قرابة 10 سنوات قضتها «آمال» في منزل الزوجية، تبحث عن حياة هادئة سعيدة، تخلو من أي منغصات، سعت جاهدة لتربية طفليها على الوجه الأمثل، وقدمت نموذجًا صالحًا للزوجة التي تعيش على «الحُلوة والمُرة»، غير أن الرياح باغتتها سريعًا لتقضي على حلمها في إتمام تعليم طفليها، ودفعت روحها بسبب الشك الذي تسرب بين عشية وضحاها في نفس زوجها الغيور.
على أطراف شرق القاهرة، كانت «آمال» تقطن داخل شقة صغيرة في حي السلام الشعبي، رزقها الله بطفلين حصيلة زواج استمر نحو 10 سنوات، يخرج زوجها «أحمد» الذي يكبرها بأربعة أعوام، يكد ويتعب من أجل تدبير نفقات بيته ومستلزمات أسرته.
سرعان ما حوّلت غيرة الزوج على زوجته، حياتهما إلى جحيم ومعاناة بصورة يومية، فلم يعد يحتمل «أحمد» نظرات الجيران إلى زوجته صاحبة المفاتن الجسدية الملفتة، كان يتعمد عدم خروجها من الشقة بعدما راودته بعض الشكوك حول حديثها مع عدد من الجيران، تزايدت شكوكه يوما تلو الآخر، دون مبرر واضح، فانقلبت حياتهما رأسًا على عقب، من شوق ولهفة وحب مشترك إلى شكوك ومقاطعة حتى داخل منزلهما.
لطالما فشلت محاولات الزوجة البائسة من طباع زوجها، في معرفة سبب معاملته وتغير طباعه تجاهها، فلم تعد تسأله لماذا كل هذا الخصام الذي يصل لأسابيع طويلة، غير أنها كانت أحيانًا ما تلتمس له العذر وتارة تلتزم الصمت، حتى وصل الخلاف بينهما إلى طريق مسدود.
على مقهى شعبي، وفي ليلة شتاء باردة، بينما كان «أحمد» يحتسي كوبًا من الشاى، راودته أحاديث جانبية من مرتادي المقهى حول امرأة جميلة للغاية تقطن في ذات الشارع الذي يسكن فيه، جن جنون الزوج البائس، ذهب إلى شقته، أيقظها من نومها، ودار بينهما حديث قصير، تطرق إلى معركة كلامية حادة، انتهت بقيام الزوج بخنق زوجته بكلتا يديه بكل وحشية، لم يتركها حتى أصبحت جثة هامدة، في ليلة مشئومة حزينة.
فر الزوج من مسكنه باحثا عن مأوى بعيدا عن أعين رجال المباحث، إلا أن كاميرات المراقبة تتبعت لحظة خروجه من منزله وقت ارتكاب الجريمة على وجه الدقة، وقادت رجال مباحث السلام في كشف هوية الجاني في بضع ساعات قليلة.
كمين متحرك تم إعداد من قبل رجال المباحث، نج في الإيقاع بالزوج المتهم في قبضة الشرطة، التي أخطرت النيابة العامة بورود بلاغ بالعثور على جثة المجني عليها، داخل شقتها، لتجري النيابة مناظرة لجثة الضحية، وتأمر بحبس المتهم احتياطيا على ذمة التحقيقات، وجرى تجديد حبس المتهم عدة مرات، انتظارا لورود تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها، تمهيدا لإحالته إلى محكمة الجنايات.
«جمالها وشكي فيها هو اللى عمل كده يا بيه، منه لله الشيطان هو السبب في إنى أخلص على مراتي بإيدي»، نطق بها الزوج لحظة القبض عليه، بينما حاول تبرير جريمته النكراء أمام وكيل النيابة العامة الذي استمع لاعترافاته التفصيلية ودونها في محضر التحقيق، وطلب تحريات المباحث التكميلية حول ملابسات ارتكاب الحادث البشع.