أجرى الفقيه المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى، دراسة فريدة من نوعها على مستوى الوطن العربى غاية فى الأهمية بعنوان 'مسئولية شبكة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى بتعويض مصر عن تزييف تاريخها القديم للملكة كليوباترا' , دراسة فى ضوء المعايير الأمريكية المهنية والأخلاقية عن الأفلام الوثائقية'.
ويعتبر هذا الموضوع حديث الساعة، ويحتل المرتبة الأولى عالمياً، نظرا لما ستعرضه شبكة نتفليكس “Netflix” 10 مايو 2023 لفيلم وثائقى بأسم 'QUEEN CLEOPATRA'، الملكة كليوباترا، يتضمن مغالطات تاريخية وظهورها سوداء، ويكشف فيه الفقيه المصرى عن مفاجاَت وقضايا خطيرة تخص شبكة نتفليكس بالأدلة الأمريكية، وحقوق مصر تجاهها فى التعويض، وسوف نعرض للجزء الأول من تلك الدراسة الخطيرة فيما يلى:
مقاضاة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى
أولاً : القضاء المصري لا ولاية له على الفضاء الإلكترونى العالمى ومقاضاة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى ذاته، واُنادى بتشكيل لجنة أثرية وتاريخية وقانونية لرفع قضية أمام القضاء الأمريكى.
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن القضاء المصرى لا ولاية له على الفضاء الإلكترونى العالمى، بالنسبة لشبكة نتفليكس“Netflix”، وكل ما له هو وقف عرض الفيلم المزيف للتاريخ المصرى القديم داخل الفضاء الإلكترونى فى مصر فقط، فلا يملك القضاء المصرى ولا سلطات التحقيق أن تتناول بالإلغاء أو وقف البث لشبكة نتفليكس لسائر دول العالم، وهى تقع فى ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية ويحكمها القوانين الأمريكية الفيدرالية المتنوعة في مجال البث والاتصال فضلاً عن القوانين المحلية الخاصة بولاية كاليفورنيا الكائن به مقرها الرئيسى، وتلك قواعد وأحكام وقوانين أمريكية لا يطبقها القضاء المصرى، ولا يملك وقف بث فيلم كليوباترا لكافة دول العالم، ومن ثم فإن الإعلان عن مقاضاة شبكة نتفليكس داخل مصر لا يخرج عن حدود الفضاء الافتراضي المصرى فقط وتلك نتيجة لا تغير من الأمر شيئا، لأن المصريين يعلمون بمدى التزوير فى تاريخهم , ومن المهم أن يعلم بهذا التزوير للشعوب الأخرى , وتلك المسألة ليست فى يد القضاء المصرى ولا وفقا لقوانيه , إلا فى حدود الفضاء المصرى , والمصريون يعلمون بالتزييف لكن ماذا عساهم أن يفعلوا سوى الضغط على الرأى العام العالمى ؟ فمن المهم أن يعلم به شعوب العالم التى تأتى للسياحة من أجل القدماء المصريين مما يضر بالسياحة النيل من تلك الحضارة تحريفاً وتزييفاً.
مجلس الدولة
تشكيل لجنة أثرية وتاريخية وقانونية للدفاع عن حقوق مصر وتاريخها أمام القضاء الأمريكى
ويشير الدكتور محمد خفاجى بهذه المثابة فإن مقاضاة نتفليكس “Netflix” الصحيحة والحقيقية ينبغى أن تكون أمام القضاء الأمريكي ذاته وفقا لقوانينه لا قوانين غيره من الدول , واُنادى بتشكيل لجنة أثرية وتاريخية وقانونية ذات مستوى رفيع تتشارك كل فى تخصصه للدفاع عن حقوق مصر وتاريخها أمام القضاء الأمريكى عن طريق التقاضى هناك وفقا لقواعد القوانين الأمريكية , للمطالبة بوقف عرض الفيلم الوثائقي كليوباترا بإلزام شبكة نتفليكس بتعويض مصر عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بتزييف تاريخها القديم , وإذا ما تم الإعداد جيدا لعريضة القضية أتوقع أن تحصل مصر على مبلغ ضخم لا يصدق , لأن الأضرار جسيمة بالأجيال السابقة والمعاصرة واللاحقة , على أضرار فادحة لمساسها بثوابت الحضارة المصرية العريقة منذ فجر التاريخ .
ثانياً : الحرية الإبداعية فى الأفلام الوثائقية لا تعنى 'السطو على الحضارات' وتغيير هويتها، وتزوير تاريخ الشعوب جريمة ضد التاريخ
يضيف الدكتور محمد خفاجى من المعروف أن الأفلام الوثائقية تقوم على الحرية الإبداعية خاصة الأفلام المبنية على أشخاص تاريخية وأحداث تاريخية ، وفى أغلب الحالات يتم نقل عن الأشخاص أو الأحداث التاريخية لأغراض جمالية أو درامية , ولكن السؤال الذى يطرح نفسه فى هذا المجال , ما هى مقدار الحرية المسموح بها عالميا لصانعي الأفلام الوثائقية عندما تكون سمعة الشخص أو الأحداث التاريخية في خطربالتشويه والتزييف فى حقائق الشخصية؟.
الواقع أن الحرية الإبداعية فى الأفلام الوثائقية لا تعني 'السطو على الحضارات' وتغيير هويتها , وإنما الحرية فى العمل الفنى ذاته وأدواته والخيال المشروع لأغراض درامية , لا تنفى الحقيقة ولا تنطق بالكذب ، فهنا لا يجوز لصانعي الأفلام أن يذهبوا بعيداً في تغيير الحقائق الجوهرية .
ويجب أن يكون التاريخ سردا للحقيقة خاصة فى الأفلام الوثائقية باعتبار أن الحقيقة هي 'روح التاريخ' , لذا فإن تزوير تاريخ الشعوب جريمة ضد التاريخ حيث يبذل مجتمع من صناع السياسة المنحرفين والخبثاء قصارى جهدهم لإنكار أو حذف أو تزوير مساهمات القدماء المصريين على البشرية , إن التاريخ الحقيقي للحضارات لا يجب تشويه إنهم يملأون عقول الشعوب الأخرى بنسخة زائفة من تاريخ أمتنا المصرية العريقة درة الأكوان منذ القدم .
التفسير الإبداعي للواقع" وليس "الخيال المزور"
ثالثاً : الفيلم الوثائقي هو 'التفسير الإبداعي للواقع' وليس 'الخيال المزور'.. يقول الدكتور محمد خفاجى أن جوهر الفيلم الوثائقي هو 'التفسير الإبداعي للواقع ' وليس ' الخيال المزور ' فلا يجوز للفيلم الوثائقى أن يقوم بتشويه الحقائق أو الكذب الصريح للأحداث التاريخية لتاريخ أمة من الأمم , فيجب أن تحافظ الأفلام الوثائقية على الشعور بالنزاهة ، دون تشويه أو تحيز, صحيح أن الخداع الفنى هو جزء من عملية صناعة الأفلام الوثائقية فهى تقوم على تحويل الحياة اليومية القديمة إلى قصة برؤية حديثة تناسب روح العصر.
إن أفضل ما يمكن أن يقدمه الفيلم الوثائقي هو تقديم الأشخاص التاريخية المؤثرة فى تاريخ الشعوب القديمة كما يرويها عنهم ما سطره جمهرة المؤرخين والعلماء ويظل العمل الإبداعى ينحصر فى وسيلة التقديم والعرض وسرد الخيال الذى يؤمن بالأحداث والشخصيات وأفعالها بشكل عادل ، ووفقا لروح الإنصاف , لا طمس الحقائق أو تغيير صنع التاريخ , فالفيلم الوثائقى لا يصنع الحدث القديم , بل يقدمه بشكل عصرى تستسيغه العقول فتلقفه بالارتياح والقبول.
"الخيال المزيف للحقائق" فى العمل الوثائقي "تلفيق"
رابعا: الفيلم الوثائقي لا يصنع الحياة أو يخلقها وإنما يمثلها و'الخيال المزيف للحقائق' فى العمل الوثائقي 'تلفيق'.. ويشير الدكتور محمد خفاجي إن الأفلام الوثائقية هي التي تتبع معايير النزاهة هى التى تولد فينا إيمانًا بالحقيقة , لذا فإن 'الخيال المزور' هو التلفيق والتزوير بعينه , ذلك أن الفيلم الوثائقي لا يصنع الحياة أو يخلقها ولكن يمثلها , بمعنى أن الفيلم الوثائقي ليس إعادة إنتاج للواقع بل إعادة عرض منه, إنه يمثل وجهة نظر معينة للعالم.