يرى محمد محمود، الخبير الاقتصادى ، أن الرئيس السيسي أصدر توجيهات بالسعي نحو تعظيم قيمة الصادرات المصرية لتسجل 100 مليار دولار, في حين أن صادرات مصر حاليًا 30 مليار دولار تقريباً، وبكل تأكيد لا يمكن الوصول لهذا الرقم دون زيادة السلع المصنعة بشكل كبير، حيث أن معظم الصادرات الأولية أو المواد الخام تصدر بقيم أقل بكثير من السلع المصنعة, ويمكن تقديم حلول تنفيذية في محاولة لتقليل أو وقف تصدير السلع الأولية مع إمكانية تصديرها كـ"سلع مصنعة"، ويعد القطن المصري هو أبرز مثال علي ذلك، حيث يصدر بأسعار لا تعبر عن قيمته الحقيقية كأفضل قطن في العالم، فهو يصدر كمادة خام, بل ويتم استيراده في كثير من الأحيان في هيئة سلع مصنعة من ملابس وأقمشة وغيرها من السلع بأسعار خيالية .
وأوضح الخبير الأقتصادى،فى تصريحه الخاص ل"أهل مصر" أن تصنيع القطن في شكل منتج نهائى من "منتجات الملابس والأقمشة" يرفع القيمة البيعية، التي لن تقل عن عشر أضعاف بيع القطن خام, وبذلك يمكن للقطن كسلعة أن يساهم بشكل فعال في زيادة قيمة الصادرات بشكل كبير في المستقبل القريب ، مشيرًا إلي أن هناك بعد استراتيجي هام لتصدير القطن في صورته الحالية كمادة خام وهو كمية المياة المستخدمة في زراعة القطن, حيث لابد من تحقيق اقصي استفادة بتصنيع القطن وليس بيعة كماده خام, فهناك دول تستورد منتجات غذائية وزراعية لتعويض ظروفة مناخية معينة في البلد المستوردة أو لنقص موسمي في المياة, وبالتالي لا يعقل أن لا تستفيد مصر وتحقق أقصي استفادة في ظل الأزمة المخاطر المائية التي تحيط بمصر في الوقت الحالي.
وأضاف أن معهد بحوث القطن يقوم بجهود كبيرة فى استنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية وجودة متميزة، كما أن هناك محاولات ناجحة لتقليل استخدام المياه في زراعة القطن, حيث هناك حلول بديلة وخارج الصندوق لزراعة القطن قصير التيلة، ويمكن استخدام مياه الصرف الصحى في الزراعة، وهناك فرص لزراعة القطن في طريق العلمين, كما أن هناك فرص في استخلاص زيت بذرة القطن كمنتج محلي للطهي وله فوائد صحية ويصلح أن يكون بديل لزيت الصويا والنخيل المستورد، وإن كان يري الكثير أن نوعية هذا الزيت غير منتشرة لارتفاع أسعاره، ولكن في النهاية يمكن أن يكون فرصة هامة للإنطلاق نحو تنمية هذه الصناعة بشكل متكامل .
وأرجع الخبير الاقتصادى تدنى إنتاج القطن المصري بسب عدة عوامل أهمها الإهمال و الفساد الإداري والمالي، ووجود مشكلات تقنية وفنية في عملية زراعة القطن تكمن في الجني والتعبئة في شكائر البلاستيك غير مخصصة للقطن، مما يؤثر علي درجة نقاء القطن وغالباً تظهر هذه المشكلة في المراحل النهائية في الصناعة عند صباغة المنسوجات القطنية.
وأضاف أن هناك أزمة في التنسيق بين المطلوب فعلياً من استهلاك المحلي وتصدير وبين الكميات المزروعة, وبالتالي فهناك أزمة تسويق، حيث في بعض الأوقات يكون هناك فائض عن الاحتياج دون تحقيق الاستغلال الأمثل, كما لابد أن تكون زراعة القطن محفزة للفلاح المصري في حين يري الكثير من الفلاحين أن القطن أصبح بلا مميزات للفلاح المصري ولذلك لابد أن يحقق الفلاح هامش ربح مقبولاً .
وأكد الخبير الاقتصادى ، أن السياسات المتبعة حالياً في مصر تقدم نوع من أنواع الدعم غير المباشر للمزارع الأمريكي، لأنه ببساطه مصر تصدر خام أكثر جودة وتترك الفرصة للقطن الأمريكي الأقل جودة، كما أن أمريكا تدعم مزارعين القطن بمليارات الدولارات سنويًا لزيادة صادرات القطن، مؤكداً أنه لا يمكن إغفال جهود الدولة التي تسعي بشكل كبير في تطوير منظومة زراعة القطن وصناعة الغزل والنسيج، حيث قدمت الحكومة رؤية لتطوير بعد الاستعانة بشركة برايس واتر هاوس، لإعادة الهيكلة المالية ودمج شركات الغزل والنسيج، كما يمكن القول أنه يوجد جهود لربط الشركات والمصانع بالبحث العلمي لزيادة وتطوير الإنتاج وضمان تقديم سلاسل امداد من خلال التنسيق مع معهد بحوث القطن، مشيرًا إلى أن تكلفة خطة التطوير تزيد عن 20 مليار جنيه، كما تم التعاقد علي شراء ماكينات جديدة من دول الاتحاد الأوروبي، والتي ستعمل علي زيادة الطاقة الإنتاجية ورفع جودة المنتج النهائي وتقليل تكلفة الإنتاج، وأيضًا التعاقد مع شركة هاندا الصينية المتخصصة فى صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة لإنشاء مصنع فى مصر, ويمكن أن نري نتائج التطويرخلال سنتين الي ثلاث سنوات سيحدث تغير شامل وجذري في صناعة الغزل والنسيج في مصر، موضحاً أن تكلفة اعادة تأهيل مصانع الغزل والنسيج بكل تأكيد ستكون أقل من تكلفة بيع القطن كمادة خام كما سيساعد هذا التأهيل علي دفع مؤشرات الاقتصاد الكلي المصري للامام ،وأن هناك جهود من المصنعين تتم تحت رعاية وزارة الصناعة والتجارة وبالتعاون مع جمعية مصدرين الأقطان وأصحاب العلامة التجارية القطنية المصرية تم تشكيل جمعية القطن – مصر CEA وذلك بغرض تحسين صورة القطن المصرى، وانشاء برند تجاري يساعد في تسويق القطن المصري من خلال ترخيص شعارها، والذى يهدف إلى توثيق جودة القطن المصرى، من خلال الحمض النووى
وناشد الخبير الاقتصادى رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي بضرورة العمل علي تعجيل خطة تطوير صناعة الغزل والنسيج في مصر بل والغاء تصدير القطن كمادة خام بأسرع وقت ممكن، بما يحقق طفرات متعددة في زراعة القطن و تطوير الصناعات الوطنية في الغزل والنسيج وتعظيم قيمة الصادرات المصرية، فلابد من الوضع في الاعتبار أن ما يصدر خام تستورده مصر في صورة ملابس جاهزة بأرقام كبيرة ولا تستفيد مصر من الربح الكبير الذي يذهب للشركات والمصانع في الدول المصدرة للمنتجات النهائية.