اعلان

بعد 360 ساعة تحقيقات.. كارثة تصادم قطاري سوهاج تكشف إهمالاً وتعاطي حشيش وترامادول

تصادم قطاري سوهاج
تصادم قطاري سوهاج

صبيحة الجمعة الموافق، الموافق 26 من مارس الماضي، وقع حادث تصادم قطاري سوهاج، في كارثة مروعة تسبب في مصرع 20 مواطنا وإصابة 199 مصابا، وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، خروج عربات من أحد القطارين عن القضبان، وتجمّع المواطنين حولها، ووصف الرئيس عبد الفتاح السيسي الحادث بـ'الأليم'، وتوعّد المتسببين فيه، ووجه بدفع تعويضات لأسر الضحايا والمصابين.

قال السيسي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: 'كل من تسبب في الواقعة بإهمال أو فساد أو غيره سينال جزاءه دون استثناء أو مماطلة'.

قالت الهيئة القومية للسكة الحديد ، إن قطاراً كان قادماً من الإسكندرية شمالي البلاد في طريقه إلى الأقصر جنوباً، اضطر إلى التوقف قرب مدينة سوهاج على مسافة 365 كيلومتراً جنوبي العاصمة القاهرة، وأشارت إلى أن مجهولين هم السبب في توقف القطار، وأن قطاراً آخر كان متجهاً من القاهرة في طريقه إلى أسوان جنوباً، فاصطدم بمؤخرة القطار المتوقف.

فتحت النيابة العامة تحقيقاً عاجلاً في ملابسات الحادث، وشكلت وزارة الداخلية فريقاً أمنياً للوقوف على أسباب وملابسات الحادث.

بتاريخ اليوم الأحد، أصدر النائب العام، بيانا رسميا، أعلن فيه نتائج التحقيقات التي جرت على مدار 15 يوما منذ وقوع الحادث، بما يعادل 360 ساعة استمع خلالها فريق النيابة إلى أقوال سائقي القطارين وجميع موظفي المحطة من مراقبين وغيرهم، للوقوف على المسئولية الجنائية في الحادث المروع، الذي كشفت عن جملة من الإهمال وتعاطي موظفين بهيئة السكة الحديد لمخدر الحشيش والترامادول.

مراقب البرج ومساعد سائق 'المميز' يتعاطيان الحشيش والترامادول

أسفرت نتائج تحليل تعاطي المواد المخدرة الصادرة من وزارة الصحة عن تعاطي كل من مراقب برج محطة المراغة جوهر الحشيش المخدر، وتعاطي مساعد سائق القطار المميز ذات الجوهر وعقار الترامادول.

وذكر تقرير مصلحة الطب الشرعي وسؤال محرره في التحقيقات عن عدم تناسب الإصابات المشاهدة والموصوفة بسائق القطار الإسباني ومساعده، مع ما ادعياه في التحقيقات من بقائهما بالكابينة الأمامية للجرار إبان التصادم، وأنه من الجائز تصور مغادرتهما الكابينة قبل وقوعه، وعلى هذا شكلت النيابة العامة لجنة ثلاثية من الطب الشرعي للتأكد من صحة تلك النتيجة، فانتهت اللجنة بعد معاينة موقع الحادث في حضور السائق ومساعده وبإشراف النيابة العامة إلى صحة ما انتهى إليه التقرير السابق، مُضيفة تصورين آخرين لما حدث هما إما تواجد السائق ومساعده بالممر الفاصل بين الكابينتين الأمامية والرئيسية وقت التصادم، أو تواجدهما بالكابينة الرئيسية -اللاحقة على الأمامية- في ذلك التوقيت، قاطعة بعدم جواز بقائهما بالكابينة الأمامية حسبما زعما.

مراقب حركة القطارات ترك مكانه

أكدت التحقيقات ترك رئيس قسم المراقبة المركزية بأسيوط مقر عمله وقت وقوع الحادث، بالرغم من مسئولية هذا القسم عن مراقبة حركة القطارات بموقع التصادم، بينما أسفرت التحقيقات مع اثنين من المراقبين بالقسم عن إخلالهما بمهام عملهما؛ حيث تأخر أحدهما عن تنبيه سائق القطار الإسباني بتوقف القطار المميز، وأخطأ في رقم هذا القطار حال بدئه في تنبيه سائقه، بينما لم يوال الآخر محاولات الاتصال بسائق القطار الإسباني لتنبيهه، بعد إخفاق محاولتين فقط ادعاهما للاتصال به، وقد أكدت سجلات الاتصالات التي أجراها المذكور المستخرجة من شركة الاتصالات عدم إجرائه المحادثتين اللتين ادعاهما، استمعت النيابة إلى محادثات لاسلكية سجلتها أجهزة الاتصالات بمقر القسم، فتبينت منها تأخر محاولات التنبيه واستمرارها بالرغم من وقوع الحادث.

انتقلت النيابة العامة إلى برجي مراقبة محطتي «المراغة» و«طهطا» -الواقع الحادث بينهما، وشاهدت بشاشات المراقبة إضاءات «السيمافورات» بشريط السكة الحديدية بين المحطتين قبل وقوع الحادث، فتبينت إضاءة سيمافورين يقعان قبل موقع التصادم بنحو كيلومترٍ وثلاثمائة وعشرة أمتار، أحدهما مضيء بلون أصفر يعني وجوب تهدئة السرعة، والآخر بالقرب من محل التصادم مضيء بلون أحمر يعني لزوم التوقف، وذلك على خلاف ما زعمه مساعد سائق القطار الإسباني.

إهمال وكذب سائقي القطارين

تلقت النيابة العامة إفادة من كل من مدير عام صيانة البنية الأساسية ومدير عام التشغيل على الشبكة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر بمنطقة أسيوط؛ تضمنت تأكيد أن منطقة الحادث ليست من مناطق فك الارتباط التي يمكن فيها إيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بمحافظة سوهاج، وأكدا مُقدما تلك الإفادة في التحقيقات أن تلك المنطقة تعمل بنظام التقاطر الكهربائي الذي يستلزم تشغيل هذا الجهاز -على خلاف ما زعمه سائقا القطارين ومساعداهما.

تزوير في أوراق رسمية

وأسفرت مشاهدة النيابة العامة لتسجيلات آلات المراقبة بمحطة سوهاج الكائنة قبل محل الحادث يوم وقوعه عن جلوس مساعد سائق القطار الإسباني بمقعد القيادة، واستلامه بدلًا عن السائق النموذج «سبعة وستين (٦٧) حركة» الصادر من المحطة، والثابت فيه السرعة المقررة بمنطقة الحادث والتي كانت لا تجاوز تسعين كيلومترًا في الساعة، فتحفظت النيابة العامة على النموذج وتبينت فيه الإمضاء باسم السائق بما يفيد الاستلام، فاستكتبت السائق ومساعده على هذا الإمضاء وأثبت تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي كتابة المساعد الإمضاء بدلًا من السائق، وبمواجهة الاثنين بتلك النتيجة أقرا بواقعة التزوير، وتمسك كل منهما بقيادته القطار وقت الحادث، وكلفت النيابة العامة مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية بفحص نتائج مشاهدة آلات المراقبة المشار إليها للتأكد من صحة ظهور مساعد سائق القطار الإسباني فيها باستخدام تقنية القياسات البيومترية، فتأكد ظهوره بها.

تلفيات بقيمة 26 مليون جنيه

تبين من التحقيقات توقف 'القطار المميز' قبل مزلقان «السنوسي» الكائن بين محطتي سكة حديد «المراغة»، و«طهطا» لعدة دقائق، ثم تحركه متجاوزا المزلقان، وتوقفه مرة أخرى حتى قدوم «القطار الإسباني» من محطة سكة حديد «سوهاج»، واصطدامه بالقطار المتوقف، فوقع الحادث الذي أسفر -حتى تاريخه- عن وفاة 20 مواطن، وإصابة 199 آخرين، ونتج عنه تلفيات بالقطارين قاربت قيمتها 26 مليون جنيه.

ادعى سائق القطار المميز ومساعده في التحقيقات ظهور إشارات ضوئية بشاشة التحكم بكابينة القيادة، تفيد انخفاض معدل ضغط الهواء بالأنابيب الواصلة بين عربات القطار مما أوقفه آليًا، وأحالا أسباب هذا الانخفاض إما إلى سحب أحد مقابض الخطر بأي من العربات، أو غلق أحد صمامات تحويل الهواء المضغوط بالمكابح 'الجزرات'، ومع بدء ارتفاع معدل ضغط الهواء تحرك القطار متجاوزًا مزلقان السنوسي، ثم توقف آليا مرة أخرى بموقع التصادم، فتبين مساعد السائق غلق أحد الصمامات بين العربتين الثالثة والرابعة وصورها بهاتفه، بينما شهد من سُئل من المصابين والركاب والعاملين بالقطار من الكمسارية وأفراد الأمن، بعدم رؤياهم سحب أي من مقابض الخطر أو سماعهم الصوت المميز الصادر عن سحبها، وأضاف كمسري تأكده من عدم سحب المقابض بأربع عربات.

ماذا قال سائق القطار المميز؟

سائق القطار المميز ذكر في التحقيقات إيقافه جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) أثناء الرحلة، بدعوى تعطيله حركة القطار وتأخير مواعيد وصوله إلى المحطات، فيما قرر مساعد سائق القطار الإسباني توليه القيادة إبان وقوع الحادث، مدعيًا سيره على سرعة 90 إلى 95 كيلومترًا في الساعة، وتأكده من إضاءة جميع الإشارات الضوئية 'السيمافورات' باللون الأخضر على طول شريط السكة الحديدية قبل موقع التصادم، مما يسمح له بالمرور، ولكنه على مسافة 500 إلى 600 مترٍ من موقع التصادم رأى توقف القطار المميز فاستخدم المكابح اليدوية لإيقاف الجرار والعربات، ولكنها لم تتوقف فوقع التصادم، بينما نازع سائق القطار في تلك الرواية، مؤكدًا توليه هو القيادة وقت الحادث، وسيره على سرعة تسعين كيلومترًا في الساعة، ومشاهدته توقف القطار المميز على مسافة مائة متر، حيث استخدم ذات المكابح المشار إليها دون تمكنها من إيقاف القطار، وقد أقر السائق ومساعده بإيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بالقطار، وأحال السائق سبب ذلك إلى تأخيره الحركة مدعيًا إصدار الهيئة القومية للسكك الحديدية تعليمات شفاهية بعدم تشغيل هذا الجهاز، وسماعه بها بمعهد تدريب السائقين بوردان.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً