حضر «المستشار النائب العام» اليوم الثلاثاء، اللقاءَ الجانبيَّ على هامش اجتماعات مؤتمر دول الأطراف العاشر لاتفاقية الأمم المتحدة لـمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية» المعقود بشأن التدفقات المالية غير المشروعة في منطقة جنوب الصحراء بالقارة الإفريقية، وذلك عبر تقنية «الاجتماع المرئي عن بُعد» «video conference».
حيث أشار خلال كلمته التي ألقاها باللقاء -في حضور الدكتورة غادة والي نائب الأمين العام للأمم المتحدة، والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وكلٍّ من المستشارة شاميلاباتوهي نائب عام دولة جنوب إفريقيا، والسفير ليجا تيرنر السفير فوق العادة للممكلة المتحدة البريطانية-؛ إلى تفاقم آثار ظاهرة الجريمة العابرة للأوطان محليًّا ودوليًّا، نظرًا لتوافر مقومات انتشارها في العصر الحديث بعد سهولة انتقال الأشخاص والأموال، واستغلال الجناة التطور التكنولوجي لتطوير سلوكهم الإجرامي داخل جماعات منظمة، مؤكدًا ضرورةَ دراسة كافَّة تلك المعطيات الجديدة وتغيير المعاملة القانونية مع هذه الجرائم بما يضمن التصدي الحقيقي لها والقضاء عليها، وهو ما لا يحدث إلا بالتعاون بين الدول المعنية على مستوى سلطات التشريع وإنفاذ القانون، وبين العديد من أطراف المجتمع.
وأكد سيادته أنَّ التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ضرورةٌ حتمية في العصر الحديث؛ لمكافحة جرائم عبرت حدود الدول الإقليمية مثل جرائم الفساد وغسل الأموال وتهريب المخدرات عبر الحدود والإرهاب وسائر أشكال الجريمة المنظمة المعاصرة، وأنَّ إبرام اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي واتفاقيات تسليم المجرمين (الثنائية أو متعددة الأطراف)، هو السبيل الرئيس لتيسير سبل التعاون الدولي في المسائل الجنائية، وتفعيل آلياته في ملاحقة الجناة بتلك الجرائم، وتتبع الأموال غير المشروعة ومصادرتها واستردادها، وأن مبدئَي (المعاملة بالمثل) و(المجاملة الدولية) أساسان للتعاون الدولي في المسائل الجنائية بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية، في حالة عدم إبرام مثل هذه الاتفاقيات المشار إليها.
وأشار سيادته إلى أهمية الشبكات الإقليمية والدولية المنشأة بين جهات الادعاء العام وجهات إنفاذ القانون باعتبارها إحدى أهم الخطوات لتحقيق التعاون الدولي في المسائل الجنائية، مما يسهل للدول الطالبة للمساعدة القضائية تبادل المعلومات والخبرات على نطاق واسع، مستعرضًا سيادته الدور الإيجابي الهام الذي تلعبه «جمعية النواب العموم الأفارقة» في تعظيم الاستفادة من المواثيق الدولية والإقليمية ذات الصلة بمنع الجريمة، تعزيزًا لدور أجهزة الادعاء والنيابات العامة في القارة الإفريقية.
وأوضح سيادته الدور الجوهري الذي تضطلع به «النيابة العامة المصرية» في مجال مكافحة الجريمة المنظمة ومصادرة الأموال غير المشروعة، باتخاذها كافة الإجراءات القضائية في جمع الأدلة على ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى مرتكبيها، وإصدار واستصدرا الأوامر الخاصة بالتحفظ المؤقت على أموالهم غير المشروعة، والتحقيق مع الجناة في تلك الجرائم وإحالتهم إلى المحاكمة الدولية إذا توافرت الأدلة عليهم، مؤكِّدًا تعاونَ «النيابة العامة» في هذا المجال مع كافة جهات إنفاذ القانون الأخرى، حيث إن نجاح هذه الإجراءات يتوقف على التنسيق الفعَّال والحقيقي بين كافة الجهات المعنية.
كما أشار سيادته إلى أهمية التدريب الدوري لأعضاء «النيابة العامة» وجهات إنفاذ القانون لمواجهة هذه الظواهر الإجرامية مواكبةً للتطور المستمر فيها ووقوفًا على الآليات القانونية والإجرائية الحديثة الفَعَّالة في هذا الشأن، حيث تقدمت جمهورية مصر العربية بمشروع قرار يهدف إلى (مكافحة الجرائم المنظمة غير الوطنية) المتعلقة بالممتلكات الثقافية والجرائم المرتبطة بها، من خلال عقد اجتماع خبراء حكومي دولي مفتوح العضوية –مرَّةً واحدةً على الأقل-؛ لتبادل الآراء بشأن الخبرات والممارسات الجديدة والتحديات فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة ضد الممتلكات الثقافية والجرائم ذات الصلة، وذلك في إطار تنفيذ (إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية) بغرض النظر في الخيارات واستكشافها، وتقديم مقترحات بشأن الحاجة إلى وضع صك أو صكوك دولية جديدة، وإنماء التعاون الدولي بكل أشكاله المختلفة وخاصة في تعقب وإعادة الممتلكات غير المشروعة والأصول والأموال المتحصلة عنها؛ ليكون أداة دولية هامة لمكافحة هذه الجريمة حفاظًا على تراث الإنسانية.
واختتم كلمته بتطلعه لمزيد من التعاون الفَعَّال والتنسيق المستمر بين كافَّة أعضاء «جمعية النواب العموم الأفارقة»، وتقديره لمجهودات «مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة» المتضافرة لتنظيم التدريبات وورش العمل المختلفة بالتنسيق مع الجمعية المشار إليها، داعيًا إلى مزيد من الفعاليات المشتركة بين هيئات الادعاء والنيابات العامة بالقارة الإفريقية وصولًا لتحقيق الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من مكافحة الجريمة بكافة صورها، ورد الأموال المنهوبة إلى مالكها الشرعي.