حقق مسلسل ليه لأ نجاحًا كبيرًا، خلال عرضه مؤخرًا، واستطاع أن ينال إشادت النقاد وقطاع كبير من الجمهور، بعد تناوله لقضية هامة ومؤثرة وهي قضية التبني، واحدة من القضايا التي تجاهلتها الدراما المصرية لسنوات، وهو ما دفعنا للحوار مع السيناريست مريم نعوم وورشة كتابتها المكونة من دينا نجم و رانيا حسن وسلمى عبد الوهاب.
*بدايةً.. هل خفتم من تناول قضية مثل التبني؟
لم نخف، لأننا شعرنا أنها قضية مهمة ولم تطرح من قبل بهذا الشكل، فتناولها في الأفلام القديمة كان عبارة عن شخص كبير يعيش مع أسرة ثم يكتشف في لحظة ما أنهم ليسوا أهله، وكان يتم الطرح بشكل سلبي وتشعر أن هذا الشخص دائما حوله أزمة، وكنا متحمسين أن نقدم هذا الموضوع بشكل واقعي وحقيقي، لأنها قضية هامة وموضع الناس لا تحب أن تتحدث فيه، وكان هناك لدى الكثيرين معلومات خاطئة عن الموضوع برمته، ونحن نفسنا كانت هناك أشياء كثيرة حول القضية لا نعرفها، و كان من الجيد أن تفهم الناس الأمور الصحيحة عن موضوع كهذا.
*كيف تابعتم ردود الأفعال على المسلسل خاصةً بعد تصريح وزارة التضامن بزيادة حالة التكفل؟
سعدنا جدا بأمر كهذا ولم نكن نتوقع أن الناس تفكر في الموضوع بهذا الشكل، وكانوا في السابق يخافون من الحديث في مثل هذه الأمور، لكن بعد المسلسل أصبح الحديث عنه أمر عادي، فهذا شئ مشجع لنا جميعاً.
*ما الذي دفعكم إلى هذه الفكرة ؟
عندما بدأنا التفكير في القضية، فكرنا في البنت التي تصل إلى سن معين وهي تحب الأطفال جدا وتتمنى أن تصبح أم لكن النصيب لم يكتب لها أن تزوجت، أو تزوجت وتطلقت دون ان تنجب، أو متزوجة ولديها مشاكل في الإنجاب وغيرها من الأنواع، فكل هذه العوامل كانت أول دافع في الفكرة، وهو دافع السيدة التي تتمنى أن تصبح أم وظروفها لم تسمح بهذا الأمر، والأمومة غريزة عند أي فتاة ففكرنا لماذا تحرم اي سيدة من أن تصبح أم لمجرد أنها لم يسعها القدر أن تتزوج، وعندما بدأنا قلنا إنها ستكفل في طفل، لكن في مصر كيف سيتم موضوع الكفالة للأطفال، في بحثنا في الموضوع وسألنا وعرفنا وساعدنا في ذلك جمعية وطنية التي نوجه اليها الشكر لأنها تعد من الاوائل الذين تحدثوا في الكفالة منذ سنوات كي ينشروا الوعي عن الموضوع، وتوجهنا اليهم وجمعنا المعلومات، ورغم أن هناك سيدات كثيرات تكفل في مصر لكن ليس هناك وعي كافي عن القضية، وهناك كثيرين لديهم خلط ما بين التبني والاحتضان، وهناك أناس لا زالوا لا يعرفون الشروط، و هناك آخريات يظنن أنهن لابد أن يكن متزوجات حتى يستطعن التكفل، فكل هذه الأمور لم تكن واضحة والدراما أقصر طريق لنشر الوعي بين الناس.
*هل حان الوقت للتمرد على المسلمات أو تقاليد الناس السلبية.
'دا جزء من عملنا فلدينا موضوعات كثيرة نريد أن نناقشها، لكي نجعل الناس تفكر وتعيد التفكير في الأمور، و'مش معنى أننا بقالنا 100 سنة بنقول حاجة معينة انها مينفعش نعيد تفكير فيها'، فإعادة التفكير جزء أساسي من شغلنا ولابد أن نتجاوز المقولة الخاطئة التي تقول 'الجمهور عايز كده'، ولابد أن يتم هذا الأمر على مستوى صناعة الفن بالكامل'.
*إلى أي مدى أضافت الفنانة منة شلبي للدور، وهل كانت هناك ممثلات أخريات مرشحات قبلها للدور ؟
منة شلبي كانت مكسب كبير جداً للدور، وهناك نضج كبير من ناحيتها في التعامل مع الشخصية، وبالطبع كانت هناك فنانة مرشحة لكن بدون ذكر أسماء لكن الأمر لم يكتمل بسبب أنها كانت تصور عمل آخر مخالف لميعاد تصوير المسلسل، وحظنا جيد أن المسلسل جاء في مرحلة نضج فني كبير لمنة شلبي ودفعت المسلسل للإمام.
*ما الشيء المميز في المسلسل الذي جعل المشاهدين يتفاعلون مع العمل ؟
الصدق والإتقان أهم عاملان في المسلسل، فكنا نصدق ما نعمله وذاكرناه جيدا كي يخرج بهذا الشكل النهائي، وادينا شغلنا بضمير ليس باستخفاف او استسهال، كما أن القضية انسانية ولا أحد يختلف معها أو لا يتعاطف معها والإخلاص في العمل كان المميز أيضاً في المسلسل.
*ما الهدف الأسمى من مسلسل ليه لأ؟
من أهدافنا تغيير النظرة إلى الأم الحاضنة أو للطفل المكفول، وكنا نجلس مع سيدات متكفلات وسألناهم عن الأشياء التي تضايقهن والكلام السئ الذي يسمعونه، وكانت تقال لهن جمل تضايقهم، وكنا حريصين أن نضع جزء مما سمعناه منهن في الحوار حتى يحدث تعاطف مع الأم المتكفلة والطفل ويشعر المشاهد أنه تأذى مما يحدث لهما، ويغير هذا من نظرة الناس عنهما ويكفوا عن مضايقتهما.
*ما رأيكم في الطفل سليم مصطفى الذي جسد شخصية يونس في المسلسل؟
اختارته المخرجة مريم أبو عوف التي قامت بمجهود كبير في إختيار فريق العمل وتركيزها في أدق التفاصيل، وحكت مريم أبو عوف أنها اختبرت الكثير من الأطفال للدور لكنها كانت تخبرنا أنها لم تشعبر بأن أي منهم مناسب للشخصية، حتى وقع الإختيار على سليم وهو بالفعل طفل وهذا شئ أصبحنا نفتقد هذه الأيام، لأن الناس الآن أصبحت تتباهى أن أطفالهم أكبر من سنهم، وهذا أمر غير محبب لأن الطفل يجب أن يعيش سنه، وسليم في الحقيقة مثل التمثيل طفل برئ وهذه أكبر ميزة به وهو هدية ربنا للمسلسل.
*الصعوبات التي واجهتكم أثناء الكتابة والتحضير للمسلسل؟
كانت الجلسات بيننا كثيرة ونكتب ونعدل كثيراً، وكنا نريد أن نخرج الموضوع بشكل طبيعي و تلقائي جداً، وكنا نأخذ وقت كبير جداً حتى نصل إلى الشئ الذي نكون جميعاً على اتفاق عليه، كما أن عملية جمع المعولمات كانت من الصعوبات الشديدة، فكنا نحتاج إلى جمع قدر كبير من المعلومات والجلوس مع العديد من الأشخاص المختصين و الأطفال الذين تمت كفالتهم وهم صغار بعدما كبروا، حتى نفهم وجهة نظر الإنسان نفسه الذي تم كفالته وكيف كانت حياته فكل هذه الأمور كانت مرهقة للغاية.
*اختيار اسم المسلسل لسلسلة أفاده.. وهل هناك مشروع ليه لأ الجزء الثالث ؟
بالطبع كان الأمر مفيداً أشبه بمظلة ليه لأ لا نفعل كذا وكذا، أو لماذا المجتمع لا يتقبل كذا، فالبتالي وجود العمل تحت مظلة ليه لأ يقصر الطريق ويوجه أنظار المجتمع، ليه لأ لا نفعل هذا الأمر أو ذاك، وهذا جزء مهم من عملنا، وهناك مواضيع كثيرة تدور حول إعادة النظر في شئ ثابت أو شئ المجتمع يرفضه، وهنا نوجه الأنظار إلى ضرورة رؤيته بمنظور آخر، والهدف الأساسي في المسلسل كان القبول بمعنى أن الناس تقبل الفكرة وبالتالي يتقبلوا الأم الحاضنة والطفل المحتضن، و لا يوصموه ولا يتنمروا عليه ولا يكرهون الأم في عيشتها ويجعلوها تندم على اليوم الذي اتخذت فيه قرار الاحتضان، فكان ذلك الهدف الأساسي من فكرتنا وكون أننا تخطينا هذا الهدف وأصبح هناك أناس يأخذون الخطوة الكفالة والتبني، فهذا كان هدف إضافي وتفاجئنا به واسعدنا جداً، والدراما مؤثرة والناس عندها استعداد كبير لكن تحتاج إلى أحد يناقش معهم الأمور بجدية واحترام لمشاعرهم، وهذا بالنسبة لنا مكسب كبير للصناعة الفنية ليس في هذه القضية فقط إنما في كافة القضايا .
*لماذا مسلسل ليه لأ لا يسلط الضوء على قضايا الرجل مثلما يحدث مع المرأة ؟
سنهتم بالتأكيد بقضايا الرجل، ونجهز لسلسلة سيطرح لها اسم آخر غير 'ليه لأ' وسيكون لها أكثر من موسم يطرح فيهم قضايا تخصهم.
*ما القضايا التي تخص الرجال ومسكوت عنها في مجتمعاتنا؟
مطلوب منه زيادة عن اللزوم، متابعة: 'الشباب في مصر مطلوب منهم فوق طاقتهم لمجرد أنهم رجالة.. حتى في المشاعر أنت مينفعش تعيط، مينفش تبان ضعيف.. علشان تبقى راجل لازم تعمل حاجات كتير'، و من الممكن أن تكون مثل هذه الأمور فوق طاقته كبني آدم، لا يتحملها، فهل بهذا أصبح غير رجل؟، متابعة: 'كل ده بجانب الزواج ومتطلباته وكأن الرجل مرتبط بإنه يقدر يحقق إيه ماديًا في زمن مينفعش فيه ده'.