سريعًا سريعًا انتهى حلم «ياسين» بالالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بعدما ظل يراوده من صغره، حتى وصوله إلى مرحلة الصف الثانوي بمدرسة صفط اللبن الثانوية ببولاق الدكرور، غير أن القدر تدخل وكتب كلمة النهاية بعدما قتل على يد عامل في محل ألوميتال بالشارع، وسط ذهول المارة.
«أنا رايح الدرس وهجيلك بكرة يا أمي»، قالها ياسين الضحية، بعدما انصاع لحديث والدته بقضاء فترة الدراسة معه، نظرا لسابقة مكوثه طويلا مع جدته في منطقة حدائق الأهرام.
أغلق ياسين المكالمة مع أمه، وخلال ذلك اعترضه 'سامح'، عامل بمحل ألوميتال، ونسبت بينهما مشادة كلامية نتيجة معايرة سامح للضحية « هو في راجل يوافق إن أمه هلى اللى تصرف عليه.. أنا بصرف على نفسي».
استشاط ياسين غضبا من حديث المتهم، الذي لم يكتف بسيل الشتائم والإهانات له، استل آلة حادة من المحل الذي يعمل به، وسدد بعدها طعنتين نافذتين في صدر 'ياسين'، لتتلقى والدته رسالة من الأهالي في الشارع 'ابنك مرمي في الشارع غرقان في دمه'.
نقل الجيران المجني عليه سريعا إلى أقرب مستشفى، لتلقي الإسعافات اللازمة له، وتعالت صرخات والدته داخل جدران المستشفى، بعدما شاهدت ابنها غارقًا في دمائه، وعلى مدار أكثر من 8 ساعات حاول الأطباء إسعاف ياسين من نزيف الدماء، وتارة يخرج طبيبا يخبر أمه باستقرار حالته، وتارة يختفي حديث الفريق الطبي المعالج.
تدهورت حالة ياسين، فاستصدر الطبيب المعالج قرارا بنقله إلى مستشفى قصر العيني، تقول أسرة الضحية ' توجهنا به إلى المستشفى كنا عشمانين في ربنا إنه ينجيه لينا، وهناك دخلوه أوضة الإنعاش القلبي الرئوي، مكنش بيتنفس وحالته خطر'.
خلال تلك الأثناء كانت مأمورية من رجال مباحث الجيزة قد توجهت إلى محل سكن المتهم بعدما نجحت في تحديد هويته عبر كاميرات المراقبة المتواجدة في الشارع، وتم إحالته إلى النيابة العامة للتحقيق في الواقعة.
مرت دقائق قليلة على مكوث ياسين داخل غرفة الإنعاش، ليخرج طبيب الطواريء والحالات الحرجة معلنا وفاته، تسقط الأم في صدمة وفاجعة كبيرة.
تذكر والدة الضحية آخر حديث ابنها «ياسين»: 'كتب على الفيس بوك قبل أيام من لو مت ابقوا افتكروني وطبطبوا على قلب أمي'.
تقول أسرة «ياسين» إن ابنهم لم يكن أحدا في أخلاقه وأدبه، لم تصدر عنه شكوى في سوم من الأيام لا من جار ولا زميل ولا مدرس، لكن قضاء ربنا، 'مش عايزين غير ان اللى موته يموت هو كمان، حسبنا الله ونعم الوكيل'.
باشرت النيابة العامة التحقيق مع المتهم، وأمرت بحبسه على ذمة التحقيقات، ونسبت إليه تهمة القتل العمد، في ضوء التحريات التي أجراها رجال المباحث حول ملابسات وظروف الواقعة، قبل أن تطلب النيابة تقرير الأدلة الجنائية والطب الشرعي حول أسباب الوفاة، ومن المقرر أن تصدر النيابة قرارا بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات في خلال أيام، عقب انتهاء ورود التقارير الفنية المطلوبة.