"الغيرة مثل الخمر تشوش العقل وكيف لا؟".. المرأة اشتدت بها الغيرة، وجرى في عروقها دم يحمل غضبًا وحنقًا، وراح عقلها يجول بها، واحتلت الأفكار المزعجة كيانها، وباتت أطرافها ترقص ارتعاشًا من شدة الدهشة والاضطراب، بعد أن أخبرها زوجها بتفكيره واستعداده للزواج من أخرى خلال أسبوع.
السطور التالية تروي جبروت امرأة أقدمت على تعذيب زوجها المسن حتى الموت بعد تفكيره فى الزواج بأخرى.
"آخر الأسبوع ستحضر زوجتى الثانية".. ترددت تلك العبارة على مسامعها وكاد قلبها أن يقفز من بين ضلعيها، وانهارت فوق أقرب مقعد فى البيت، وفاضت نفسها غبطة وألم، وراحت تسترجع بالذكريات 25 عامًا من الماضى، فكيف يتزوج عليه زوجها بعد هذا العمر، تنظر إليه وعيانها تلمع بالحزن، وعقدت الدهشة لسانها يشوبها دموع غزيرة تعبر عما بداخلها من لوعة وحسرة، وبغيظ حانق قررت الانتقام من زوجها "المدرس" الذي اعتزم الزواج من أخرى.
"ضرة تشاركني فيه بعد الـ60".. فى أحد أركان غرفتها، وضعت رأسها المثقلة بالتساؤلات فوق أحد كفيها، تتجرع الغصة والألم بصبر، ويجول بعقله ما تردد عليه..كيف لها بتقبل الصدمة فى صمت؟، "ماذا عن وضعها كإدارية بمدرسة؟، باتت كل ذلك يطوف به ويملكها الشعور بالخجل، انطلق من عينيها مزيجًا من النظرات يشوبها خيبة الأمل في زوجها الذي خان العشرة.
"انت خاين للعشرة "..انهارت الزوجة في حزن عارم، وبصوت يشوبه غلظة، وتهكم أجابها زوجها قائلًا: "قولت فرحي آخر الاسبوع"، ونشبت بينه وبينها مشادة كلامية اشتاطت على إثرها غيظًا، واحتدمت الخلافات بينها وبين الزوج، ووصلت إلى طريق مسدودة، وباتت محاولات الأهل والأقارب بالإصلاح بينهم جميعها بالفشل، وعزمت على رأسها فكرة وكأنها طوق النجاة بالنسبة لها، والانتقام من زوجها.
هجرته فى الفترة الأخيرة، وأقام كل منهما فى شقة منفصلة فى البيت، وأخبرت شقيقتها أنها فى حاجة لها، جلست الشقيقتين ورأسيهما مثقلة بالتساؤلات، ولم تراودهما نفسيهما ولو لبرهة بأنهم سيهلكون نفسًا بريئة، وزهق روحًا مطمئنة، وفى عباءة إبليس تشاركت الاثنتين في جريمة القتل، داخل غرفة خاصة فى بيت الزوج كأنها كهف الشيطان، انفرد الشقيقتين بالزوج ليذيقه شتى أنواع التعذيب بالضرب المبرح تارة، وبتقطيع وجه بآلة حادة تارة أخرى، وكأن ذلك لم يشفٍ غليلهما حتى أصبح جسد فتاتًا منهكًا ليزيده ألما فوق الألم، كل ذلك وهو موثوقة اليدين والقدمين والفم، في مشهد يعجز عتاة صناعة أفلام الرعب عن إخراجه.
انتهت حفلة التعذيب، لكن القدر أراد أن يحتفظ للفتاة ببعض الأنفاس وببقية من عمر، ليعثور أخوة الزوج على شقيقهم المصاب وفى حالة حرجة ويخبرهم قبل وفاته، بأن من قام بالاعتداء عليه هى زوجته وشقيقتها.
وتلقى اللواء رأفت عبد الباعث مدير أمن الدقهلية، إخطارًا من اللواء مصطفى كمال مدير مباحث المديرية، بورود بلاغ لمأمور مركز شرطة منية النصر، من مستشفى منية النصر المركزى بوصول "المرسى.أ" 63 سنة معلم خبير على المعاش، المقيم بقرية ميت الخولى مؤمن بدائرة المركز، يعانى إصابات متعددة وتوفى بالعناية المركزة متأثر بإصابته وتعذيبه.
وعلى الفور انتقل ضباط مباحث المركز إلى مكان البلاغ، وبالفحص تبين أن المجنى عليه أصيب بنزيف داخلى بالمخ، وتجمعات دموية بفروة الرأس، وتوقف الحركة فى الأطراف السفلية نتيجة لإصابته بالرأس بجسم صلب، وتمكن ضباط مباحث مركز منية النصر من القبض على الزوجة وشقيقتها، وتحرير المحضر اللازم، للعرض على النيابة العامة التى قررت حبسهما.