قال الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى والمصرفى، إن استمرار انتشار الوباء؛ ودخول العالم في موجة ثانية لفيروس كورونا، وفي ظل عدم وجود لقاح أو مصل أو علاج حتى الآن، سوف يدفع الاقتصاد العالمي، للدخول في مرحلة شديدة طويلة الأمد من الكساد، الذي قد تتعدى آثاره، الآثار المُدمرة للاقتصاد العالمي أثناء الكساد العظيم في ثلاثنيات القرن الماضي، نظراً لان الأزمة المالية الحالية، تختلف عن أي أزمة مالية أخرى؛ نظراً لأنها تتعلق بجائحة صحية، متعلقة بأخطر أمراض الجهاز التنفسي على الإطلاق؛ والتي تَحد بشكل اساسي من حرية الانتقال فيما بين الدول، وايضا؛ داخل اقاليم الدولة الواحدة.
وأوضح الخبير الاقتصادى لـ"أهل مصر"، أن كل ذلك يُلقي بتداعياته السلبية على العملية الإنتاجية وحركة التجارة الدولية، وبما سيكون له اكبر الأثر في إعادة تشكيل الخريطة السياسية والاقتصادية للمجتمع الدولي، بشكل مختلف تماماً عما شهده العالم بشأن أزمة الائتمان في 2008، مضيفا أنه من المتوقع ان تتربع كل من روسيا والصين على عرش الاقتصادات التي سوف تشهد طفرة غير مسبوقة في معدلات النمو الاقتصادي؛ على حساب الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوربي.
وأضاف أنه من المتوقع؛ تأثر قطاعات الاقتصاد القومي المصري بتلك التطورات، ولكن هناك بعض القطاعات؛ سيكون التأثير السلبي عليها محدود للغاية؛ على رأس تلك القطاعات: قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،والذي يُعد احد اهم القطاعات الواعدة في الاقتصاد، والذي يمتلك فرصة كبيرة في مشروعات المالية العامة، بالتعاون مع البنك المركزي المصري، فيما يتعلق بتبني تنفيذ استراتيجية الشمول المالي والربط الإلكتروني وتسوية المدفوعات الحكومية، فضلا عن تنامي القطاع الزراعي والتصنيع الزراعي، نظراً لوجود مساحة ضخمة من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، والتي تسمح بالاكتفاء الذاتي للسوق المحلي من السلع النهائية والسلع الوسيطة التي تُعد مدخلات لكثير من الصناعات الزراعية، مع توجيه جزء كبير إلى التصدير، واستقطاب عملات اجنبية داخلة، تَسهم بشكل اساسي في تحسين الميزان التجاري للدولة، فضلاً عن الثقة التي يلقاها الاقتصاد المصري من المؤسسات الدولية مثل (مؤسسة موديز التصنيف الائتماني، ستاندر آند بورز ) في الابقاء على تصنيف مصر عند B2 مع "نظرة مستقبلية مستقرة"، وتوقعات صندوق النقد الدولى، في شأن تحقيق الاقتصاد المصري لمعدلات نمو إيجابية، بالمقارنة بتصنيف سلبي لمعظم اقتصادات دول الاتحاد الاوربي وأفريقيا.
وأشار إلى أن كل ذلك سوف يؤدي في الآجل القصير والمتوسط؛ إلى تدفق المزيد من الاستثمارات الاجنبية، في ظل سعي الحكومة في الوقت الراهن نحو زيادة الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم والبنية التحتية وتمويل المشروعات التنموية وبصفة خاصة، القطاع الصناعي الخاص والاهتمام بالمشروعات الصغيرة، مع الاستفادة بإنخفاض اسعار النفط، في مواجهة الضغوط التصخمية، من خلال تخفيض اسعار الطاقة والوقود خلال الفترة المقبلة، والاستمرار في تقديم المزيد من دعم الغاز للمصانع التي تنتج سلع استراتيجية بديلة للاستيراد، مع ضرورة السير قُدماً في انتاج العديد من السلع التي لها طلب عالمي، وتوطين بعض الصناعات الأساسية ذات الطابع التكنولوجي، من أجل رفع قدرات التصنيع وزيادة الصادرات السلعية.
وتابع الخبير الاقتصادى أنه على إثر ذلك؛ من المفيد أن تستفيد الحكومة من هذا الدرس الصعب، الذي كان له أثر الصدمة على كافة بلدان العالم؛ فقد أصبح الأمر ملحاً، قبل أي وقت مضى، من ضرورة إنتهاج استراتيجية إحلال سلع الواردات، من خلال تشجيع المنتج المحلي، وزيادة درجة جودته، خصوصاً في مجال السلع غير كثيفة التكنولوجيا، والتي كانت مصر تستوردها من الصين، وبما قد يحقق طفرة صناعية غير مسبوقة، إذا ما علمنا ان حجم التبادل التجاري بين مصر والصين على سبيل المثال؛ يبلغ نحو 13 مليار دولار، وبما يُمثل نحو 25٪ من إجمالي قيمة الواردات، من بينها واردات بنحو 11 مليار دولار، وبما يسمح بخلق نافذة محلية، لتشجيع الطلب الداخلي، في ظل بيئة ملائمة للانطلاق نحو التصنيع، فضلاً عن مرونة الاقتصاد المصري، للتكيف لكافة المتغيرات الحادثة على المشهد العالمي؛ باعتباره اقتصاد عيني قوي، قادر على مواجهة الصدمات المالية الشديدة؛ لما يتميز به من قوة مؤسسية قوية، متمثلة في اراضي شاسعة صالحة للنشاط الزراعي والصناعي، فضلاً عن سوق عمالة واعد، لفئات عمرية شبابية قادرة على العمل، بالاضافة إلى وجود سوق استهلاكي قوامه أكثر من 100 مليون نسمة.
مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تكون لتلك التداعيات؛ إنعكاسات سلبية على سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية الأخرى، نظراً لتوقع إنخفاض حصيلة التدفقات الداخلة بشكل كبير، جراء تقلص صناعة السياحة ورسوم المرور لقناة السويس وإنخفاض تحويلات العاملين بالخارج في المدي المتوسط، فضلاً عن خروج استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية بمعدلات كبيرة نسبياً.