كشفت النيابة العامة كواليس التحقيقات التي جرت في قضية استرداد 114 قطعة أثرية مصرية مهربة إلى العاصمة الفرنسية باريس، وتبين أن فَرنسي الجنسية، أبلغ سفارةَ مصر لدى فرنسا باقتناء فرنسيٍّ - متوفى- القطع الأثرية بمسكنه في باريس بعد دخولها بطريقة غير مشروعة.
كان ذلك البلاغ هو بداية الخيط الذي عكفت النيابة العامة المصرية والسلطات المختصة فحص الواقعة والتحقيق فيها، على النحو الذي تمكنت معه مصر من استرداد القطع الأثرية المهربة في باريس.
اتخذت النيابة كافة سبل التعاون القضائي الدولي مع السلطات القضائية الفرنسية، وأُلقي القبض على فرنسي بالبلاد ومصريَيْنِ اثنين، تبين اشتراكهم في الواقعة، وكانوا على صلة بالفرنسي المتوفي، وتم مواجهتهم بما هو منسوب إليهم من اتهامات، وانتهى التنسيق بين السلطتين القضائيتين إلى تعاون مثمرٍ أسفر عن وقف التعامل إزاء القطع الأثرية سواء بالبيع أو بأي صورة أخرى، وردها إلى مصر.
انتقل المستشار النائب العام ووفد رفيع المستوى من النيابة العامة وفي رفقته الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ومدير إدارة الآثار المستردة إلى فرنسا لاسترداد القطع حتى عادت اليوم إلى مصر، ولا تزال التحقيقات جارية للوصول لحقيقة ملابسات كيفية تهريبها والمشاركين في الجريمة.
أشاد المستشار النائب العام بالتعاون الفعَّال بين السلطتين القضائيتين بالبلدين، وأكد حرصَ النيابة العامة على التصدي لمثل هذه الجرائم حفاظًا على التراث الثقافي والتاريخي المصري العريق، كما أشاد بالتعاون المثمر بين مؤسسات الدولة المصرية في هذه الواقعة وغيرها من الوقائع، مؤكدًا ضرورةَ استمراره لوحدة الهدف والمسعى.
عاد المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، مساء أمس الأحد، على رأس وفد من النيابة العامة، وبحوزته القطع الأثرية المستردة من فرنسا، ورافقه في الزيارة المثمرة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ومدير إدارة الآثار المستردة.
ذكرت النيابة العامة، في بيان لها، أمس الأحد، أن النائب العام وأعضاء اللجنة أشرفوا على إتمام إجراءات شحن القطع الأثرية المستردة ووصولها على متن الطائرة التي أقلته ووفد النيابة العامة من فرنسا، وأمر بتسليم القطع الأثرية المستردة للجنة الفنية المشكَّلة من وزارة الآثار لفحصها، وبيان الحضارات المصرية التي تنسب إليها.
بدأت إجراءات الاسترداد، الأربعاء الماضي، بوصول فريق عمل المكتب المركزي لمكافحة الاتجار في المقتنيات الفنية بوزارة الداخلية الفرنسية، ونَقْل القطع إلى مقر السفارة وفض تغليفها، حيث باشر رئيس المجلس الأعلى للآثار ومدير إدارة الآثار المستردة -تحت إشراف وفد النيابة العامة المصرية - إجراءات معاينة وفحص وجرد واسترداد القطع الأثرية تمهيدًا لنقلها إلى القاهرة.
وألقى السفير علاء يوسف سفير مصر في فرنسا، كلمة افتتاحية أعرب فيها عن احتفائه بالحدث باعتباره إنجازًا يضاف إلى سجل الإنجازات غير المسبوقة على صعيد العلاقات الثنائية المصرية- الفرنسية، مشيرًا إلى مدى توطد العلاقات بين البلدين في مجالات التعاون المشتركة على مدار السنوات الأخيرة، وإلى التعاون البناء والتنسيق المستمر بين السلطات القضائية في البلدين على مدى العامين الماضيين، مما كان له الدور الكبير في استرداد هذه القطع الأثرية.
واختتم المستشار النائب العام مراسم الإجراءات بكلمة استهلها بتثمين التعاون بين النيابة العامة المصرية والسلطات القضائية الفرنسية المختصة، مؤكدًا ضرورةَ استمرار هذا التعاون خاصة في التصدي لجريمة تهريب الآثار؛ حفاظًا على التراث التاريخي والثقافي المصري، مشيرًا إلى أن العلاقات القضائية بين البلدين علاقات تاريخية تمتد جذورها إلى أحقابٍ بعيدة، إذ لايزال الكثير من أعضاء النيابة العامة والقضاة المصريين يستعينون بما انتهى إليه الفقه القانوني والقضائي الفرنسي في الكثير من أبحاثهم القانونية.
وأكد المستشار حمادة الصاوي، على ضرورةَ وضع خطة إستراتيجية في الفترة المقبلة لتبادل الخبرات بين الجانبين المصري والفرنسي في مجال التحقيق الجنائي وما استُحدِث من تقنياته في الكشف عن الجرائم، مثل التطور السريع في مجال ضبط الأدلة الرقمية وتحقيق الأدلة الجنائية، وكذا تبادل البرامج التدريبية بينهما لرفع كفاءة أعضاء النيابة العامة وجهات إنفاذ القانون بالبلدين.