'خلي بالك من العيال هيقعوا من الشباك'، جملة سمعتها 'أم بسنت' كثيرا من جيرانها، لكنها لم تكترث بما يقولون، ولم تفكر في حديثهم معها، تخرج من منزلها إلى السوق أو قضاء حاجاتها من الخارج، دون اكتراث ببناتها الثلاث، حتى استيقظت الإثنين الماضي على كابوس مفزع ومروع، أركانه سيئة للغاية، لن تمحوها الأيام ولا السنين، لقد ماتت بسنت، سقطت من الطابق الرابع، فلفظت أنفاسها الأخيرة.
'أهل مصر' التقت والد الطفلة داخل المستشفى، فبينما كان الأب يحمل جثة ابنته الصغرى 'بسنت' صاحبة السنتين، ودمائها قد لطخت ملابسه، يقف الأب في انتظار من يستلم منه ابنته، من أجل محاولة إجراء انعاش قلبي لها، غير ان الأطباء أخبروه ' البقاء لله.. الطفلة ماتت'، يدخل أشرف.ج، والد الطفلة، في حالة هياج هستيري، وتقف إلى جواره زوجته والدة الطفلة الرضيعة تبكي في حسرة وندامة.
يرفض الأب، الذي يعمل نقاشا، 52 سنة، التصوير، لأن حالته لا تسمح من الأساس بالحديث، غير أنه تحدث باكيا ' خلاص بسنت راحت مننا.. أروح فين يا رب.. بسنت ماتت.. يا رب'، يبكى الوالد ويتذكر أنه طالما حلم أن يراها بزى الحضانة في القريب العاجل، غير ان القدر لم يهمله حتى تحقيق جزء من أحلامه.
جيران الطفلة المجني عليها، أشاروا في حديثهم إلى 'أهل مصر' أنهم كثيرا ما طالبوا من الأم العناية بأطفالها، لأنهم نعمة من الله عز وجل، وبينما كانت الأم في المطبخ تجهز وجبة الغداء لزوجها، إلا أنها سمعت صوت صدمة كبيرة جدا، لتكتشف سقوط ابنتها من الطابق الرابع، لتكتشف جثتها، وسرعان ما أخبرت زوجها الذي كان نائما بما تعرضت له الطفلة.
بصوت خافت ونبرة أسى ومرارة بالغة، يقول والد الطفلة 'أنا بجري عليهم والله، كل شقايا رايح على عيالي، أروح فين يا رب، ليه كده يا بسنت، ربنا يرحمك يا حبيبتي'، يأتي كابت استقبال المستشفي، ليدون بيانات الطفلة، فيخبره الأب ' بنتي مش هتدخل التلاجة.. عايز أدفن بنتي يا ناس'.
يعاود الأب الحديث متذكرا أنه لا يستغرق في النوم إلا بعد إلقاء نظرة الوداع على بناته الثلاث، من أجل أن ينعم بقسط من الراحة، يحمل الأب ابنته المجني عليها، جثة هامدة، ويعاونة أشقائه في إنهاء الإجراءات.
صرحت النيابة العامة بشرق القاهرة بدفن جثة الطفلة المتوفية، بعد توقيع الكشف الطبي الظاهري عليها.