زوجة أب ومدرسة راهبات وأرملة في الـ18.. أسرار من مذكرات شويكار (صور)

شويكار
شويكار

لم تخطط يومًا لحياتها، لم تخطط لأن تكون ممثلة، ولم يأت في بالها يومًا أن تصبح سيدة المسرح الجميلة، ولكنها بالتأكيد الظروف التي تصنعها الأقدار، والتي خطّت لها خطوطًا متوازية مشت فوقها لتصنع حياتها الخاصة بها، والتي ابتسمت فيها كثيرًا، ونزفت فيها أيضًا الكثير من الدموع، فكما أضحكتنا كثيرًا على الشاشة أبكتنا أيضًا؛ لأنها مثل 'الحية' تستطيع التشكل في كل شخصية ودور وما عليك إلا أن تتفاعل معها وتحبها.

عندما قدمت 'صدفة بعضشي' في مسرحية 'سيدتي الجميلة' رسمت على وجوهنا الضحكات، وعندما ارتدت ثوب 'زبيدة العالمة' في ثلاثية نجيب محفوظ جعلتنا نصدقها، فهي الفنانة شويكار، التي نحتفي اليوم السبت بالذكرى الأولى لرحيلها.

شويكار

نفتح من خلال هذا التقرير مذكرات من حياة الفنانة الكبيرة شويكار.. شويكار شفيق أحمد شكري طوب صقال، تلك الفنانة التي كانت تشع البهجة في قلوب الجميع فور أن تطل على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا، وخصوصًا عندما تقف في مواجهة الأستاذ فؤاد المهندس، فمن ينسى مشهد مسكها في خناقة على المسرح وهي تقول له: 'انت اللي قتلت بابايا.. آه يا بابايا'.

شويكار واختفاء حضن والدتها

نفتح الصفحة الأولى من مذكرات شويكار، والتي بالتأكيد سنجدها مليئة بالحكايات عن طفولتها، والتي تقول عنها: 'قفز بي العمر لحظة واحدة إلى 20 و30 عامًا.. ففي يوم كنت مع إخوتي نستمتع بمشاهدة برنامج بابا شارو عندما دخلت علينا أمي والدموع تملأ وجهها وقالت: جدو مريض! سافروا مع باباكم وأنا هحصلكم خدوا بالكم من نفسكم'، لتكون هذه الساعة هي نقطة التحول في حياة الأسرة كاملة.

شويكار

بعد برنامج 'بابا شارو' تناول الأطفال العشاء، وفي الساعة السابعة، دخلوا إلى غرفتهم ليلتقوا بملائكتهم لبضع ساعات، بعد أن ضمتهم أمهم إلى صدرها بشدة، كانت درجة الحنان في هذا الحضن أكبر، واللهفة أعمق، ودموعها تنساب على خديها بغزارة، وكأنه حضن الوداع، حتى استيقظ الأطفال في الصباح ولم يجدوها، فيأخذهم والدهم ويسافر بهم إلى بلدتهم 'أبو خضر' في محافظة الشرقية، وبعد انتظار طويل من الأطفال لوالدتهم لم تف بوعدها لهم ولم تأتِ.

مرات الأب!!

مر شهر ونصف لم يعرف الأطفال أين ذهبت والدتهم؟ فهل جدهم ما زال مريضًا إلى هذا الحد؟ 'فغير مسموح بالسؤال ولا الكلام في أمور الكبار حتى لو كان السؤال عن الأم'، ليقرر الأب أن يعود بهم إلى بيتهم مجددًا، فيفرح الأولاد بأنهم سيعودوا ومن الممكن أن يجدوا والدتهم في انتظارهم، ولكن الصدمة وقتها كانت شديدة، فيدخلوا إلى المنزل ويجدوا أمامهم امرأة أخرى بديلة لوالدتهم ليفهموا جميعا كل ما حدث.

الجميع شعروا بالضيق والحزن الشديد، إلا الطفلة 'شويكار' فلم تغضب، ولم تكرهها، بل على العكس أعجبتها؛ لأنها كانت في الحقيقة جميلة و'زي القمر'، ولكن كانت هناك مشكلة كبيرة، فشعرت الطفلة بأن الجميع بأعينهم نظرة شفقة، فقد أصبح لها ولأشقائها 'زوجة أب'، ولم تعجبها هذه النظرة في أعينهم، خصوصًا وأن قلب والدهم لم يتحول من ناحيتهم، فهو الرجل الطيب والحنون والحازم الذي عرفوه دائمًا، وزوجته الجديدة سيدة عاقلة تزوجته وهي تعرف أن لديه 3 أبناء شويكار وشريفة وشكري، فاعتبرتهم أولادها، ثم أنجبت لهم إخوة هم: شاهيناز، وشاهيستا، وشمس نور، وشريف.

شويكار

حان وقت المدرسة عزيزتي

نقلب الصفحة، لنجد الأب يقرر أن يدخل شويكار وشقيقتها 'شريفة' مدرسة راهبات داخلية، لتحرم من عاطفة الأمومة والأبوة، وحتى عطف زوجة الأب، فالزيارة داخل هذه المدرسة كانت مرة واحدة في الأسبوع، ولكن ليست هذه الأزمة، فالمشكلة كانت في أهالي البنات الذين يأتون لزيارتهن، وهي وشقيقتها لا أحد يسأل عنهما، فكرهتا أن تشاهدا أما تقبل ابنتها أمام أعينهما، تكون لديهما شعور بالاحتجاج الذي لم تستطيعا التعبير عنه، وخصوصًا 'شويكار' التي كانت تريد تحطيم كل شئ أمامها، لتنقلب حياتها من فتاة هادئة إلى شقية ومشاغبة جدًا، تحطم كل شئ يقع بيديها، وتوقع الفتيات في بعضهن.

أرملة في الـ18 من عمرها

يمر عام وراء عام، وتقلب صفحة وراء صفحة، والفتاة تعتصر خلف جدران المدرسة الداخلية، حتى بلغت عامها الـ13، وبدأت تفهم ما يجري من حولها و'تعقل'، وتبكي كثيرًا، وظلت هكذا حتى انتهت دراستها وراء جدران المدرسة، لتخرج منها وتقع عيناها على 'حسن نافع الجواهرجي'، شاب قوي البنيان، حلو أوي وشكله يجنن، هكذا وصفته شويكار، التي وقعت في حبه، وخطبا لبعضهما، وبعد مرور عامين تزوجا لتحبه أكثر؛ لأنه كان ابن ناس وطيب جدًا، ولكن السعادة دائمًا عمرها قصير، فتوفى بعد زواجهما بعامين فقط، بعد أن أنجبت منه ابنتها 'منة الله'، لتصبح أرملة في عمر 18 سنة، لتعود بعدها إلى العالم وحيدة هي وابنتها التي لم تكن تجاوزت عامها الأول، ليترك زوجها فراغًا كبيرًا في حياتها وأسئلة لا تعرف حلها: 'ماذا ستفعل بحياتها؟'، 'من سيعولها هي وابنتها؟'.

شويكار

الفن يفتح ذراعيه لشويكار

من أسئلة شويكار لنفسها، نتنقل في الصفحات لنجد أنفسنا أمام صفحتها مع الفن، والتي تحكي فيها سيدة المسرح الجميلة، كيف ساقها القدر إلى التمثيل، فتقول: عمر السينما ما كانت أمل بالنسبة لي، عمري ما فكرت أمثل أو أغني، ودخلت الفن بالصدفة، فذهبت بعد وفاة زوجي للعيش مع والدتي ورغم أحزاني كان لابد أن أفكر بعقلانية وثبات رجل، فلابد أن تعيش ابنتي في مستوى لا يقل عن الذي عشت أنا فيه بمنزل والدي، أو الذي ولدت فيه بمنزل والدها، فنزلت للعمل في شركة 'شل' بمرتب 20 جنيهًا، وأثناء عملي أكملت دراستي الجامعية وحصلت على ليسانس الآداب الفرنسي ثم حدثت الصدفة وقابلت الفنان محمود السباع، الذي كان له سابق معرفة بوالدي وعرض علي العمل معه على المسرح، مقابل 10 جنيهات في الأسبوع الواحد'، ليفتح بعدها عالم الفن لشويكار ذراعيه.

شويكار

وانطلقت بعدها شويكار في عالم التمثيل، وبدأت تتنقل من السينما إلى المسرح والعكس، وكان أولى أعمالها على الشاشة الكبيرة فيلم 'حبي الوحيد' مع المخرج كمال الشيخ، لتصبح بعدها شويكار شيئًا فشيئًا اسمًا معروفًا في عالم الفن، حتى جاء لقائها مع الأستاذ فؤاد المهندس، الذي يعتبر لقائها معه هو بطاقة ميلادها الحقيقية.

"قبل أن نقلب الصفحة وندخل في قصة الأستاذ والجميلة، لابد أن نقول إن السينما المصرية عرفت في تاريخها الطويل، الثنائيات التي قدمت أفلامًا أكثر من ناجحة، بدءً من الرائدة ماري كويني وأحمد جلال، ثم ليلى مراد وأنور وجدي، وفاتن حمامة وعماد حمدي، مرورًا بشادية وكمال الشناوي، وفريد الأطرش والراقصة سامية جمال، وبعدهم في الجيل الحالي تامر حسني ومي عز الدين، وأحمد السقا ومنى زكي، إلا أن ثنائي الفنانة الراحلة شويكار، والفنان الراحل فؤاد المهندس، استثنائيًا في كل شئ"

الأستاذ والجميلة

لا نستطيع أن نفتح ذكريات شويكار، دون التطرق للفنان فؤاد المهندس، الذي كون معها ثنائيًا أكثر من رائعًا، فيأتي اللقاء الأول بين هذا الثنائي في مسرحية 'السكرتير الفني'، ليخلق معها دويتو مسرحي جديد، يقدم لونًا جديدًا على المسرح المصري، بعد وفاة نجيب الريحاني، ولكن ما لا يعرفه الكثيرين فإن الفنانة ليلى مراد هي السبب وراء هذا الثنائي.

شويكار

تقول شويكار: 'ليلى مراد هي السبب وراء زواجي من فؤاد المهندس، وهي سبب حبي للفن، نجمتي المفضلة، أعشق كل أغانيها، أتخيل نفسي مطربة مثلها، أتأمل صورتها فأجدها أجمل امرأة في العالم وصاحبة أحلى عينين، وكان كل ما فيها يبهرني، وحتى سن 14 لم أكن دخلت السينما ولا مرة ولكن حكايات أصدقائي عنها دفتني في أحد المرات للقفز من سور المدرسة لمشاهدة أحدث أفلامها، وعدت إلى المدرسة في قمة سعادتي لأجد راهبات المدرسة في انتظاري'.

شويكار

وحدث زواج شويكار وفؤاد المهندس بطريقة طريفة جدًا لا تقل شاعرية، فخلال عرضهما مسرحية 'أنا وهي وهي' في مشهد جميل ليس في أي كلام، تنحدر الجميلة إلى جانب الأستاذ على خشبة المسرح ليهمس لها بجملة خارج النص، جملة لم يسمعها أحد غيرها: 'إيه رأيك تتجوزيني يا شوشو؟'، لتبتسم شوشو أو شويكار وتقول له: 'مش وقته يا فؤاد'، ليسدل الستار ويحضن الاثنان بعضهما في عناق طويل، ويتزوجا، لنتعود بعدها على أن نرى الثنائي معًا على المسرح، لم يفترقا منذ أن تقابلا مع بعضهما.

شويكار

انفصال الأستاذ والتلميذة في الحياة واستمرارهما في التمثيل على استحياء

لقد وصلنا الآن إلى صفحتنا الأخيرة، والتي جاءت بعد مرور 17 عامًا من الزواج والحب والعمل والأزمات بين الأستاذ وتلميذته، لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، والقدر الذي يجرفنا إلى حيث لا ندري، فيتم الانفصال بين شويكار وفؤاد المهندس، ليس شخصيًا فقط، بل فنيًا أيضَا ولكن على استحياء قدما مع بعضهما مسرحيتين 'روحية اتخطفت'، و'مراتي تقريبًا'.

شويكار

لتستمر بعدها علاقة الصداقة بين الطرفين، وتقول شويكار: 'عشت مع فؤاد 17 عامًا.. عشت معه عائليًا وفنيًا.. كنا معًا في قالب ووجدان واحد، ولكن لم يتغير هذا الشعور، انفصلنا وكان انفصالًا هادئًا جدًا كله مودة ورحمة، وحدث لشدة حبي واحترامي له، فخفت من أن أغضب أو أتشاجر معه، وقلت لنفسي لا بد أن أنفصل عنه واحنا لسا حبايب.. فإنها القسمة'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
«أثار الفزع».. قرار عاجل بشأن طالب اصطحب ثعبانا إلى المدرسة بسوهاج