهر أغاني الياس لفيروز، 'يالور حبك، الأوضة المنسية، معك، يا طير الوروار، بيني وبينك، جينا الدار، قتلوني عيونا السود، يا اخوان، منقول خلصنا، ياي ياي يا ناسيني، كان الزمان، كان عنا طاحون'.
كذلك لحن الياس العديد من أغاني الفنانة صباح ، منها، 'كيف حالك يا أسمر، شفته بالقناطر، ياهلي يابا'، وغنى من ألحانه كل من وديع الصافي، ملحم بركات، نصري شمس الدين، وماجدة الرومي. كما تعاون مع عدد من مغني جيل أحدث، منهم 'جوليا بطرس وباسكال صقر'، والف الرحباني عدة مسرحيات، منها 'وادي شمسين، سفرة الأحلام، إيلا'، وفي مجال الشعر، صدر له كتاب نافذة العمر، عام 1996.