انتشرت أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل يومين، عن قيام عدد من سائقي 'التكاتك' بـ خطف الأطفال من أمهاتهم في محافظة المنوفية وتحديدا في مركز شبين الكوم، سرعان ما تعقبت أجهزة الأمن تلك الأخبار للوقوف على حقيقتها وكشف ملابساتها، لتكتشف في النهاية وزارة الداخلية، أنها لا تتخطى مجرد شائعات، تم ترويجها بصورة كبيرة على مواقع 'السوشيال ميديا'.
ولأن الشائعات تمثل خطرا كبيرا على المجتمع فإن أجهزة الأمن تحركت سريعا وتوصلت إلى صاحب أول منشور عن تداول تلك الشائعات، وألقت القبض عليها، تبين أنها 'سيدة' وأثبتت تحقيقات النيابة العامة مع المتهمة كذب روايتها، وعقب انتهاء التحقيق أمرت النيابة العامة في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، بإخلاء سبيلها بضمان مالي، على ذمة القضية.
سألت 'أهل مصر'، عددا من خبراء القانون، حول مواجهة الدولة لهذا النوع من الجرائم، بخاصة في الوقت الذي تحارب فيه الدولة قوى الشر التي تسعى ليل نهار إلى النيل من هيبة الدولة وإظهارها بمظهر الضعيف، أمام الرأى العام الدولي، من خلال نشر شائعات وبيانات مغلوطة عن الأخبار الاقتصادية وغيرها مما يعكس صورة سلبية عن الدولة المصرية.
استهل أحمد نبيه، المحامي بالنقض، ووكيل اللجنة النقابية لمحامين شمال القاهرة، حديثه مشيرا إلى أن الانفتاح غير المسبوق في وسائل التواصل الاجتماعي، بات خطرا حقيقيا، بضغطة زر واحدة، بإمكانك أن تردد شائعة من شأنها أن تتسبب في كارثة، أو إثارة البلبلة داخل المجتمع.
وأشار 'نبيه' في تصريحات لـ 'أهل مصر' إلى أن جائحة انتشار كورونا، أعكست مدى تفاعل المواطنين مع وسائل التواصل الاجتماعي، ففي بداية الأزمة كان الكثيرين يرددون أرقاما غير حقيقية عن أرقام الوفيات والشائعات بشكل غير حقيقي، والبعض الآخر روّج شائعات عبر السوشيال ميديا بهدف بث الرعب في نفوس الآخرين.
ومن أجل السيطرة على مروجي الشائعات، خصصت رئاسة الوزراء أرقام للإبلاغ عن هؤلاء الأشخاص واتخاذ اللازم ضدهم، فخصصت رقمي واتساب (01155508688/ 01155508851)، للإبلاغ عن أي شائعات تتعلق بفيروس 'كورونا' المستجد أو غيره، على مدار 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع.
يضيف الخبير القانوني، إلى أنه بخلاف أخبار كورونا، فإن مواقع السوشيال ميديا تطالعنا بين الحين والآخر بشائعات لا صحة لها على الإطلاق، وكان آخرها قبل نحو شهر واحد، تأجيل الدراسة، وهو ما تبين كذبه جملة واحدة، وغيرها من الشائعات التي تنال من هيبة الدولة، الأمر الذي يتسبب في تكدير الأمن العام أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
وأوضح أنه وفقا للمادة 188 من قانون العقوبات، فإن العقوبة تصل إلى الحبس لمدة لا تجاوز السنة، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 20 الف جنيه، ومن الممكن أن تقتصر على إحدى العقوبتين، لكل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
في حين طالب المستشار نجيب جبرائيل، رئيس المحكمة الأسبق بشمال القاهرة، بضرورة عقد دورات وكورسات تدريبية للعاملين بقطاعات الدولة، لمحو الآثار الاقتصادية والاجتماعية للشائعات والتي يمتد أثرها في تكدير السلم وتقليب الرأي العام وخطورة الشائعات على الأمن الداخلي للدولة، بخلاف التأثير على الأوضاع والمناحي الاقتصادية.
نوه 'جبرائيل' بأن هناك دورا حقيقيا يجب على شيوخ الأزهر والدين المسيحي القيام به في مواجهة حرب الشائعات وتأثيرها على الترابط المجتمعي، ودور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الشائعات، وبالحث في الطرق الحد منها وتقليصها.
ودار الإفتاء المصرية لها دورا في مواجهة الشائعات إذ أصدر مفتي الجمهورية، فتوى سابقة، قال فيها إن الإسلام حرّم نشر الشائعات وترويجها، وتوعدت دار الإفتاء فاعل ذلك بالعقاب الاليم في الدنيا والآخرة، فهناك سببين رئيسيين يسهمان في سرعة انتشار الشائعة، هما: أهمية الموضوع، وقلة انتشار المعلومات الصحيحة عن هذا الموضوع.
ولفت رئيس المحكمة الأسبق، في تصريحات لـ 'أهل مصر' إلى أن الهيئة الوطنية للصحافة شددت على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لتوقيع ميثاق شرف إعلامي يضمن إعلاء المصلحة الوطنية العليا، وانتفضت أمام الشائعات، والتصدي الفوري لها ودحضها وتوضيح حقيقتها للرأي العام، منعا للتشويش والبلبلة ونشر أجواء من القلق والتوتر.
وتطرق المستشار نجيب جبرائيل، إلى مشروع قانون لمكافحة نشر الشائعات، والذي تقدم به في وقت سابق وكيل مجلس النواب المنصرم، والذي تضمنت مادته الأولى على 'مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على 3 سنوات كل شخص يثبت أنه وراء صنع أو ترويج أو تجنيد أو نشر أي شائعة كاذبة وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تتجاوز مائة الف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتتضاعف العقوبة؛ إذا ترتب عليها وفاة أو إصابة شخص أو أكثر بسبب هذه الشائعة'.
في أغسطس الماضي، نفى مجلس الوزراء، عددا كبيرا من الشائعات، من أبرزها حذف عدد كبير من المستحقين لمعاش تكافل وكرامة، ووجود عجز في أدوية الأورام بالمستشفيات الحكومية، وأخطاء في حساب استهلاك الكهرباء بالعدادات مسبوقة الدفع، واستبعاد بعض المستحقين من صرف الدفعة الثالثة من منحة العمالة غير المنتظمة
وشملت الشائعات بيع وحدات من الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل لغير المصريين وتفويض إحدى المؤسسات لتلقي طلبات التقديم من الطلاب الراغبين في الالتحاق بالجامعات الأهلية الجديدة وتداول منشور يتضمن قيمة المصروفات بالمدارس الحكومية للعام الدراسي 2020/2021 واشتراط وزارة التربية والتعليم تقديم شهادات ميلاد إصدار عام 2020 للالتحاق بالمدارس خلال العام الدراسي الجديد.
وتضمنت الشائعات تسكين طلاب جامعة الأزهر إجباريا بالسكن الاقتصادي للمدينة الجامعية وغياب الرقابة على أسواق الأسماك مما تسبب في انتشار الأسماك الفاسدة واشتراط تسجيل أصحاب البطاقات التموينية بياناتهم على الرابط الإلكتروني لمبادرة 'ما يغلاش عليك' للاستفادة من الخصومات عند الشراء من المنافذ وفرض ضريبة دمغة جديدة على عملاء المحمول ومد فترة قبول تظلمات نتائج الثانوية العامة أسبوعا.